86
عصر الخلفاء الراشدين (1) أبوبكر الصديق رضي الله عنه شخصيته وعصره
الفصل الثاني:وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وسقيفة بني ساعدة وجيش أسامة
المبحث الأول:وفاة الرسول وسقيفة بني ساعدة
ثالثاً: سقيفة بني ساعدة:
لما علم الصحابة رضي الله عنهم بوفاة رسول الله e اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة في اليوم نفسه وهو يوم الاثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول من السنة الحادية عشر للهجرة، وتداولوا الأمر بينهم في اختيار من يلي الخلافة من بعده([49]).
والتف الأنصار حول زعيم الخزرج سعد بن عبادة t ولما بلغ خبر اجتماع الأنصار في سقيفة بني ساعدة إلى المهاجرين وهم مجتمعون مع أبي بكر الصديق t لترشيح من يتولى الخلافة([50])، قال المهاجرون لبعضهم: انطلقوا بنا إلى إخواننا من الأنصار، فإن لهم في هذا الحق نصيباً([51])، قال عمر t: فانطلقنا نريدهم، فلما دنونا منهم لقينا منهم رجلان صالحان، فذكر ماتمالأ عليه القوم. فقالا: أين تريدون يامعشر المهاجرين؟ قلنا: نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار، فقالا: لاعليكم أن لاتقربوهم، اقضوا أمركم. فقلت: والله لنأتينَّهم([52])، فانطلقنا حتى أتيناهم في سقيفة بني ساعدة، فإذا رجل مزمِّلُ بين ظهرانيهم، فقلت: من هذا؟ فقالوا: هذا سعد بن عبادة، فقلت: ماله؟ قالوا: يُوعَك. فلما جلسنا قليلاً تشهَّد خطيبهم فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: أما بعد فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام وأنتم -معشر المهاجرين- رهط، وقد دفت دافة من قومكم([53])، فإذا هم يريدون أن يختزلونا من أصلنا وأن يحضنونا من الأمر([54])، فلما سكت أردت أن أتكلم- وكنت قد زوَّرتُ مقالة أعجبتني أريد أن أقدّمها بين يدي أبي بكر- وكنت أداري منه بعض الحدِّ، فلما أردت أن أتكلم قال أبو بكر: على رسلك. فكرهت أن أغضبه، فتكلم أبو بكر، فكان هو أحلم مني وأوقر، والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلا قال في بديهته مثلها أو أفضل منها حتى سكت. فقال: ماذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل، ولن يُعرف هذا الأمر إلا لهذا الحيِّ من قريش، هم أوسط العرب نسباً وداراً. وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم -فأخذ بيدي ويد أبي عُبيدة بن الجراح وهو جالس بيننا- فلم أكره مما قال غيرها، والله أن أقدّم فتضرب عنقي لايُقرِّبني ذلك من إثم أحب إليَّ من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر، اللهم إلا أن تُسَوِّل إليَّ نفسي عند الموت شيئاً لاأجده الآن.
فقال قائل من الأنصار: أنا جُذيلها المحكَّك، وعُذيقُها المرجَّب([55])، منا أمير ومنكم أمير يامعشر قريش، فكثر اللغط، وارتفعت الأصوات، حتى فرقت من الاختلاف فقلت: أبسط يدك يا أبا بكر، فبسط يده، فبايعته وبايعه المهاجرون ثم بايعته الأنصار([56]).
وفي رواية أحمد:... فتكلم أبو بكر t فلم يترك شيئاً أنزل في الأنصار ولاذكره رسول الله e من شأنهم إلا وذكره، وقال: ولقد علمتم أن رسول الله e قال: لو سلك الناس وادياً وسلكت الأنصار وادياً سلكت وادي الأنصار، ولقد علمت ياسعد([57]) أن رسول الله e قال وأنت قاعد: قريش ولاة هذا الأمر فَبَرُّ الناس تبع لبّرِّهم، وفاجر الناس تبع لفاجرهم، قال فقال له سعد: صدقت نحن الوزراء وأنتم الأمراء([58]).
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق