204
عصر الخلفاء الراشدين (1) أبوبكر الصديق رضي الله عنه شخصيته وعصره
الفصل الرابع : فتوحات الصديق واستخلافه لعمر رضي الله عنهم ووفاته
المبحث الأول : فتوحات العراق
ثانياً: معارك خالد بن الوليد بالعراق:
3-معركة الولجة:
وصل نبأ نكبة الفرس في المذار إلى كسرى فبعث الأند زغر على رأس جيش عظيم واردفه بجيش آخر عليه بهمن جاذويه وتحرك الاندرزغر من المدائن حتى انتهى إلى كسكر ومنها إلى الولجة وخرج بهمن جاذويه سالكاً وسط السواد يريد أن يحضر جيش المسلمين بينه وبين الاندرزغر واستطاع أن يحشر في طريقه عدداً من الأعوان والدهاقين وتجمعت القوة الفارسية في الولجة وعندما شعر الاندرزغر ان حشوده أصبحت كبيرة قرر الزحف على خالد، ولما بلغ خالد وهو بالثني (مكان قرب البصرة ومعناه منعطف النهر والجبل) تجمع الفرس ونزولهم الولجة رأى ان من الأفضل للمسلمين أن يهاجموا هذه الحشود الكبيرة من ثلاث جهات حتى يفرقوا جموعهم وتكون المفاجأة للفرس مربكة وأخذ يعد العدة لتنفيذ خطة الهجوم، ولكي يؤمن خطوطه الخلفية أمر سويد بن مقرن بلزوم الحضيروتحرك بجيشه حتى وصل الولجة وبعد أن قام باستطلاع واف للمنطقة وجد أن ميدان المعركة ارض مستوية وواسطة تصلح للقتال وتسمح بحرية الحركة، ولما كان خالد قد قرر أن يهاجم قوات الفرس من ثلاث جبهات فقد نفذ خطته وبعث بفرقتين لمهاجمة حشود الفرس من الخلف والجانبين، وبدأت المعركة واشتد القتال بين الفريقين وشدد خالد بهجومه من المقدمة، وفي الوقت المناسب انقض الكمينان على مؤخرة جيش العدو فحلت به الهزيمة المنكرة، وفر الاندرزغر مع عدد من رجاله ولكنهم ماتوا عطشاً( ) وقام خالد في الناس خطيباً، فرغبهم في بلاد الأعاجم وزهدهم في بلاد العرب وقال: ألا ترون ماهاهنا من الأطعمات؟ وبالله لو لم يلزمنا الجهاد في سبيل الله والدعاء إلى الإسلام ولم يكن إلا المعاش لكان الرأي أن نقاتل على هذا الريف حتى نكون أولى به، ونولّي الجوع والإقلال من تولاه ممن اثاقل عما أنتم عليه. ثم خمس الغنيمة ، وقسم أربعة أخماسها، وبعث الخمس إلى الصديق، وأسر من أسر من ذراري المقاتلة وأقر الفلاحين بالجزية( ) وفي خطبة خالد بن الوليد للناس إشارة إلى أن العرب وهم في جاهليتهم إضافة الى أنهم ليسوا من طلاب الآخرة فإنهم لم يظفروا بالدنيا لتفرقهم وتناحرهم فيما بينهم، فخالد يقول: نحن طلاب الآخرة ولنا هدف سام نسعى إليه، من أجله ندعو ومن أجله نجاهد، ولو فرض أننا لانحمل هذا الهدف ولا نجاهد من أجله فإن العقل يقتضي أن نقاتل من أجل أن نصلح أحوالنا المعيشية وخالد حينما يذكر ذلك لايجعل هذا الموقف ثنائياً مع الهدف السامي الذي ذكره، وإنما يذكر ذلك على أنه مجرد إفتراض يفرض نفسه لو لم يوجد الهدف السامي المذكور، وكأنه يقول: إذا كنا سنقارع هؤلاء من أجل هذا الهدف الدنيوي أفلا نقارعهم من أجل الهدف الأخروي وابتغاء مرضاة الله جل وعلا؟
وهذا الكلام يشحذ الهمم ويقوي العزم، ويحي القلب ويفجر الطاقات، فتنطلق بعد ذلك النفوس المؤمنة مجاهدة في سبيل الله تعالى بكل طاقاتها وإمكاناتها وقدراتها( ).
وجاء في رواية: أن في يوم الولجة بارز خالد رجلاً من أهل فارس يعدل بألف رجل فقتله، فلما فرغ اتكأ عليه ودعا بغدائه( )، وهذا التصرف الجليل من سيف الله ? فيه إذلال للفرس وتحطيم لجبروتهم وتغطرسهم وإضعاف لعزائمهم( ).
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق