2278
البداية والنهاية ( ابن كثير ) الجزء الحادي عشر
أبو بكر الشبلي
أحد مشايخ الصوفية، اختلفوا في اسمه على أقوال فقيل: دلف بن جعفر، ويقال: دلف بن جحدر، وقيل: جعفر بن يونس، أصله من قرية يقال لها: شبلة من بلاد أُشروسنة من خراسان، وولد بسامرا، وكان أبوه حاجب الحجاب للموفق، وكان خاله نائب الإسكندرية، وكانت توبة الشبلي على يدي خير النساج، سمعه يعظ فوقع في قلبه كلامه فتاب من فوره، ثم صحب الفقراء ولمشايخ، ثم صار من أئمة القوم.
قال الجنيد: الشبلي تاج هؤلاء.
وقال الخطيب: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمود الزوزني قال: سمعت علي بن المثنى التميمي يقول: دخلت يوماً على الشبلي في داره وهو يهيج ويقول:
علي بعدك لا يصبر * من عادته القرب
ولا يقوى على هجرك * من تيّمه الحب
فإن لم ترك العين * فقد يبصرك القلب
وقد ذكر له أحوال وكرامات، وقد ذكرنا أنه كان ممن اشتبه عليه أمر الحلاج فيما نسب إليه من الأقوال من غير تأمل لما فيها، مما كان الحلاج يحاوله من الإلحاد والاتحاد، ولما حضرته الوفاة قال لخادمه: قد كان عليّ درهم مظلمة فتصدقت عن صاحبه بألوف، ومع هذا ما على قلبي شغل أعظم منه.
ثم أمره بأن يوضئه فوضأه وترك تخليل لحيته، فرفع الشبلي يده - وقد كان اعتقل لسانه - فجعل يخلل لحيته.
وذكره ابن خلكان في (الوفيات)، وحكى عنه أنه دخل يوماً على الجنيد فوقف بين يديه وصفق بيديه وأنشد: (ج/ص: 11/ 244)
عودوني الوصال والوصل عذب * ورموني بالصد والصد صعب
زعموا حين اعتبوا أن جرمي * فرط حبي لهم وما ذاك ذنب
لا وحق الخضوع عند التلاقي * ما جزاء من يحب إلا يحب
وذكر عنه قال: رأيت مجنوناً على باب جامع الرصافة يوم جمعة عرياناً وهو يقول: أنا مجنون الله، فقلت: ألا تستتر وتدخل إلى الجامع فتصلى الجمعة.
فقال:
يقولون زرنا واقض واجب حقنا * وقد أسقطت حالي حقوقهم عني
إذا أبصروا حالي ولم يأنفوا لها * ولم يأنفوا مني أنفت لهم مني
وذكر الخطيب في(تاريخه) عنه أنه انشد لنفسه فقال: مضتِ الشبيبة والحبيبة فانبرى * دمعان في الأجفان يزدحمان
ما أنصفتني الحادثات رمينني * بمودعين وليس لي قلبان
كانت وفاته رحمه الله تعالى ليلة الجمعة لليلتين بقيتا من هذه السنة، وله سبع وثمانون سنة، ودفن في مقبرة الخيزران ببغداد والله أعلم.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق