إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 30 مارس 2014

751 السيرة النبوية:عرض وقائع وتحليل أحداث ج 2 الفصل السابع عشر: غزوة تبوك (9هـ), وهي غزوة العسرة المبحث الثاني : أحداث في الطريق والوصول إلى تبوك خامسًا: وفاة الصحابي عبد الله ذي البجادين( ) :



751


السيرة النبوية:عرض وقائع وتحليل أحداث ج 2

الفصل السابع عشر: غزوة تبوك (9هـ), وهي غزوة العسرة

المبحث الثاني : أحداث في الطريق والوصول إلى تبوك

خامسًا: وفاة الصحابي عبد الله ذي البجادين( ) :

قال عبد الله بن مسعود t: قمت من جوف الليل، وأنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، قال: فرأيت شعلة من نار في ناحية العسكر، قال: فاتبعتها، أنظر إليها، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر، وإذا عبد الله ذو البجادين المزني قد مات، وإذا هم قد حفروا له، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في حضرته، وأبو بكر وعمر يدليانه إليه، وهو يقول: «أدنيا إليَّ أخاكما» فدلياه إليه، فلما هيأه بشقه، قال: «اللهم إني أمسيت راضيًا عنه، فارض عنه» قال (الراوي عن ابن مسعود): قال عبد الله بن مسعود: يا ليتني كنت صاحب الحفرة( ).
قال ابن هشام: وإنما سمي ذا البجادين؛ لأنه كان ينازع إلى الإسلام فيمنعه قومه من ذلك يضيقون عليه، حتى تركوه في بجاد ليس عليه غيره, فهرب منهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فلما كان قريبا منه، شق بجاده باثنين، فاتزر بواحد واشتمل بالآخر، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل له: ذو البجادين، لذلك( ).
وفي هذه القصة دروس وحكم وفوائد منها:

1- تكريم النبي صلى الله عليه وسلم لجنوده أحياء وأمواتًا:

فهذا الفعل مع ذي البجادين يدل على حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تكريم أصحابه حتى في حالة الوفاة؛ لأنهم قدموا أنفسهم للجهاد في سبيل الله تاركين وراءهم أعز ما يملكون، فكانت تلك الرعاية مظهرًا من مظاهر تكريمهم في الدنيا، حيث لم يترك جثثهم تتناوشها الذئاب وغيرها من دواب الأرض؛ لكي يكون هذا التكريم من الأسباب التي تدفع غيرهم إلى الاستبسال والإقدام في ميادين الجهاد, ومن الجدير بالذكر أن هذا المبدأ لم يجد من يدعو إلى تطبيقه إلا في العصر الحديث، وبهذا يمكن أن يقال: إن رعاية القائد المسلم لشئون جنده تعد سبقا عسكريًا لم تعرفه النظم والدساتير الوضعية إلا بعد قرون طويلة، من بزوغ الإسلام( ).
فهذه صورة من البر والتكريم فريدة يتيمة، لن تجد في تاريخ الملوك والحكام من يبر ويتواضع إلى هذا المستوى، إلى حيث يوسد الحاكم فردا من رعيته بيده في مثواه الأخير، ثم يلتمس له المرضاة من رب العالمين، أما هو فقد أعلن أنه أمسى راضيا عنه( ).

2- جواز الدفن في الليل, والغبطة مشروعة في الخير:

فقد دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا البجادين ليلا، والسنة أن يعجل في دفن الميت، كما أن الغبطة وهي أن تتمنى حصول الخير لك كما حصل لغيرك من إخوانك, وهذا عكس الحسد، إذ الحسد تمنى زوال النعمة عن غيرك, والحسد كله شر كما ترى، أما الغبطة فلا تكون إلا في الخير( ), تأمل قول عبد الله بن مسعود t حينما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حق ذي البجادين: «اللهم إني أمسيت عنه راضيًا فارض عنه» فقال ابن مسعود: يا ليتني كنت صاحب اللحد( ) إنها كلمة كل مؤمن آمن بالله واليوم الآخر، ووقف موقفه ذاك, فقد عرفوا أين تكون ميادين التنافس( ).


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق