196
عصر الخلفاء الراشدين (1) أبوبكر الصديق رضي الله عنه شخصيته وعصره
الفصل الرابع : فتوحات الصديق واستخلافه لعمر رضي الله عنهم ووفاته
المبحث الأول : فتوحات العراق
أولاً: خطة الصديق لفتح العراق:
3-تحديد الحيرة كموقع استراتيجي:
كان هدف الخليفة الصديق السيطرة على الحيرة وذلك لأهميتها العسكرية، فالحيرة تقع على بعد ثلاثة أميال جنوب (الكوفة) وتبعد عن (النجف) مسيرة ساعة للفارس إلى الجنوب الشرقي للنجف، والناظر على الخارطة، يرى لأول وهلة، أهمية هذا الموقع الاستراتيجي، فالحيرة كانت (عقد مواصلات) في نقطة تتصل بها الطرق من جميع الاتجاهات، فهي تتصل بالمدائن من الشرق عبر نهر الفرات، وتتصل شمالاً بـ (هيت)، وتتصل بـ (الأنبار) على جسر الأنبار، وتتصل بالشام من الغرب، كما تتصل بـ (الأبلة) في منطقة (البصرة) بالعراق، وفي (كسكر) في (السواد)، وفي (النعمانية) على نهر دجلة ومن هذا يتضح جلياً، أهمية السيطرة على هذا الموقع الهام، وكان الصديق مصيباً عندما جعلها هدفاً لجيشين، هما جيش خالد، وجيش عياض، فالحيرة كانت قلب العراق، وأقرب منطقة مهمة إلى المدائن، عاصمة الامبراطورية الفارسية، التي كانت تدرك هذه القيمة الاستراتيجية للحيرة، ولذا كانت ترسل القوات باتجاهها دائماً لاستعادتها، لأن المسيطر على الحيرة، يؤمن سيطرته على المنطقة الكائنة غربي الفرات بأجمعها وهي عدا عن هذا، كانت مهمة للقوات الإسلامية في قتالها الروم في بلاد الشام( ).
إن تخطيط الصديق للوصول إلى الحيرة في الفتوحات يعرف في الخطط العسكرية للجيوش الحديثة بحركة فكي الكماشة أو عملية الالتفاف الدائري بأكثر من جيش وهذا يؤكد أن عملية فتح العراق وضم أطراف شبه الجزيرة العربية عن طريق الجهاد لم تكن محض مصادفة أو نتيجة لمجريات الحوادث( ) ويظهر للباحث فقه أبي بكر ? في التخطيط الجهادي بأنه كان يرتكز على اتخاذ القرارات بتنظيم الجيوش وتوجيهها وتحديد واجباتها وأهدافها، وتنسيق التعاون فيما بينها، وتحقيق التوازن على مسارح العمليات، غير أنه يترك لقادته حرية العمل العسكري، لإدارة العمليات القتالية بالأساليب التي يرونها مناسبة، وبالطرائق التي تستجيب لها يجابهونه من مواقف( ).
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق