إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 4 أبريل 2015

1575 البداية والنهاية ( ابن كثير ) الجزء التاسع ثم دخلت سنة تسع وتسعين



1575


البداية والنهاية ( ابن كثير ) الجزء التاسع

 ثم دخلت سنة تسع وتسعين

وفي أيامه جددت المقصورة واتخذ ابن عمه عمر بن عبد العزيز مستشاراً ووزيراً، وقال له‏:‏ إنا قد ولينا ما ترى وليس لنا علم بتدبيره، فما رأيت من مصلحة العامة فمر به فليكتب، وكان من ذلك عزل نواب الحجاج وإخراج أهل السجون منها، وإطلاق الأسرى، وبذل الأعطية بالعراق، ورد الصلاة إلى ميقاتها الأول، بعد أن كانوا يؤخرونها إلى آخر وقتها، مع أمور حسنة كان يسمعها من عمر بن عبد العزيز، وأمر بغزو القسطنطينية فبعث إليها من أهل الشام والجزيرة والموصل في البر نحواً من مائة ألف وعشرين ألف مقاتل، وبعث من أهل مصر وإفريقية ألف مركب في البحر عليهم عمر بن هبيرة، وعلى جماعة الناس كلهم أخوه مسلمة، ومعه ابنه داود بن سليمان بن عبد الملك في جماعة من أهل بيته، وذلك كله عن مشورة موسى بن نصير‏:‏ حين قدم عليه من بلاد المغرب، والصحيح أنه قدم في أيام أخيه الوليد، والله أعلم‏.‏

قال ابن أبي الدنيا‏:‏ حدثني محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الكوفي، عن جابر بن عون الأسدي‏.‏ قال‏:‏ أول كلام تكلم به سليمان بن عبد الملك حين ولى الخلافة أن قال‏:‏ الحمد لله الذي ما شاء صنع وما شاء رفع وما شاء وضع، ومن شاء أعطى ومن شاء منع‏.‏ إن الدنيا دار غرور، ومنزل باطل، وزينة تقلب، تضحك باكياً وتبكي ضاحكاً، وتخيف آمناً وتؤمن خائفاً، تفقر مثريها، وتثري فقيرها، ميالة لاعبة بأهلها‏.‏ يا عباد الله اتخذوا كتاب الله إماماً، وارضوا به حكماً، ‏(‏ج/ص‏:‏ 9/203‏)‏ واجعلوه لكم قائداً، فإنه ناسخ لما قبله، ولم ينسخه كتاب بعده‏.‏ اعلموا عباد الله أن هذا القرآن يجلو كيد الشيطان وضغائنه كما يجلو ضوء الصبح إذا تنفس أدبار الليل إذا عسعس‏.‏

وقال يحيى بن معين، عن حجاج بن محمد، عن أبي معشر، عن محمد بن قيس، قال‏:‏ سمعت سليمان بن عبد الملك يقول في خطبته‏:‏ فضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على خلقه‏.‏

وقال حماد بن زيد، عن يزيد بن حازم‏.‏ قال‏:‏ كان سليمان بن عبد الملك يخطبنا كل جمعة لا يدع أن يقول في خطبته وإنما أهل الدنيا على رحيل، لم تمض لهم نية ولم تطمئن بهم حتى يأتي أمر الله ووعده وهم على ذلك، كذلك لا يدوم نعيمها، ولا تؤمن فجائعها ولا تبقى من شر أهلها ثم يتلو‏:‏ ‏{‏أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ‏}‏ ‏[‏الشعراء‏:‏ 205-207‏]‏‏.‏

وروى الأصمعي أن نقش خاتم سليمان كان‏:‏ آمنت بالله مخلصاً، وقال أبو مسهر، عن أبي مسلم سلمة بن العيار الفزاري‏.‏ قال‏:‏ كان محمد بن سيرين يترحم على سليمان بن عبد الملك، ويقول‏:‏ افتتح خلافته بخير وختمها بخير، افتتحها بإجابة الصلاة لمواقيتها، وختمها باستخلافه عمر بن عبد العزيز‏.‏

قد أجمع علماء الناس والتواريخ أنه حج بالناس في سنة سبع وتسعين وهو خليفة، قال الهيثم بن عدي قال الشعبي‏:‏ حج سليمان بن عبد الملك فلما رأى الناس بالموسم قال لعمر بن عبد العزيز‏:‏ ألا ترى هذا الخلق الذي لا يحصى عددهم إلا الله، ولا يسع رزقهم غيره، فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين هؤلاء رعيتك اليوم، وهم غداً خصماؤك عند الله، فبكى سليمان بكاءً شديداً، ثم قال‏:‏ بالله أستعين‏.‏



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق