إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 28 أبريل 2014

256 تاريخ الخلفاء الراشدين (4)سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ? شخصيته وعصره دراسة شاملة الفصل الرابع : المؤسسة المالية والقضائية في عهدأمير المؤمنين على بن أبي طالب وبعض اجتهادا ته الفقهية المبحث الثاني : المؤسسة القضائية ثانيًا: ميزات القضاء في العهد الراشدى:


256

تاريخ الخلفاء الراشدين (4)سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ? شخصيته وعصره دراسة شاملة

الفصل الرابع : المؤسسة المالية والقضائية في عهدأمير المؤمنين على بن أبي طالب وبعض اجتهادا ته الفقهية

المبحث الثاني : المؤسسة القضائية

ثانيًا: ميزات القضاء في العهد الراشدى:

إن القضاء في العهد الراشدى يمثل الدرجة الثانية بعد القضاء في العهد النبوي الذي يمثل الجذور والأساس، وجاء القضاء في العهد الراشدى يمثل البناء الكامل، والتنظيم الشامل من جهة، ويعطى الصورة البراقة للقضاء الإسلامي من جهة ثانية، ويعتبر أنموذجًا ومثلاً وقدوة وتحت محط الأنظار طوال العهود التالية، ويمكننا أن نشير باختصار وإيجاز إلى أهم ميزات القضاء في العهد الراشدى، وهي:
1- كان القضاء في العهد الراشدى امتدادًا لصورة القضاء في العهد النبوي، بالالتزام به، والتأسي بمنهجه، وانتشار التربية الدينية، والارتباط بالإيمان والعقيدة، والاعتماد على الوازع الديني، والبساطة في سير الدعوى، واختصار الإجراءات القضائية، وقلة الدعاوى والخصومات إذا قورنت باتساع الدولة، وتعدد الشعوب والأمصار، وحسن اختيار القضاة، وتوافر الشروط الكاملة فيهم.
2- يعتبر القضاء في العهد الراشدى صورة صحيحة، وصادقة وسليمة للقضاء الإسلامي، ولذلك صار موئل الباحثين، ومحط الأنظار للفقهاء، وصارت الأحكام القضائية والتنظيم القضائي في العهد الراشدى مصدرًا للأحكام الشرعية، والاجتهادات القضائية والآراء الفقهية في مختلف العصور، وهذا بالاتفاق – ولو أدبيًا- عند جميع العلماء والمذاهب، مع وجود الاختلاف في التدقيق والجزئيات والتفاصيل، ومن ذلك اختلاف الأئمة في حجية قول الصحابي وعدم حجيته، كما هو مقرر في علم أصول الفقه، وعلم مصطلح الحديث، وتاريخ التشريع وسيأتي الحديث عن ذلك بإذن الله.
3- مارس الخلفاء الراشدون، وبعض ولاة الأمصار، النظر في المنازعات وتولى القضاء بجانب الولاية، كما أولوا الاهتمام الكامل لتولى قضاء المظالم وقضاء الحسبة( ).
4- عين الخلفاء الراشدون في أكثر المدن والأقطار الإسلامية قضاة لممارسة القضاء خاصة، دون بقية السلطات، وظهر بشكل مبدئي- ولأول مرة- فصل السلطة القضائية عن بقية السلطات، وأن الولاة لا سلطان لهم على القضاة في المدن الكبرى التي تم فيها تعيين القضاة بجانب الولاة، بينما يتولى الولاة في بقية المدن والأمصار القضاء والولاية معًا وهم تحت بصر ومحاسبة الخليفة الراشد.
5- كان القضاة في العهد الراشدى مجتهدين، فينظرون في نصوص القرآن والسنة مباشرة، ويعملون فيها بما يؤدى إليه اجتهادهم، فإن لم يجدوا فيها حكم الواقعة اجتهدوا رأيهم بعد الاستئناس بما قضى به أسلافهم، واستشارة العلماء المعاصرين لهم، ثم أصدروا الحكم الذي وصل إليه اجتهادهم.
6- ظهرت مصادر جديدة للقضاء في العهد الراشدى نتيجة للمنهج السابق الذي التزموه، وصارت الأحكام القضائية هي: القرآن، والسنة الشريفة، والإجماع، والقياس، والسوابق القضائية، والرأي الاجتهادي، مع المشورة.
7- تم التنظيم الإداري الدقيق للقضاء في العهد الراشدى، وأرسل عمر وعلى- رضي الله عنهما- الرسائل الخالدة والمشهورة إلى القضاة والولاة، لتنظيم شئون القضاة، وبيان الدستور والمنهج، وتبع ذلك متابعة الخلفاء للقضاة، ومراقبتهم، وتبادل الرأي معهم، والسؤال عن أخبارهم وأقضيتهم، وطلب مراجعتهم في القضايا المهمة والمعضلة والخطيرة، وكانت هذه الميزة في أوجها في عهد عمر، رضي الله عنه، وخفت قليلاً في عهد عثمان، وضعفت في عهد على لاضطراب الأمور، وكثرة الفتن، ونشوب الحروب الداخلية، وظهور بذرة الاستقلال الذاتي في الشام وما يتبعه، مع تعدد السلطة.
8- كانت اختصاصات القاضي في الغالب عامة وشاملة لجميع الوقائع، وكانت صلاحية القاضي واسعة، وله الحرية الكاملة في الإجراءات، ولكن ظهر في هذا العهد نواة الاختصاص الموضوعي والنوعي للقضاة، وتم تعيين قضاة للنظر في القضايا الصغيرة والبسيطة، كما تم تعيين قضاة للأحداث الجسيمة والوقائع الكبيرة، وبقى معظم الخلفاء – غالبًا- يتولون النظر في الجنايات والحدود، وقام بهذا الشأن بعض الولاة أيضًا، كما ظهر في هذا العهد تعدد القضاة في وقت واحد في المدن الكبرى والأقطار الواسعة كالمدينة المنورة، والكوفة، والبصرة، واليمن، كما ظهر قاض للعسكر لأول مرة.
9- تأكد في هذا العهد ما كان في العهد النبوي من مراقبة الأحكام القضائية، وإقرار ما وافق القرآن والسنة، وما صدر عن الرأي والاجتهاد، لأن الاجتهاد لا ينقض بمثله، وينقض ما خالف القرآن والسنة( ).
10- استحدثت في العهد الراشدى رواتب القضاة بشكل منظم، مع التوسعة على القضاة، وأقيمت دار للقضاء، وأنشئ السجن للحبس، كما ظهر- ولأول مرة- امتناع كبار الصحابة عن القضاء، كابن عمر الذي طلبه عثمان فامتنع، وكعب بن يسار بن ضَنَّة الذي طلبه عمر لتولى القضاء بمصر فأبى أن يقبل، وقيل قبله أيامًا، ثم اعتزل( ).
11- كانت إجراءات التقاضي في العهد الراشدى بسيطة وسهلة وقليلة، بدءًا من سماع الدعوى، إلى إقامة البينة والإثبات والحجج، إلى إصدار الحكم فيها، إلى التنفيذ، وكانت آداب القضاء مرعية في حماية الضعيف، ونصرة المظلوم، والمساواة بين الخصوم، وإقامة الحق والشرع على جميع الناس، ولو كان الحكم على الخليفة أو الأمير أو الوالي، وكان القاضي في الغالب يتولى تنفيذ الأحكام، إن لم ينفذها الأطراف طوعًا واختيارًا، وكان التنفيذ عقب صدور الحكم فورًا، ولكن ظهرت في العهد الراشدى أمور تنظيمية جديدة، فوجد كاتب للقاضي في عهد عمر، وظهرت الشرطة والأعوان لمساعدة القاضي والوالي في عهد عثمان، وتطور التحقيق الجنائي في عهد سيدنا على رضي الله عنه، وفرَّق بين الشهود للوصول إلى الحق وكشف الواقع حتى صار مضرب المثل( ).


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق