إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 4 أبريل 2015

1574 البداية والنهاية ( ابن كثير ) الجزء التاسع ثم دخلت سنة تسع وتسعين


1574

البداية والنهاية ( ابن كثير ) الجزء التاسع

 ثم دخلت سنة تسع وتسعين


فيها كانت وفاة سليمان بن عبد الملك أمير المؤمنين يوم الجمعة لعشر مضين، وقيل بقين من صفر منها، عن خمس وأربعين سنة، وقيل عن ثلاث وأربعين، وقيل أنه لم يجاوز الأربعين‏.‏

وكانت خلافته سنتين وثمانية أشهر، وزعم أبو أحمد الحاكم‏:‏ أنه توفي يوم الجمعة لثلاث عشر بقيت من رمضان منها، وأنه استكمل في خلافته ثلاث سنين وثلاثة أشهر وخمسة أيام، وله من العمر تسع وثلاثون سنة، والصحيح قول الجمهور وهو الأول، والله أعلم‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 9/201‏)‏

وهو سليمان بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس القرشي الأموي، أبو أيوب‏.‏

كان مولده بالمدينة في بني جذيلة، ونشأ بالشام عند أبيه، وروى الحديث عن أبيه، عن جده، عن عائشة أم المؤمنين، في قصة الإفك، رواه ابن عساكر من طريق ابنه عبد الواحد بن سليمان، عنه، وروى عن عبد الرحمن بن هنيدة أنه صحب عبد الله بن عمر إلى الغابة قال‏:‏ فسكت، فقال لي ابن عمر‏:‏ مالك‏؟‏ فقال‏:‏ إني كنت أتمنى‏.‏ فقال ابن عمر‏:‏ فما تتمنى يا أبا عبد الرحمن‏؟‏ فقال لي‏:‏ لو أن لي أحداً هذا ذهباً أعلم عدده وأخرج زكاته ما كرهت ذلك، أو قال‏:‏ ما خشيت أن يضرّ بي‏.‏ رواه محمد بن يحيى الذهلي، عن أبي صالح، عن الليث، عن عبد الرحمن بن خالد بن مسافر، عن الزهري، عنه‏.‏

قال ابن عساكر‏:‏ وكانت داره بدمشق موضع ميضأة جيرون الآن في تلك المساحة جميعها، وبنى داراً كبيرةً مما يلي باب الصغير، موضع الدرب المعروف بدرب محرز، وجعلها دار الإمارة، وعمل فيها قبة صفراء تشبيهاً بالقبة الخضراء، قال‏:‏ وكان فصيحاً مؤثراً للعدل محباً للغزو، وقد أنفذ الجيش لحصار القسطنطينية حتى صالحوهم على بناء الجامع بها‏.‏

وقد روى أبو بكر الصولي‏:‏ أن عبد الملك جمع بنيه، الوليد وسليمان و مسلمة، بين يديه فاستقرأهم القرآن فأجادوا القراءة، ثم استنشدهم الشعر فأجادوا، غير أنهم لم يكملوا أو يحكموا شعر الأعشى، فلامهم على ذلك، ثم قال‏:‏ لينشدني كل رجل منكم أرق بيت قالته العرب ولا يفحش، هات يا وليد، فقال الوليد‏:‏

ما مركبٌ وركوبُ الخيلِ يعجبني * كمركب بين دملوجٍ وخلخالِ

فقال عبد الملك‏:‏ وهل يكون من الشعر أرق من هذا‏؟‏ هات يا سليمان، فقال‏:‏

حبذا رجعها يديها إليها * في يدي درعها تحل الإزارا

فقال‏:‏ لم تصب، هات يا مسلمة، فأنشده قول امرئ القيس‏:‏

وما ذرفت عيناك إلا لتضربي * بسهميك في أعشار قلب مقتَّل

فقال‏:‏ كذب امرؤ القيس ولم يصب، إذا ذرفت عيناها بالوجد فما بقى إلا اللقاء، وإنما ينبغي للعاشق أن يغتضي منها الجفاء ويكسوها المودة، ثم قال‏:‏ أنا مؤجلكم في هذا البيت ثلاثة أيام فمن أتاني به فله حكمه، أي مهما طلب أعطيته، فنهضوا من عنده فبينما سليمان في موكب إذا هو بأعرابي يسوق إبله وهو يقول‏:‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 9/202‏)‏

لو ضربوا بالسيف رأسي في مودتها * لمال يهوي سريعاً نحوها رأسي

فأمر سليمان بالأعرابي فاعتقل، ثم جاء إلى أبيه فقال‏:‏ قد جئتك بما سألت، فقال‏:‏ هات، فأنشده البيت فقال‏:‏ أحسنت، وأنى لك هذا‏؟‏ فأخبره خبر الأعرابي، فقال‏:‏ سل حاجتك ولا تنس صاحبك‏.‏ فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين إنك عهدت بالأمر من بعدك للوليد، وإني أحب أن أكون ولي العهد من بعده، فأجابه إلى ذلك، وبعثه على الحج في إحدى وثمانين، وأطلق له مائة ألف درهم، فأعطاها سليمان لذلك الأعرابي الذي قال ذلك البيت من الشعر، فلما مات أبوه سنة ست وثمانين وصارت الخلافة إلى أخيه الوليد، كان بين يديه كالوزير والمشير، وكان هو المستحث على عمارة جامع دمشق، فلما توفي أخوه الوليد يوم السبت للنصف من جمادى الآخرة سنة ست وتسعين، كان سليمان بالرملة، فلما أقبل تلقاه الأمراء ووجوه الناس، وقيل إنهم ساروا إليه إلى بيت المقدس فبايعوه هناك، وعزم على الإقامة بالقدس، وأتته الوفود إلى بيت المقدس، فلم يروا وفادة هناك، وكان يجلس في قبة في صحن المسجد مما يلي الصخرة من جهة الشمال، وتجلس أكابر الناس على الكراسي، وتقسم فيهم الأموال، ثم عزم على المجيء إلى دمشق، فدخلها وكمل عمارة الجامع‏.‏



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق