إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 31 مارس 2014

82 عصر الخلفاء الراشدين (1) أبوبكر الصديق رضي الله عنه شخصيته وعصره الفصل الأول:أبو بكر الصديق رضي الله عنه في مكة المبحث الخامس:الصديق في المجتمع المدني وبعض صفاته وشيء من فضائله ثانياً: من أهم صفات الصديق وشيء من فضائله: 2-علمه :


82

عصر الخلفاء الراشدين (1) أبوبكر الصديق رضي الله عنه شخصيته وعصره

الفصل الأول:أبو بكر الصديق رضي الله عنه في مكة

المبحث الخامس:الصديق في المجتمع المدني وبعض صفاته وشيء من فضائله

ثانياً: من أهم صفات الصديق وشيء من فضائله:

2-علمه :


كان الصديق من أعلم الناس بالله وأخوفهم له([60])، وقد اتفق أهل السنة على أن أبا بكر أعلم الأمة، وحكى الإجماع على ذلك غير واحد([61])،  وسبب تقدمه على كل الصحابة في العلم والفضل ملازمته للنبي e، فقد كان أدوم اجتماعاً به ليلاً ونهاراً، وسفراً وحضراً، وكان يسمر عند النبي e بعد العشاء، يتحدث معه في أمور المسلمين، دون غيره من أصحابه، وكان إذا استشار أصحابه أول من يتكلم أبو بكر في الشورى، وربما تكلم غيره، وربما لم يتكلم غيره، فيعمل برأيه وحده، فإذا خالفه غيره اتبع رأيه دون رأي من يخالفه([62])، وقد استعمله النبي e على أول حجة حجت من مدينة النبي e وعلم المناسك أدق مافي العبادات، ولولا سعة علمه لم يستعمله، وكذلك الصلاة استخلفه عليها ولولا علمه لم يستخلفه ولم يستخلف غيره لا في حج ولا في صلاة، وكتاب الصدقة التي فرضها رسول الله أخذه أنس من أبي بكر وهو أصح ماروى فيها([63]) وعليه اعتمد الفقهاء وغيرهم في كتابة ماهو متقدم منسوخ، فدل على أنه أعلم بالسنة الناسخة، ولم يحفظ له قول يخالف فيه نصاً، وهذا يدل على غاية البراعة والعلم، وفي الجملة لايعرف لأبي بكر مسألة في الشريعة غلط فيها، وقد عرف لغيرة مسائل كثيرة([64])، وكان t يقضي ويفتي بحضرة النبي e ويقره، ولم تكن هذه المرتبة لغيرة وقد بينت ذلك في سلب أبي قتادة بحنين([65])، وقد ظهر فضل علمه وتقدمه على غيره بعد وفاة الرسول e، فإن الأمة لم تختلف في ولايته في مسألة إلا فصلها هو بعلم يبينه لهم وحجة يذكرها لهم من الكتاب والسنة، وذلك لكمال علم الصديق وعدله، ومعرفته بالأدلة التي تزيل النزاع، وكان إذا أمرهم أطاعوه. كما بين لهم موت النبي e وتثبيتهم على الإيمان ثم بين لهم موضع دفنه، وبين لهم ميراثه، وبين لهم قتال مانعي الزكاة لما استراب فيه عمر، وبين لهم أن الخلافة في قريش، وتجهيز جيش أسامة، وبين لهم أن عبداً خيره الله بين الدنيا والآخرة هو رسول الله e([66]) وسيأتي تفصيل ذلك في موضعه بإذن الله تعالى.

ولقد رأى رسول الله e له رؤيا تدل على علمه، فعن عبدالله بن عمر قال: قال رسول الله e: رأيت كأني أعطيت عُسّاً مملوءاً لبناً، فشربت منه حتى تملأت، فرأيتها تجري في عروقي بين الجلد واللحم، ففضلت منها فضلة، فأعطيتها أبا بكر. قالوا: يارسول الله، هذا علم أعطاكه الله حتى إذا تملأت منه، فضلت فضلة، فأعطيتها أبا بكر، فقال e: قد أصبتم([67]).

وكان الصديق e يرى أن الرؤيا حق، وكان يجيد تأويلها وكان يقول إذا أصبح(من رأى رؤيا صالحة فليحدِّثنا بها وكان يقول لأن يرى رجل مسلم مسبغ الوضوء رؤيا صالحة أحب إلى من كذا وكذا([68])، ومما عبره t من الرؤى مايلي: عن ابن عباس t أن رجلاً أتى رسول الله فقال: إني رأيت الليلة في المنام ظلَّة تنطف السمن والعسل، فأرى الناس يتكففون منها، فالمستكثر والمستقِلُّ، وإذا سبب واصل من الأرض إلى السماء، فأراك أخذت به فعلوت، ثم أخذ به رجل آخر فانقطع، ثم وُصِلَ، فقال أبو بكر: يارسول الله، بأبي أنت، والله لتدَعنِّي فأعبُرَها. فقال النبي e: اعْبُرْ. قال: أما الظُّلَّة فالإسلام، وأما الذي ينطف من العسل والسمن فالقرآن، حلاوته تنطف فالمستكثر من القرآن، والمستقل، وأما السبب الواصل من السماء إلى الأرض فالحق الذي أنت عليه، تأخذ به فيُعليك الله، ثم يأخذ به رجل من بعدك فيعلو به، ثم يأخذ رجل آخر فيعلو به، فأخبرني يارسول الله، بأبي أنت، أصبت أم أخطأت؟ قال النبي e: أصبت بعضا وأخطأت بعضا قال: فوالله لتحَدَثَنِّي بالذي أخطأت. قال: لاتُقسم([69]) وعن عائشة رضي الله عنها أنها رأت كأنه وقع في بيتها ثلاثة أقمار، فقصتها على أبي بكر- وكان من أعبر الناس فقال: إن صدقت رؤياك ليُدْفَنَنَّ في بيتك من خير أهل الأرض ثلاثة. فلما قبض النبي e قال ياعائشة هذا خيرُ أقمارك([70])، فقد كان الصديق t أعبر هذه الأمة بعد نبيها([71]).

ومع كونه t من أعلم الصحابة إلا أنه من أبعد الناس عن التكلف، فعن ابراهيم النخعي قال: قرأ أبو بكر الصديق {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} (سورة عبس: آية31) فقيل ماالأب: فقيل كذا وكذا فقال أبو بكر: إن هذا لهو التكلف، أي أرض تقلني وأي سماء تظلني إذا قلت في كتاب الله مالا أعلم([72]).



يتبع
 يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق