755
السيرة النبوية:عرض وقائع وتحليل أحداث ج 2
الفصل السابع عشر: غزوة تبوك (9هـ), وهي غزوة العسرة
المبحث الثالث : العودة من تبوك إلى المدينة وحديث القرآن في المخلَّفين عن الغزوة وعن مسجد الضرار
أولاً: المخلفون الذين لهم أعذار شرعية وعذرهم الله سبحانه وتعالى:
قال تعالى: ( لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إذا نَصَحُوا للهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ? وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إذا مَا
أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلاَّ يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ ) [التوبة: 91، 92].
بينت هذه الآيات الكريمة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك وكان لهم عذر شرعي بأنه ليس عليهم حرج وليس عليهم إثم في هذا التخلف؛ ذلك لأن لهم عذرًا شرعيًّا منعهم من الخروج, وفي المراد بالضعفاء: أنهم الزمنى والمشايخ الكبار، وقيل: الصغار, وقيل: المجانين، سموا ضعافًا لضعف عقولهم, ذكر القولين الماوردي. والصحيح أنهم الذين يضعفون لزمانة أو عمى، أو سن، أو ضعف في الجسم، والمرضى: الذين بهم أعلال مانعة من الخروج للقتال( ).
وقوله: ( وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ ).
أي: ليس على الذين لا يجدون نفقة تبلغهم إلى الغزو حرج أو إثم ( إِذَا نَصَحُوا للهِ وَرَسُولِهِ ) أي إذا عرفوا الحق، وأحبوا أولياءه وأبغضوا أعداءه( ).
وقوله: ( مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ ) قال الطبري: يقول تعالى: ليس على من أحسن فنصح لله ورسوله في تخلفه عن رسول الله عن الجهاد معه، لعذر يعذر به, طريق يتطرق عليه فيعاقب من قبله ( وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ).
يقول تعالى: والله ساتر على ذنوب المحسنين، يتغمدها بعفوه لهم عنها، رحيم بهم أن يعاقبهم عليها( ).
وقال القرطبي: الآية أصل في سقوط التكاليف عن العاجز، من جهة القوة أو العجز من جهة المال( ).
وقوله: ( وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إذا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ ) معطوف على ما قبله من عطف الخاص على العام، اعتناء بشأنهم وجعلهم كأنهم –لتميزهم- جنس آخر، مع أنهم مندرجون مع الذين وصفهم الله قبل ذلك ( أَلاَّ يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ[.
أي: لا حرج ولا إثم على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون، إذا ما تخلفوا عن الجهاد، وكذلك لا حرج ولا إثم أيضا على فقراء المؤمنين ]الَّذِينَ إذا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ ) على الرواحل التي يركبونها لكي يخرجوا معك إلى هذا السفر الطويل, ( قُلْتَ ) لهم يا محمد( ): ( لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ ), وقوله: ( تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ ) أي انصرفوا وأعينهم تسيل بالدموع من شدة الحزن لأنهم لا يجدون المال الذي ينفقونه في مطالب الجهاد، ولا الرواحل التي يركبونها في حال سفرهم إلى تبوك( ).
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق