124
عصر الخلفاء الراشدين (1) أبوبكر الصديق رضي الله عنه شخصيته وعصره
الفصل الثالث: جيش أسامة وجهاد الصديق لأهل الردة
المبحث الثاني : جهاد الصديق لأهل الردة
ثالثاً: الردة أواخر عصر النبوة:
بدأت هذه الردة منذ العام التاسع للهجرة المسمى بعام الوفود. وهو العام الذي أسلمت فيه الجزيرة العربية قيادها للرسول ? ممثلة بزعمائها الذين قدما عليه من أصقاعها المختلفة، وكانت حركة الردة في هذه الأثناء لما تستَعلِن، بشكل واسع حتى إذا كان أواخر العام العاشر الهجري، وهو عام حجة الوداع التي حجها رسول الله ?، ونزل به وجعه الذي مات فيه وتسامع بذلك الناس، بدأ الجمر يتململ من تحت الرماد، وأخذت الأفاعي تطل برؤوسها من جحورها، وتجرأ الذين في قلوبهم مرض على الخروج، فوثب الأسود العنسي باليمن، ومسيلمة الكذاب باليمامة، وطليحة الاسدي في بلاد قومه( ). ولما كان أخطر متمردين على الاسلام، وهما الأسود العنسي ومسيلمة وأنهما مصممان - كما يبدو- على المضي في طريق ردتهما قدماً دون أن يفكرا في الرجوع، وأنهما مشايعان بقوى غفيرة وإمكانيات وفيرة، فقد أرى الله نبيه ? من أمرهما ماتقر به عينه، ومن ثم ماتقر به عيون أمته من بعده. فقد قال يوماً وهو يخطب على منبره: أيها الناس، إني قد رأيت ليلة القدر، ثم أُنستها، ورأيت في ذراعي سوارين من ذهب فكرهتهما فنفختهما فطارا، فأولتهما الكذابين: صاحب اليمن، وصاحب اليمامة( ).
وقد فسر أهل العلم بالتعبير هذه الرؤيا على هذه الصورة فقالوا: إن نفخه ?، لهما يدل على أنهما يقتلان بريحه، لأنه لايغزوهما بنفسه، وإن وصفه لهما بأنهما من ذهب دلالة على كذبهما لأن شأنهما زخرف وتمويه، كما دل لفظ السوارين على أنهما ملكان لأن الأساورة هم الملوك، ودلاّ بكونهما يحيطان باليدين أن أمرهما يشتد على المسلمين فترة، لكون السوار مضيقاً على الذراع( ).
وعبّر الدكتور علي العتوم بقوله: ...بأن طيرانهما بالنفخ دلالة على ضعف كيدهما مهما تضاخم فشأنهما زبد لابد أن يؤول الى جُفاء مادام هذا الكيد مستمداً من الشيطان، فهو واهن لامحالة، إذ أقل هجمة مركزة في سبيل الله تحيلهما أثراً بعد عين، وكونهما من ذهب دلالة على أنهما يقصدان من عملهما الدنيا لأن الذهب رمز لحطامها الذي يسعى المغترون بها خلفه، وأنهما سواران إشارة الى محاولتهما الإطاحة بكيان المسلمين عن طريق الإحاطة بهم من كل جانب، تماماً كم يحيط السوار بالمعصم( ).
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق