151
عصر الخلفاء الراشدين (1) أبوبكر الصديق رضي الله عنه شخصيته وعصره
الفصل الثالث: جيش أسامة وجهاد الصديق لأهل الردة
المبحث الثالث : الهجوم الشامل على المرتدين
ثانياً: القضاء على فتنة الأسود العنسي وطليحة الأسدي، ومقتل مالك بن نويرة:
2-القضاء على فتنة طليحة الأسدي:
د-دروس وعبر وفوائد:
• من نتائج معركة بزاخة:
القضاء على قوة أحد الأدعياء الأقوياء،وعودة فريق كبير من العرب إلى حظيرة الإسلام، فقد أقبلت بنو عامر بعد هزيمة بزاخة يقولون : ندخل فيما خرجنا منه فبايعهم خالد على مابايع عليه أهل بزاخة من أسد وغطفان وطئ قبلهم وأعطوه بأيديهم على الإسلام، ولم يقبل أحد من أسد ولاغطفان ولاهوازن ولاسليم ولاطيئ إلا أن يأتوه بالذين حرقوا ومثلوا وعدوا على أهل الإسلام في حال ردتهم. فأتوه بهم ... فمثل خالد بن الوليد -بالذين عدوا على الإسلام، فأحرقهم بالنيران ورضخهم بالحجارة، ورمى بهم في الجبال، ونكسهم في الآبار، وخزق بالنبال وبعث بقرة بن هبيرة والأسارى، وكتب إلى أبي بكر: إن بني عامر أقبلت بعد إعراض، ودخلت في الإسلام بعد تربص وإني لم أقبل من أحد قاتلني أو سالمني شيئاً حتى يجيئوني بمن عدا على المسلمين فقتلتهم كل قتلة، وبعثت إليك بقرة وأصحابه( )، وكان عيينة بن حصن من بين الأسرى فأمر خالد بشد وثاقه تنكيلاً به، وبعثه إلى المدينة ويداه إلى عنقه، إزراء عليه وإرهاباً لسواه، فلما دخل المدينة على هيئته تلقاه صبيان المدينة مستهزئين وأخذوا يلكزونه بأيديهم الصغيرة قائلين: (أي عدو الله! ارتددت عن الإسلام!!) فيقول: والله ماكنت آمنت قط، وجئ به إلى خليفة رسول الله، ولقي من الخليفة سماحة لم يصدقها وأمر بفك يديه، ثم استتابه، فأعلن عيينة توبة نصوحاً، واعتذر عما كان منه وأسلم وحسن إسلامه( ).
ومضى طليحة، حتى، نزل كلب( ) على النَّقع، فأسلم ولم يزل مقيماً في كلب حتى مات أبو بكر، وكان إسلامه هنالك حين بلغه أن أسداً، وغطفان، وعامراً قد أسلموا، ثم خرج نحو مكة معتمراً في إمارة أبي بكر، ومرّ بجنبات المدينة، فقيل لأبي بكر: هذا طليحة، فقال: ما أصنع به! خلوا عنه، فقد هداه الله للإسلام( ) وقد جاء عند ابن كثير: وأما طليحة فإنه راجع الإسلام بعد ذلك أيضاً وذهب إلى مكة معتمراً أيام الصديق واستحيَ أن يواجهه مدة حياته، وقد منع الصديق المرتدين من المشاركة في فتوحاته بالعراق والشام ويحتمل أن يكون ذلك من باب الاحتياط لأمر الأمة، لأن من كان له سوابق في الضلال والكيد للمسلمين لايُؤمن أن يكون رجوعه من باب الاستسلام لقوة المسلمين فأبوبكر ? من الأئمة الذين يرسمون للناس خط سيرهم ويتأسى بهم الناس بأقوالهم وأفعالهم فهو لذلك يأخذ بمبدأ الاحتياط لما فيه صالح الأمة، وإن كان في ذلك وضع من شأن بعض الأفراد( ) وهذا درس عظيم تتعلمه الأمة في عدم وضع الثقة بمن كانت لهم سوابق في الإلحاد ثم ظهر منهم العودة إلى الالتزام بالدين.
إن وضع الثقة الكاملة بهؤلاء وإسناد الأعمال القيادية لهم قد جرَّ على الأمة أحياناً ويلات كثيرة وأوصلها إلى مآزق خطيرة، على أن أخذ الحذر من مثل هؤلاء لايعني اتهامهم في دينهم ولانزع الثقة منهم بالكلية، وهذا معلم من سياسة الصديق في التعامل مع أمثال هؤلاء( ).
هذا وقد حسن إسلام طليحة واتى عمر إلى البيعة حين استخلف. وقال له عمر: أنت قاتل عكاشة وثابت( )، والله لاأحبُّك أبداً. فقال: يا أمير المؤمنين، ماتهتم من رجلين أكرمهما الله بيدي، ولم يُهنِّي بأيديهما! فبايعه عمر ثم قال له: ياخُدَع، مابقي من كهانتك؟ قال: نفخة أو نفختان بالكير. ثم رجع إلى دار قومه، فأقام بها حتى خرج إلىالعراق( )، وقد كان إسلامه صحيحاً ولم يُغْمض( ) عليه فيه وقال يعتذر ويذكر ماكان منه:
ندمت على ماكان من قتل ثابت
وعُكَّاشة الغنمِّي ثم ابن معبد
واعظم من هاتين عندي مصيبةً
رجوعي عن الإسلام، فعل التعمُّد
وتركي بلادي والحوادث جَمَّةٌ
طريداً، وقد ماكنت غير مطرَّد
فهل يقبل الصديق أني مراجع
ومُعطٍ بما أحدثتُ من حدثٍ يدي
وأني من بعد الضلالة شاهد
شهادة حقٍّ ليس فيها بملحد
بأن إله الناس ربي وأنني
ذليل وأن الدين دينُ محمد( )
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق