إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 26 أبريل 2015

2464 البداية والنهاية ( ابن كثير ) الجزء الحادي عشر شيء من أخبار عضد الدولة


2464

البداية والنهاية ( ابن كثير ) الجزء الحادي عشر

 شيء من أخبار عضد الدولة

أبو شجاع بن ركن الدولة أبو علي الحسين بن بويه الديلمي، صاحب ملك بغداد وغيرها، وهو أول من تسمى شاهنشاه، ومعناه‏:‏ ملك الملوك‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 11/ 341‏)‏

وقد ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏‏(‏أوضع اسم - وفي رواية‏:‏ أخنع اسم - عند الله رجل تسمى ملك الملوك‏)‏‏)‏‏.‏

وفي رواية‏:‏ ‏(‏‏(‏ملك الأملاك لا ملك إلا الله عز وجل‏)‏‏)‏‏.‏

وهو أول من ضربت له الدبادب ببغداد، وأول من خطب له بها مع الخليفة‏.‏

وذكر ابن خلكان‏:‏ أنه امتدحه الشعراء بمدائح هائلة منهم المتنبي وغيره، فمن ذلك قول أبي الحسن محمد بن عبد الله السلامي في قصيدة له‏:‏

إليك طوى عرض البسيطة جاعل * قصارى المطايا أن يلوح لها القصر

فكنت وعزمي في الظلام وصارمي * ثلاثة أشياء كما اجتمع النسر

وبشرت آمالي بملك هو الورى * ودار هي الدنيا ويوم هو الدهر

وقال المتنبي أيضاً‏:‏

هي الغرض الأقصى ورؤيتك المنى * ومنزلك الدنيا وأنت الخلائق

قال‏:‏ وقال أبو بكر أحمد الأرجاني في قصيدة له بيتاً فلم يلحق السلامي أيضاً وهو قوله‏:‏

لقيته فرأيت الناس في رجل * والدهر في ساعة والأرض في دار

قال‏:‏ وكتب إليه افتكين مولى أخيه يستمده بجيش إلى دمشق يقاتل به الفاطميين، فكتب إليه عضد الدولة‏:‏ غرك عزك فصار قصاراك ذلك، فاخش فاحش فعلك، فعلّك بهذا تهدأ‏.‏

قال ابن خلكان‏:‏ ولقد أبدع فيها كل الإبداع، وقد جرى له من التعظيم من الخليفة ما لم يقع لغيره قبله، وقد اجتهد في عمارة بغداد والطرقات، وأجرى النفقات على المساكين والمحاويج، وحفر الأنهار وبنى المارستان العضدي وأدار السور على مدينة الرسول، فعل ذلك مدة ملكه على العراق، وهي خمسة سنين‏.‏

وقد كان عاقلاً فاضلاً حسن السياسة شديد الهيبة بعيد الهمة، إلا أنه كان يتجاوز في سياسة الأمور الشرعية، كان يحب جارية فألهته عن تدبير المملكة، فأمر بتغريقها‏.‏

وبلغه أن غلاماً له أخذ لرجل بطيخة فضربه بسيفه فقطعه نصفين، وهذه مبالغة‏.‏

وكان سبب موته الصرع‏.‏

وحين أخذ في علة موته لم يكن له كلام سوى تلاوة قوله تعالى‏:‏ ‏{‏مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ‏}‏ ‏[‏الحاقة‏:‏ 28-29‏]‏ فكان هذا هجيراه حتى مات‏.‏

وحكى ابن الجوزي‏:‏ أنه كان يحب العلم والفضيلة، وكان يقرأ عنده كتاب إقليدس وكتاب النحو لأبي علي الفارسي، وهو ‏(‏الإيضاح والتكملة‏)‏ الذي صنفه له‏.‏

وقد خرج مرة إلى بستان له فقال‏:‏ أود لوجاء المطر، فنزل المطر فأنشأ يقول‏:‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 11/ 342‏)‏

ليس شرب الراح إلا في المطر * وغناء من جوار في السحر

غانيات سالبات للنهى * ناعمات في تضاعيف الوتر

راقصات زاهرات نجل * رافلات في أفانين الحبر

مطربات غنجات لحن * رافضات الهم أمال الفكر

مبرزات الكاس من مطلعها * مسقيات الخمر من فاق البشر

عضد الدولة وابن ركنها * مالك الأملاك غلاب القدر

سهّل الله إليه نصره * في ملوك الأرض مادام القمر

وأراه الخير في أولاده * ولباس الملك فيهم بالغرر

قبحه الله وقبح شعره وقبح أولاده، فإنه قد اجترأ في أبياته هذه فلم يفلح بعدها، فيقال‏:‏ إنه حين أنشد قوله‏:‏ غلاب القدر، أخذه الله فأهلكه‏.‏

ويقال‏:‏ إن هذه الأبيات إنما أنشدت بين يديه ثم هلك عقيبها‏.‏

مات في شوال من هذه السنة عن سبع أو ثمان وأربعين سنة، وحمل إلى مشهد علي فدفن فيه، وكان فيه رفض وتشيع، وقد كتب على قبره في تربته عند مشهد علي‏:‏ هذا قبر عضد الدولة، وتاج المملكة أبي شجاع بن ركن الدولة، أحب مجاورة هذا الإمام المتقي لطمعه في الخلاص ‏{‏يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ ‏[‏النحل‏:‏ 111‏]‏ والحمد لله وصلواته على محمد وعترته الطاهرة‏.‏

وقد تمثل عند موته بهذه الأبيات وهي للقاسم بن عبيد الله‏:‏

قتلت صناديد الرجال فلم أدع * عدواً ولم أمهل على ظنه خلقا

وأخليت در الملك من كان باذلاً * فشردتهم غرباً وشردتهم شرقا

فلما بلغت النجم عزاً ورفعة * وصارت رقاب الخلق أجمع لي رقا

رماني الردى سهماً فأخمد جمرتي * فها أنا ذا في حفرتي عاطلاً ملقى

فأذهبت دنياي وديني سفاهة * فمن ذا الذي مني بمصرعه أشقى‏؟‏

ثم جعل يكرر هذه الأبيات وهذه الآية ‏{‏مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ‏}‏ ‏[‏الحاقة‏:‏ 28-29‏]‏ إلى أن مات‏.‏

وأجلس ابنه صمصامة على الأرض وعليه ثياب السواد، وجاءه الخليفة معزياً وناح النساء عليه في الأسواق حاسرات عن وجوههن أياماً كثيرة، ولما انقضى العزاء ركب ابنه صمصامة إلى دار الخلافة، فخلع عليه الخليفة سبع خلع وطوقه وسوره وألبسه التاج ولقبه شمس الدولة، وولاه ما كان يتولاه أبوه، وكان يوماً مشهوداً‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 11/ 343‏)‏




 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق