126
عصر الخلفاء الراشدين (1) أبوبكر الصديق رضي الله عنه شخصيته وعصره
الفصل الثالث: جيش أسامة وجهاد الصديق لأهل الردة
المبحث الثاني : جهاد الصديق لأهل الردة
خامساً: خطة الصديق لحماية المدينة:
انصرفت وفود القبائل المانعة للزكاة من المدينة بعدما رأت عزم الصديق وحزمه وقد خرجت بأمرين:
أ- أن قضية منع الزكاة لاتقبل المفاوضة وأن حكم الإسلام فيها واضح ولذلك لاأمل في تنازل خليفة المسلمين عن عزمه ورأيه وخاصة بعدما أيده المسلمون وثبتوا على رأيه بعد وضوح الرؤية وظهور الدليل.
ب-أنه لابد من اغتنام فرصة ضعف المسلمين -كما يظنون- وقلة عددهم لهجوم كاسح على المدينة يسقط الحكم الإسلامي فيها ويقضي على هذا الدين( ).
قرأ الصديق في وجوه القوم مافيها من الغدر، ورأى فيها الخسة وتفرس فيها اللؤم فقال لأصحابه: إن الأرض كافرة وقد رأى وفدهم منكم قلة، وإنكم لاتدرون أَليْلاً تؤتون أم نهاراً! وأدناهم منكم على بريد، وقد كان القوم يأملون أن نقبل منهم ونوادعهم، وقد أبينا عليهم، ونبذنا إليهم عهدهم، فاستعدوا وأعدوا( )، ووضع الصديق خطته على الوجه التالي:
أ-ألزم أهل المدينة بالمبيت في المسجد حتى يكونوا على أكمل استعداد للدفاع.
ب-نظم الحرس الذين يقومون على أنقاب المدينة ويبيتون حولها حتى يدفعوا أي غارة قادمة.
جـ-عين على الحرس أمراؤهم: علي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيدالله، وسعد بن أبي وقاص، وعبدالرحمن بن عوف، وعبدالله بن مسعود رضي الله عنهم( ).
س-وبعث أبو بكر ? إلى من كان حوله من القبائل التي ثبتت على الإسلام، من أسلم وغفار، ومزينة، وأشجع، وجهينة وكعب، يأمرهم بجهاد أهل الردة فاستجابوا له، حتى امتلأت المدينة المنورة بهم، وكانت معهم الخيل والجمال التي وضعوها تحت تصرف الصديق( )، ومما يدل على كثرة رجال هذه القبائل وكبر حجم دعمها للصديق، أن جهينة وحدها قدمت إلى الصديق في أربعمائة من رجالها ومعهم الظهر والخيل، وساق عمرو بن مرة الجهني مائة بعير لإعانة المسلمين، فوزعها أبو بكر في الناس( ).
هـ-ومن ابتعد من المرتدين عن المدينة، وأبطأ خطره، حاربه بالكتب يبعث بها إلى الولاة المسلمين في أقاليمهم كما كان رسول الله يفعل، يحرضهم على النهوض لقتال المرتدين، ويذمر الناس للقيام معهم في هذا الأمر، ومن أمثلة ذلك رسالته لأهل اليمن حيث المرتدة من جنود الأسود العنسي التي قال فيها:(أما بعد، فأعينوا الأبناء على من ناوأهم، وحوطوهم، واسمعوا من فيروز، وجدوا معه، فإني قد وليته)( )، وقد أثمرت هذه الرسالة، وقام المسلمون من أبناء الفرس بزعامة فيروز، يعاونهم إخوانهم من العرب بشن غارة شعواء على العصاة المارقين حتى رد الله كيدهم إلى نحورهم، وعادت اليمن بالتدرج إلى جادة الحق( ).
و-وأما من قرب منهم من المدينة واشتد خطره كبني عبس وذبيان فإنه لم ير بداً من محاربتهم على الرغم من الظروف القاسية التي كانت تعيشها مدينة رسول الله ?، فكان أن آوى الذراري والعيال إلى الحصون والشعاب، محافظة عليهم من غدر المرتدين( )، واستعد للنزال بنفسه ورجاله.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق