إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 25 أبريل 2015

2430 البداية والنهاية ( ابن كثير ) الجزء الحادي عشر القاضي منذر البلوطي


2430

البداية والنهاية ( ابن كثير ) الجزء الحادي عشر

 القاضي منذر البلوطي

رحمه الله، قاضي قضاة الأندلس، كان إماماً عالماً فصيحاً خطيباً شاعراً أديباً، كثير الفضل، جامعاً لصنوف من الخير والتقوى والزهد، وله مصنفات واختيارات، منها‏:‏ أن الجنة التي سكنها آدم وأهبط منها كانت في الأرض، وليست بالجنة التي أعدها الله لعباده في الآخرة، وله في ذلك مصنف مفرد، له وقع في النفوس، وعليه حلاوة وطلاوة‏.‏

دخل يوماً على الناصر لدين الله عبد الرحمن الأموي، وقد فرغ من بناء المدينة الزهراء وقصورها، وقد بنى له فيها قصر عظيم منيف، وقد زخرف بأنواع الدهانات وكسي الستور، وجلس عنده رؤوس دولته وأمراؤه، فجاءه القاضي فجلس إلى جانبه وجعل الحاضرون يثنون على ذلك البناء ويمدحونه، والقاضي ساكت لا يتكلم، فالتفت إليه الملك وقال‏:‏

ما تقول أنت يا أبا الحكم‏؟‏

فبكى القاضي وانحدرت دموعه على لحيته وقال‏:‏ ما كنت أظن أن الشيطان أخزاه الله يبلغ منك هذا المبلغ المفضح المهتك، المهلك لصاحبه في الدنيا والآخرة، ولا أنك تمكنه من قيادك مع ما آتاك الله وفضلك به على كثير من الناس، حتى أنزلك منازل الكافرين والفاسقين‏.‏

قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ * وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ*وَزُخْرُفاً‏.‏‏.‏‏}‏ الآية ‏[‏الزخرف‏:‏ 33-35‏]‏‏.‏

قال‏:‏ فوجم الملك عند ذلك وبكى، وقال‏:‏ جزاك الله خيراً وأكثر في المسلمين مثلك‏.‏

وقد قحط في بعض السنين، فأمره الملك أن يستسقي للناس‏.‏

فلما جاءته الرسالة مع البريد قال للرسول‏:‏ كيف تركت الملك‏.‏

فقال‏:‏ تركته أخشع ما يكون وأكثره دعاء وتضرعاً‏.‏

فقال القاضي‏:‏ سقيتم والله إذا خشع جبار الأرض، رحم جبار السماء‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 11/ 328‏)‏

ثم قال لغلامه‏:‏ ناد في الناس الصلاة، فجاء الناس إلى محل الاستسقاء، وجاء القاضي منذر، فصعد المنبر والناس ينظرون إليه، ويسمعون ما يقول‏.‏

فلما أقبل عليهم كان أول ما خاطبهم به قال‏:‏ سلام عليكم، ‏{‏كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 54‏]‏‏.‏

ثم أعادها مراراً فأخذ الناس في البكاء والنحيب والتوبة والإنابة، فلم يزالوا كذلك حتى سقوا ورجعوا يخوضون الماء‏.‏




 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق