إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 4 أبريل 2014

176 عصر الخلفاء الراشدين (1) أبوبكر الصديق رضي الله عنه شخصيته وعصره الفصل الثالث: جيش أسامة وجهاد الصديق لأهل الردة المبحث الرابع : مسيلمة الكذاب وبنو حنيفة تاسعاً: جمع القرآن الكريم:


176

عصر الخلفاء الراشدين (1) أبوبكر الصديق رضي الله عنه شخصيته وعصره

الفصل الثالث: جيش أسامة وجهاد الصديق لأهل الردة

المبحث الرابع : مسيلمة الكذاب وبنو حنيفة

تاسعاً: جمع القرآن الكريم:

كان من ضمن شهداء المسلمين في حرب اليمامة كثير من حفظة القرآن، وقد نتج عن ذلك أن قام أبو بكر ? بمشورة عمر بن الخطاب ? بجمع القرآن حيث جمع من الرقاع والعظام والسعف ومن صدور الرجال( )، وأسند الصديق هذا العمل العظيم المشروع الحضاري الضخم إلى الصحابي الجليل زيد بن ثابت الأنصاري ?، يروي زيد بن ثابت ? فيقول: بعث إليّ أبو بكر ? لمقتل أهل اليمامة( )، فإذا عمر بن الخطاب عنده، قال أبو بكر ?: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر( ) يوم اليمامة بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن( )، كلها فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن قلت لعمر: كيف أفعل شيئاً لم يفعله رسول الله ?( )؟!! فقال عمر: هذا والله خير، فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر عمر، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر. قال زيد: قال أبو بكر: وإنك رجل شاب عاقل، لانتهمك( )، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله ?، فتتبع القرآن فاجمعه( ) قال زيد: فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ماكان بأثقل عليّ مما كلفني به من جمع القرآن، فتتبعت القرآن من العسب( )، واللخاف( )، وصدور الرجال، والرقاع( )، والأكتاف( ). قال: حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري، لم أجدها مع أحد غيره. {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (سورة التوبة، آية:128) حتى خاتمة براءة وكانت الصحف عند أبي بكر حياته حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياته حتى توفاه الله، ثم عند حفصة بنت عمر رضي الله عنهم( ) وعلق البغوي على هذا الحديث فقال: فيه البيان الواضح أن الصحابة -رضي الله عنهم- جمعوا بين الدفتين القرآن الذي أنزله الله سبحانه وتعالى على رسوله ? من غير أن يزادوا فيه أو ينقصوا منه شيئاً والذي حملهم على جمعه ماجاء في الحديث وهو أنه كان مفرقاً في العسب، واللخاف، وصدور الرجال، فخافوا ذهاب بعضه بذهاب حفظته، ففزعوا فيه إلى خليفة رسول الله، ودعوه إلى جمعه، فرأى في ذلك رأيهم فأمر بجمعه في موضع واحد باتفاق من جميعهم، فكتبوه كما سمعوا من رسول الله من غير أن قدموا شيئاً أو أخروا، أو وضعوا له ترتيباً لم يأخذوه من رسول الله ?، وكان رسول الله ? يُلقى أصحابه، ويعلمهم ماينزل عليه من القرآن على الترتيب الذي هو الآن في مصاحفنا بتوقيف جبريل صلوات الله عليه، إياه على ذلك، وإعلامه عند نزول كل آية أن هذه الآية تكتب عقيب آية كذا في السور التي يذكر فيها كذا( )، وهكذا يتضح للقارئ الكريم أن من أوليات أبي بكر الصديق ?: أنه أول مَنْ جمع القرآن الكريم، يقول صعصعة بن صوحان رحمه الله: أول من جمع بين اللوحين، وورت الكلالة( ): أبو بكر( ).

وقال علي بن أبي طالب ?: يرحم الله أبا بكر هو أول من جمع بين اللوحين( ).

وقد اختار أبو بكر ? زيد بن ثابت لهذه المهمة العظيمة، وذلك لأنه رأى فيه المقومات الأساسية للقيام بها وهي:

1-كونه شاباً، حيث كان عمره 21 سنة، فيكون أنشط، لما يطلب منه.
2-كونه أكثر تأهيلاً، فيكون أوعى له، إذ من وهبه الله عقلا راجحاً فقد يسر له سبيل الخير.
3-كونه ثقة، فليس هو موضعاً للتهمة، فيكون عمله مقبولاً، وتركن إليه النفس، ويطمئن إليه القلب.
4-كونه كاتباً للوحي، فهو بذلك ذو خبرة سابقة في هذا الأمر، وممارسة عملية له فليس غريباً عن هذا العمل، ولا دخيلاً عليه( ).

هذه الصفات الجليلة جعلت الصديق يُرشِّح زيداً لجمع القرآن، فكان به جديراً، وبالقيام به خبيراً.

5-ويضاف لذلك أنه أحد الأربعة الذين جمعوا القرآن على عهد النبي ?، فعن قتادة قال سألت أنس بن مالك ?: من جمع القرآن على عهد النبي ?؟ قال: أربعة كلهم من الأنصار: أبي بن كعب ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد( )، وأما الطريقة التي اتبعها زيد في جمع القرآن فكان لايثبت شيئاً من القرآن، إلا إذا كان مكتوباً بين يدي النبي ?، ومحفوظاً من الصحابة، فكان لايكتفي بالحفظ دون الكتابة، خشية أن يكون في الحفظ خطأ أو وهم، وأيضاً لم يقبل من أحد شيئاً جاء به إلا إذا أتى معه شاهدان يشهدان أن ذلك المكتوب كتب بين يدي رسول الله?، وأنه من الوجوه التي نزل بها القرآن( )، وعلى هذا المنهج استمر زيد ? في جمع القرآن حذراً متثبتاً مبالغاً في الدقة والتحري.
كما كان زيد في طليعة من وجدوا المصاحف في زمن عثمان بن عفان ?( ) وسيأتي تفصيل ذلك بإذن الله في موضعه.





يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق