إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 3 أبريل 2015

1538 البداية والنهاية ( ابن كثير ) الجزء التاسع وممن توفي في هذه السنة من الأعيان علي بن الحسين


1538

البداية والنهاية ( ابن كثير ) الجزء التاسع

 وممن توفي في هذه السنة من الأعيان

 علي بن الحسين


وقال الزبير بن بكار‏:‏ ثنا عبد الله بن إبراهيم بن قدامة اللخمي، عن أبيه، عن جده، عن محمد بن علي، عن أبيه، قال‏:‏ جلس قوم من أهل العراق فذكروا أبا بكر وعمر فنالوا منهما، ثم ابتدأوا في عثمان فقال لهم‏:‏ أخبروني أأنتم من المهاجرين الأولين الذين ‏{‏أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ‏}‏ ‏[‏الحشر‏:‏ 8‏]‏‏.‏

قالوا‏:‏ لا، قال‏:‏ فأنتم من الذين ‏{‏تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ‏}‏ ‏[‏الحشر‏:‏ 9‏]‏‏.‏

قالوا‏:‏ لا ‏!‏ فقال لهم‏:‏ أما أنتم فقد أقررتم وشهدتم على أنفسكم أنكم لستم من هؤلاء ولا من هؤلاء، وأنا أشهد أنكم لستم من الفرقة الثالثة الذين قال الله عز وجل فيهم‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا‏}‏ ‏[‏الحشر‏:‏ 10‏]‏الآية، فقوموا عني لا بارك الله فيكم، ولا قرب دوركم، أنتم مستهزئون بالإسلام ولستم من أهله‏.‏

وجاء رجل فسأله متى يبعث علي‏؟‏ فقال‏:‏ يبعث والله يوم القيامة و تهمُّه نفسه‏.‏

وقال ابن أبي الدنيا‏:‏ حدثت عن سعيد بن سليمان، عن علي بن هاشم، عن أبي حمزة الثمالي‏:‏ أن علي بن الحسين كان إذا خرج من بيته قال‏:‏ اللهم إني أتصدق اليوم - أو أهب عرضي اليوم - من استحله‏.‏

وروى ابن أبي الدنيا‏:‏ أن غلاماً سقط من يده سفود وهو يشوي شيئاً في التنور على رأس صبي لعلي بن الحسين فقتله، فنهض علي بن الحسين مسرعاً، فلما نظر إليه قال للغلام‏:‏ إنك لم تتعمد، أنت حر، ثم شرع في جهاز ابنه‏.‏

وقال المدائني‏:‏ سمعت سفيان، يقول‏:‏ كان علي بن الحسين يقول‏:‏ ما يسرني أن لي بنصيبي من الذل حمر النعم‏.‏ ورواه الزبير بن بكار من غير وجه عنه‏.‏

ومات لرجل ولد مسرف على نفسه، فجزع عليه من أجل إسرافه، فقال له علي بن الحسين‏:‏ إن من وراء ابنك خلالاً ثلاثاً‏:‏ شهادة أن لا إله إلا الله، وشفاعة رسول الله، ورحمة الله عز وجل‏.‏

وقال المدائني‏:‏ قارف الزهري ذنباً فاستوحش منه وهام على وجهه وترك أهله وماله‏.‏ فلما اجتمع بعلي بن الحسين قال له‏:‏ يا زهري قنوطك من رحمه الله التي وسعت كل شيء أعظم من ذنبك، فقال الزهري‏:‏ ‏{‏اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 124‏]‏‏.‏

وفي رواية‏:‏ أنه كان أصاب دماً حراماً خطأ، فأمره علي بالتوبة والاستغفار، وأن يبعث الدية إلى أهله، ففعل ذلك‏.‏

وكان الزهري يقول‏:‏ علي بن الحسين أعظم الناس علي منَّة‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 9/126‏)‏

وقال سفيان بن عيينة‏:‏ كان علي بن الحسين يقول‏:‏ لا يقول رجل في رجل من الخير ما لا يعلم إلا أوشك أن يقول فيه من الشر ما لا يعلم، وما أصطحب اثنان على معصية إلا أوشك أن يفترقا على غير طاعة‏.‏

وذكروا أنه زوج أمه من مولى له، وأعتق أمة فتزوجها، فأرسل إليه عبد الملك يلومه في ذلك، فكتب إليه‏:‏ ‏{‏لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً‏}‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ 21‏]‏ وقد أعتق صفية فتزوجها، وزوج مولاه زيد بن حارثة من بنت عمه زينب بنت جحش‏.‏

قالوا‏:‏ وكان يلبس في الشتاء خميصة من خز بخمسين ديناراً، فإذا جاء الصيف تصدق بها، ويلبس في الصيف الثياب المرقعة ودونها، ويتلو قوله تعالى‏:‏ ‏{‏قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 32‏]‏‏.‏

وقد روي من طرق ذكرها الصولي والجريري وغير واحد أن هشام بن عبد الملك حج في خلافة أبيه وأخيه الوليد، فطاف بالبيت، فلما أراد أن يستلم الحجر لم يتمكن حتى نصب له منبر فاستلم وجلس عليه، وقام أهل الشام حوله، فبينما هو كذلك إذ أقبل علي بن الحسين، فلما دنا من الحجر ليستلمه تنحى عنه الناس إجلالاً له وهيبةً واحتراماً، وهو في بزة حسنة، وشكل مليح، فقال أهل الشام لهشام‏:‏ من هذا‏؟‏ فقال‏:‏ لا أعرفه - استنقاصاً به واحتقاراً لئلا يرغب فيه أهل الشام -فقال الفرزدق‏:‏ - وكان حاضراً - أنا أعرفه، فقالوا‏:‏ ومن هو‏؟‏ فأشار الفرزدق يقول‏:‏

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته * والبيت يعرفه والحل والحرم

هذا ابن خير عباد الله كلهم * هذا التقي النقي الطاهر

العلم

إذا رأته قريش قال قائلها * إلى مكارم هذا ينتهي الكرم

ينمى إلى ذروة العز التي قصرت * عن نيلها عرب الإسلام والعجم

يكاد يمسكه عرفان راحته * ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم

يغضي حياءً ويغضى من مهابته * فما يكلَّم إلا حين يبتسم

بكفه خيزران ريحها عبق * من كف أروع في عرنينه شمم

مشتقة من رسول الله نبعته * طابت عناصرها والخيم الشيم ‏(‏ج/ص‏:‏ 9/127‏)‏

ينجاب نور الهدى من نور غرته * كالشمس ينجاب عن إشراقها الغيم

حمال أثقال أقوام إذا فدحوا * حلو الشمائل تحلو عنده نعم

هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله * بجده أنبياء الله قد ختموا

من جده دان فضل الأنبياء له * وفضل أمته دانت لها الأمم

عم البرية بالإحسان فانقشعت * عنها الغواية والإملاق والظلم

كلتا يديه غياث عم نفعهما * يستوكفان ولا يعروهما العدم

سهل الخليقة لا تخشى بوادره * يزينه اثنتان الحلم والكرم

لا يخلف الوعد ميمون بغيبته * رحب الفناء أريب حين يعتزم

من معشر حبهم دين وبغضهم * كفر و قربهم منجى ومعتصم

يستدفع السوء والبلوى بحبهم * ويستزاد به الإحسان والنعم

مقدم بعد ذكر الله ذكرهم * في كل حكم ومختوم به الكلم

إن عدَّ أهل التقى كانوا أئمتهم * أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم

لا يستطيع جواد بعد غايتهم * ولا يدانيهم قوم وإن كرموا

هم الغيوث إذا ما أزمة أزمت * والأسد أسد الشرى والبأس محتدم

يأبى لهم أن يحلّ الذم ساحتهم * خيم كرام وأيد بالندى هضم

لا ينقص العدم بسطاً من أكفهم * سيان ذلك إن أثروا وإن عدموا

أي الخلائق ليست في رقابهم * لأولية هذا أوله نعم

فليس قولك من هذا بضائره * العرب تعرف من أنكرت والعجم

من يعرف الله يعرف أولية ذا * فالدين من بيت هذا ناله الأمم ‏(‏ج/ص‏:‏ 9/128‏)‏

قال‏:‏ فغضب هشام من ذلك وأمر بحبس الفرزدق بعسفان بين مكة والمدينة، فلما بلغ ذلك علي بن الحسين بعث إلى الفرزدق باثني عشر ألف درهم، فلم يقبلها، وقال‏:‏ إنما قلت ما قلت لله عز وجل ونصرة للحق، وقياماً بحق رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذريته، ولست أعتاض عن ذلك بشيء‏.‏ فأرسل إليه علي بن الحسين يقول‏:‏ قد علم الله صدق نيتك في ذلك، وأقسمت عليك بالله لتقبلنها فتقبلها منه، ثم جعل يهجو هشاماً وكان مما قال فيه‏:‏

تحبسني بين المدينة و التي إليها * قلوب الناس تهوي منيبها

يقلِّب رأساً لم يكن رأس سيد * وعينين حولاوين باد عيوبها

وقد روينا عن علي بن الحسين أنه كان إذا مرت به الجنازة يقول هذين البيتين‏:‏

نراع إذا الجنائز قابلتنا * ونلهو حين تمضي ذاهبات

كروعة ثلة لمغار سبع * فلما غاب عادت راتعات



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق