إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 29 مارس 2014

726 السيرة النبوية:عرض وقائع وتحليل أحداث ج 2 الفصل السادس عشر : غــزوة حنين والطـــائف (8هـ) المبحث الأول :أسبابها وأحداث المعركة ثانيًا: مطاردة فلول الفارين إلى أوطاس والطائف: أ- قال أبو موسى الأشعري :


726

السيرة النبوية:عرض وقائع وتحليل أحداث ج 2

الفصل السادس عشر : غــزوة حنين والطـــائف (8هـ)

المبحث الأول :أسبابها وأحداث المعركة

ثانيًا: مطاردة فلول الفارين إلى أوطاس والطائف:

أ- قال أبو موسى الأشعري :

لما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من حنين بعث أبا عامر على  جيش إلى أوطاس, فلقي دُريد بن الصمة، فقتل دريد، وهزم الله أصحابه، قال أبو موسى: وبعثني مع أبي عامر، فرُمي أبو عامر في ركبته، رماه جُشمي بسهم فأثبته في ركبته، فانتهيت إليه فقلت: يا عم, من رماك؟ فأشار إليَّ فقال: ذاك قاتلي الذي رماني، فقصدت له، فلحقته، فلما رآني ولى فأتبعته وجعلت أقول له: ألا تستحي؟ ألا تثبت؟ فكف، فاختلفنا ضربتين بالسيف فقتلته، ثم قلت لأبي عامر: قتل الله صاحبك، قال: فانزع هذا السهم، فنزعته فنزا منه الماء.
قال: يا ابن أخي أقرئ النبي صلى الله عليه وسلم السلام وقل له: استغفر لي، واستخلفني أبو عامر على الناس فمكث يسيرًا ثم مات، فرجعت فدخلت على النبي صلى الله عليه وسلم في بيته على سرير مُرمل( ) وعليه فراش قد أثر رمال السرير بظهره وجنبيه، فأخبرته بخبرنا وخبر أبي عامر، وقوله: قل له استغفر لي، فدعا بماء فتوضأ، ثم رفع يديه فقال: «اللهم اغفر لعبيد أبي عامر» ورأيت بياض إبطيه، ثم قال: «اللهم اجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك من الناس» فقلت: ولي فاستغفر, فقال: «اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه وأدخله يوم القيامة مدخلاً كريمًا».
قال أبو بردة( ): إحداهما لأبي عامر، والأخرى لأبي موسى( ).

ب- محاصرة الفارين إلى الطائف: حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الطائف, واستخدم أساليب متنوعة في القتال والحصار, ومارس الشورى، واختار المكان المناسب عند الحصار، واستخدم الحرب النفسية والدعاية في صفوف الأعداء.. ومن هذه الأساليب:

1- استخدامه صلى الله عليه وسلم أسلوبا جديدا في القتال: استعمل النبي صلى الله عليه وسلم في حصاره للطائف أسلحة جديدة لم يسبق له أن استعملها من قبل, وهذه الأسلحة هي:
* المنجنيق: فقد ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم استعمل هذا السلاح عند حصاره لحصن ثقيف بالطائف، فعن مكحول ? أن النبي صلى الله عليه وسلم نصب المنجنيق على أهل الطائف( ).
والمنجنيق من أسلحة الحصار الثقيلة ذات التأثير الفعال على من وجهت إليه, فبحجارته تهدم الحصون والأبراج, وبقنابله تحرق الدور والمعسكرات، وهذا النوع يحتاج إلى عدد من الجنود في إدارته واستخدامه عند القتال( ).
* الدبابة: ومن أسلحة الحصار الثقيلة التي استعملها الرسول صلى الله عليه وسلم لأول مرة في حصار الطائف: الدبابة؛ والدبابة على شكل بيت صغير تعمل من الخشب وتتخذ للوقاية من سهام الأعداء، عندما يراد نقض جدار الحصن، بحيث إذا دخلها الجنود كان سقفها حرزًا لهم من الرمي( ).
* الحسك الشائك: من الأسلحة الجديدة التي استعملها الرسول صلى الله عليه وسلم في حصاره لأهل الطائف: الحسك الشائك؛ وهو من وسائل الدفاع الثابتة، ويعمل من خشبتين تسمران على هيئة الصليب، حتى تتألف منهما أربع شعب مدببة، وإذا رمى في الأرض بقيت شعبة منه بارزة تتعثر بها أقدام الخيل والمشاة، فتتعطل حركة السير السريعة المطلوبة في ميدان القتال( ).
وقد ذكر أصحاب المغازي والسير أن الرسول صلى الله عليه وسلم استعمل هذا السلاح في حصاره لأهل الطائف، حيث أمر جنده بنشر الحسك الشائك حول حصن ثقيف( ), وفي هذا إشارة إلى قادة الأمة خصوصًا، والمسلمين عموما, ألا يعطلوا عقولهم وتفكيرهم من أجل الاستفادة من النافع والجديد الذي يحقق للأمة مصلحة الدارين، ويدفع عنها شرور أعدائها.

2- اختيار رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانًا مناسبًا عند القتال: نزل الجيش في مكان مكشوف قريب من الحصن، وما كاد الجند يضعون رحالهم حتى أمطرهم الأعداء بوابل من السهام؛ فأصيب من جراء ذلك ناس كثيرون, وحينئذ عرض الحباب بن المنذر على الرسول صلى الله عليه وسلم فكرة التحول من هذا الموقع إلى مكان آمن من سهام أهل الطائف، فقبل صلى الله عليه وسلم هذه المشورة وكلف الحباب -لكونه من ذوي الخبرات الحربية الواسعة في هذا المجال- بالبحث عن موقع ملائم لنزول الجند، فذهب ? ثم حدد المكان المناسب, وعاد فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم جيشه بالتحول إلى المكان الجديد، وهذا شاهد عيان يحدثنا عما رأى؛ قال عمرو بن أمية الضمري ?: لقد أطلع علينا من نبلهم ساعة نزلنا شيء الله به عليم كأنه رجل جراد, وترسنا لهم حتى أصيب ناس من المسلمين بجراحة, ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحباب فقال: «انظر مكانًا مرتفعًا مستأخرًا عن القوم» فخرج الحباب حتى انتهى إلى موضع مسجد الطائف( ) خارج من القرية, فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يتحولوا( ).

3- استخدام الحرب النفسية والدعاية: لما اشتدت مقاومة أهل الطائف وقتلوا مجموعة من المسلمين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتحريق بساتين العنب والنخل في ضواحي الطائف للضغط على ثقيف, ثم أوقف هذا العمل بعد أثره في معنوياتهم وإضعافه روح المقاومة، وبعد أن ناشدته ثقيف بالله والرحم أن يترك هذا العمل, ووجه النبي صلى الله عليه وسلم نداء لعبيد الطائف أن من ينزل من الحصن ويخرج إلى المسلمين فهو حر، فخرج ثلاثة وعشرون من العبيد منهم أبو بكرة الثقفي فأسلموا، فأعتقهم ولم يعدهم إلى ثقيف بعد إسلامهم( ).
4- الحكمة من رفع الحصار: كانت حكمة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رفع الحصار واضحة؛ فالمنطقة المحيطة بها لم تعد تابعة لها، بل صارت ضمن سيادة الدولة الإسلامية، ولم تعد تستمد قوتها إلا من امتناع حصونها، فحصارها ورفعه سواء أمام القائد المحنك، وقد استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم من حوله في عملية الحصار( ) فقال نوفل بن معاوية الديلي: ثعلب في جحر إن أقمت عليه أخذته، وإن تركته لم يضرك, فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن الخطاب فأذن في الناس بالرحيل، فضج الناس من ذلك وقالوا: نرحل، ولم يفتح علينا الطائف؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فاغدوا على القتال» فغدوا, فأصبت المسلمين جراحات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنا قافلون غدا إن شاء الله», فسروا بذلك وأذعنوا، وجعلوا يرحلون ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك( ), فلما ارتحلوا واستقلوا، قال: «قولوا: آيبون، تائبون، عابدون، لربنا حامدون»( ), وقيل: يا رسول الله, ادع الله على ثقيف, فقال: «اللهم اهد ثقيفًا وائت بهم» ( ).


* * *



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق