727
السيرة النبوية:عرض وقائع وتحليل أحداث ج 2
الفصل السادس عشر : غــزوة حنين والطـــائف (8هـ)
المبحث الثاني : فقه الرسول صلى الله عليه وسلم في التعامل مع النفوس
ويظهر هذا الفقه في عدة مواقف من هذه الغزوة منها:
أ- لا رجعة للوثنية:
خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين بعض حديثي العهد بالجاهلية, وكانت لبعض القبائل شجرة عظيمة خضراء يقال لها ذات أنواط يأتونها كل سنة، فيعلقون أسلحتهم عليها، ويذبحون عندها، ويعكفون عليها يوما، وبينما هم يسيرون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ وقع بصرهم على الشجرة، فتحلبت أفواههم على أعياد الجاهلية التي هجروها، ومشاهدها التي طال عهدهم بها، فقالوا: يا رسول الله, اجعل لنا (ذات أنواط) كما لهم (ذات أنواط), فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الله أكبر! قلتم -والذي نفس محمد بيده- كما قال قوم موسى لموسى: ( اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قال إنكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ) لتركبن سنن من كان قبلكم»( ).
وهذا يعبر عن عدم وضوح تصورهم للتوحيد الخالص رغم إسلامهم، ولكن
النبي صلى الله عليه وسلم أوضح لهم ما في طلبهم من معاني الشرك, وحذرهم من ذلك, ولم يعاقبهم أو يعنفهم؛ لعلمه بحداثة عهدهم بالإسلام( )، وقد سمح لهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالمشاركة في الجهاد؛ لأنه لا يشترط فيمن يخرج للجهاد أن يكون قد صحح اعتقاده تماما من غبش الجاهلية، وإنما الجهاد عمل صالح يثاب عليه فاعله، وإن قصر في بعض أمور الدين الأخرى، بل الجهاد مدرسة تربوية تعليمية يتعلم فيه المجاهدون كثيرًا من العقائد والأحكام والأخلاق؛ وذلك لما يتضمنه من السفر وكثرة اللقاءات التي يحصل فيها تجاذب الأحاديث وتلاقح الأفكار( ).
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق