إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 25 أبريل 2015

2432 البداية والنهاية ( ابن كثير ) الجزء الحادي عشر ثم دخلت سنة سبع وستين وثلاثمائة


2432

البداية والنهاية ( ابن كثير ) الجزء الحادي عشر

 ثم دخلت سنة سبع وستين وثلاثمائة

فيها‏:‏ دخل عضد الدولة إلى بغداد، وخرج منها عز الدولة بختيار واتبعه عضد الدولة وأخذ معه الخليفة فاستعفاه فأعفاه، وسار عضد الدولة وراءه فأخذه أسيراً، ثم قتل سريعاً وتصرمت دولته واستقر أمر عضد الدولة ببغداد، وخلع عليه الخليفة الخلع السنية والأسورة والطوق، وأعطاه لواءين أحدهما ذهب والآخر فضة، ولم يكن هذا لغيره إلا لأولياء العهد، وأرسل إليه خليفة بتحف سنية‏.‏

وبعث عضد الدولة إلى الخليفة أموالاً جزيلة من الذهب والفضة، واستقرت يده على بغداد وما والاها من البلاد، وزلزلت بغداد مراراً في هذه السنة، وزادت دجلة زيادة كثيرة غرق بسببها خلقٌ كثير‏.‏

وقيل لعضد الدولة‏:‏ إن أهل بغداد قد قلوا كثيراً بسبب الطاعون، وما وقع بينهم من الفتن بسبب الرفض والسنة وأصابهم حريق وغرق، فقال‏:‏ إنما يهيج الشر بين الناس هؤلاء القصاص والوعاظ، ثم رسم أن أحداً لا يقص ولا يعظ في سائر بغداد، ولا يسأل سائل باسم أحد من الصحابة، وإنما يقرأ القرآن فمن أعطاه أخذ منه‏.‏

فعمل بذلك في البلد، ثم بلغه أن أبا الحسين ابن سمعون الواعظ - وكان من الصالحين - لم يترك الوعظ بل استمر على عادته‏.‏

فأرسل إليه من جاء به، وتحول عضد الدولة من مجلسه وجلس وحده لئلا يبدر من ابن سمعون إليه بين الدولة كلام يكرهه، وقيل لابن سمعون‏:‏ إذا دخلت على الملك فتواضع في الخطاب وقبل التراب‏.‏

فلما دخل دار الملك وجده قد جلس وحده لئلا يبدر من ابن سمعون في حقه كلام بحضرة الناس يؤثر عنه‏.‏

ودخل الحاجب بين يديه يستأذن له عليه ودخل ابن سمعون وراءه، ثم استفتح القراءة بقوله‏:‏ ‏{‏وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية ‏[‏هود‏:‏ 102‏]‏ ثم التفت بوجهه نحو دار عز الدولة ثم قرأ‏:‏ ‏{‏ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ‏}‏ ‏[‏يونس‏:‏ 14‏]‏ ثم أخذ في مخاطبة الملك ووعظه، فبكى عضد الدولة بكاءً كثيراً، وجزاه خيراً‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 11/ 329‏)‏

فلما خرج من عنده قال للحاجب‏:‏ اذهب فخذ ثلاثة آلاف درهم، وعشرة أثواب وادفعها له فإن قبلها جئني برأسه‏.‏

قال الحاجب‏:‏ فجئته‏.‏

فقلت‏:‏ هذا أرسل به الملك إليك‏.‏

فقال‏:‏ لا حاجة لي به، هذه ثيابي من عهد أبي منذ أربعين سنة، كلما خرجت إلى الناس لبستها، فإذا رجعت طويتها ولي دار آكل من أجرتها، تركها لي أبي، فأنا في غنية عما أرسل به الملك‏.‏

فقلت‏:‏ فرقها في فقراء أهلك‏.‏

فقال‏:‏ فقراء أهله أحق بها من فقراء أهلي، وأفقر إليها منهم‏.‏

فرجعت إلى الملك لأشاوره وأخبره بما قال، فسكت ساعة، ثم قال‏:‏ الحمد لله الذي سلمه منا وسلمنا منه‏.‏

ثم إن عضد الدولة أخذ ابن بقية الوزير لعز الدولة، فأمر به فوضع بين قوائم الفيلة فتخبطته بأرجلها حتى هلك، ثم صلب على رأس الجسر في شوال منها، فرثاه أبو الحسين ابن الأنباري بأبيات يقول فيها‏:‏

علو في الحياة وفي الممات * بحق أنت إحدى المعجزاتِ

كأن الناس حولك حين قاموا * وفود نداك أيام الصلاتِ

كأنك واقف فيهم خطيباً * وكلهم وقوف للصلاةِ

مددت يديك نحوهم احتفاء * كمدهما إليهم بالهباتِ

وهي قصيدة طويلة، أورد كثيراً منها ابن الأثير في ‏(‏كامله‏)‏‏.‏

 مقتل عز الدين بختيار

لما دخل عضد الدولة بغداد وتسلمها، خرج منها بختيار ذليلاً طريداً في فلٍّ من الناس، و من عزمه أن يذهب إلى الشام فيأخذها، وكان عضد الدولة قد حلفه أن لا يتعرض لأبي تغلب لمودة كانت بينهما ومراسلات، فحلف له على ذلك‏.‏

وحين خرج من بغداد كان معه حمدان بن ناصر الدولة بن حمدان، فحسن لعز الدولة أخذ بلاد الموصل من أبي تغلب، لأنها أطيب، وأكثر مالاً من الشام وأقرب إليه، وكان عز الدولة ضعيف العقل قليل الدين، فلما بلغ ذلك أبا تغلب أرسل إلى عز الدولة يقول له‏:‏ لئن أرسلت إلى ابن أخي حمدان بن ناصر الدولة أغنيتك بنفسي وجيشي حتى آخذ لك ملك بغداد من عضد الدولة، وأردك إليها‏.‏

فعند ذلك أمسك حمدان وأرسله إلى عمه أبي تغلب، فسجنه في بعض القلاع‏.‏

وبلغ ذلك عضد الدولة، وأنهما قد اتفقا على حربه فركب إليهما بجيشه، وأراد إخراج الخليفة الطائع معه، فأعفاه فذهب إليهما، فالتقى معهما فكسرهما وهزمهما، وأخذ عز الدولة أسيراً وقتله من فوره، وأخذ الموصل ومعاملتها، وكان قد حمل معه ميرة كثيرة، وشرد أبا تغلب في البلاد، وبعث وراءه السرايا في كل وجه، وأقام بالموصل إلى أواخر سنة ثمان وستين‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 11/ 330‏)‏

وفتح ميافارقين وآمد وغيرهما من بلاد بكر وربيعة، وتسلم بلاد مضر من أيدي نواب أبي تغلب، وأخذ منهم الرحبة، ورد بقيتها على صاحب حلب سعد الدولة بن سيف الدولة، وتسلط على سعد الدولة‏.‏

وحين رجع من الموصل استناب عليها أبا الوفا، وعاد إلى بغداد فتلقاه الخليفة ورؤوس الناس إلى ظاهر البلد، وكان يوماً مشهوداً‏.‏

ومما وقع من الحوادث فيها‏:‏ الوقعة التي كانت بين العزيز بن المعز الفاطمي وبين ألفتكين غلام معز الدولة، صاحب دمشق، فهزمه وأسره وأخذه معه إلى الديار المصرية، مكرماً معظماً كما تقدم، وتسلم العزيز دمشق وأعمالها، وقد تقدم بسط ذلك في سنة أربع وستين‏.‏

وفيها‏:‏ خلع على القاضي عبد الجبار بن أحمد المعتزلي بقضاء قضاة الري وما تحت حكم مؤيد الدولة بن ركن الدولة، وله مصنفات حسنة منها‏:‏ ‏(‏دلائل النبوة‏)‏، و‏(‏عمد الأدلة‏)‏ وغيرها‏.‏

وحج بالناس فيها‏:‏ نائب المصريين وهو الأمير باديس بن زيري، أخو يوسف بن بلكين‏.‏

ولما دخل مكة اجتمع إليه اللصوص، وسألوا منه أن يُضمِّنهم الموسم هذا العام بما شاء من الأموال‏.‏

فأظهر لهم الإجابة إلى ما سألوا وقال لهم‏:‏ اجتمعوا كلكم حتى أضمنكم كلكم، فاجتمع عنده بضع وثلاثون حرامياً‏.‏

فقال‏:‏ هل بقي منكم أحد‏؟‏

فحلفوا له إنه لم يبق منهم أحد، فأخذ عند ذلك بالقبض عليهم وبقطع أيديهم كلهم، ونعمّا ما فعل‏.‏

وكانت الخطبة في الحجاز للفاطميين دون العباسيين‏.‏




 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق