إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 30 مارس 2014

768 السيرة النبوية:عرض وقائع وتحليل أحداث ج 2 الفصل السابع عشر: غزوة تبوك (9هـ), وهي غزوة العسرة المبحث السادس :أهم الأحداث ما بين غزوة تبوك وحجة الوداع ثانيًا: وفاة زعيم المنافقين (عبد الله بن أبيّ ابن سلول):


768

السيرة النبوية:عرض وقائع وتحليل أحداث ج 2

الفصل السابع عشر: غزوة تبوك (9هـ), وهي غزوة العسرة

المبحث السادس :أهم الأحداث ما بين غزوة تبوك وحجة الوداع

ثانيًا: وفاة زعيم المنافقين (عبد الله بن أبيّ ابن سلول):


مرض عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين، في ليالٍ بقين من شوال, ومات في ذي القعدة من السنة التاسعة( ).
قال أسامة بن زيد: دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على عبد الله بن أبيّ في مرضه نعوده، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «قد كنت أنهاك عن حب يهود»، فقال عبد الله: فقد أبغضهم سعد بن زرارة فمات( ).
ولما توفي عبد الله بن أبي جاء ابنه عبد الله بن عبد الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه أباه، فأعطاه، ثم سأله أن يصلي عليه، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه، فقام عمر، فأخذ بثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله, تصلي عليه وقد نهاك ربك أن تصلي عليه؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما خيرني الله فقال: ( اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَّغْفِرَ اللهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ) [التوبة: 80]. وسأزيده على سبعين» قال: إنه منافق، قال: فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله عز وجل آية: ( وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ ) [التوبة: 84] ( ).
وإنما صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم إجراء له على حكم الظاهر وهو الإسلام، ولما فيه من إكرام ولده عبد الله -وكان من خيار الصحابة وفضلائهم- وهو الذي عرض على النبي أن يقتل أباه لما قال مقالته يوم غزوة بني المصطلق كما بينَّا، ولما فيه من مصلحة شرعية، وهي تأليف قلوب قومه وتابعيه، فقد كان يدين له بالولاء فئة كبيرة من المنافقين، فعسى أن يتأثروا ويرجعوا عن نفاقهم ويعتبروا ويخلصوا لله ولرسوله، ولو لم يجب ابنه وترك الصلاة عليه قبل ورود النهي الصريح لكان سبة وعارا على ابنه وقومه، فالرسول الكريم اتبع أحسن الأمرين في السياسة إلى أن نهي فانتهى( ).
وأما إعطاؤه صلى الله عليه وسلم القميص فلأن الغنى به بخل بالكرم، وقد كان من خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا يرد طالب حاجة قط، على أنه كان مكافأة له على إعطائه العباس عم الرسول قميصه لما جيء به أسيرًا يوم بدر، وكان من خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وآل بيته رد الجميل بخير منه( ).
وبموت عبد الله بن سلول تراجعت حركة النفاق في المدينة, حتى إننا لم نجد لهم حضورًا بارزًا في العام العاشر للهجرة، ولم يبق إلا العدد غير المعروف إلا لصاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم حذيفة بن اليمان( ), وكان عمر -فيما بعد- لا يصلي على جنازة من جهل حاله حتى يصلي عليه حذيفة بن اليمان؛ لأنه كان يعلم أعيان المنافقين، وقد أخبره رسول الله بهم( ).
كان العام التاسع حاسمًا لحركة النفاق في المجتمع الإسلامي، فقد وصل النظام الإسلامي إلى قوته؛ ومن ثم لا بد من تحديد إطار التعامل مع كل القوى بوضوح( )، ولهذا عبر الإمام ابن القيم عن خطة الإسلام أمام المنافقين، فإنه أمر أن يقبل منهم علانيتهم، ويكل سرائرهم إلى الله، وأن يجاهدهم بالعلم والحجة، وأمر أن يعرض عنهم، ويغلظ عليهم، وأن يبلغ بالقول البليغ إلى نفوسهم، ونهى أن يصلى عليهم وأن يقوم على قبورهم، وأخبر أنه إن استغفر لهم فلن يغفر الله لهم( ).
وجاءت هذه الخطة وفق النصوص القرآنية التي احتوتها سورة التوبة (براءة), (الفاضحة) حيث يستغرق الحديث عن المنافقين أكثر من نصف السورة فيفضح نواياهم وأعمالهم ووصف أحوالهم النفسية والقلبية، وموقفهم في غزوة تبوك وقبلها وفي أثنائها وما تلاها، وكشف حقيقة حيلهم ومعاذيرهم في التخلف عن الجهاد، وبث الضعف والفتنة والفرقة في الصفوف، وإيذاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقول والعمل( ).
ومن أهم الأحكام التي برزت في هذه المرحلة ضد المنافقين:
1- عدم الصلاة على من مات منهم، ودمغهم بالكفر:
( وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ ? وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ أَن يُّعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ) [التوبة: 84، 85].
2- تهديم مسجدهم الذي بنوه للإضرار بالمسلمين، وهو مسجد الضرار وقد تحدثت عنه فيما مضى بنوع من التفصيل.
3- إصدار الأمر بمجاهدة المنافقين كمجاهدة الكافرين:
( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) [التحريم: 9], وسواء أكان الجهاد بالقتال أم في المعاملة والمواجهة والكشف والفضح فإن طريقة التعامل مع المنافقين بعد سورة براءة، غير المعاملة قبلها.
4- الكشف عن صفاتهم وأعمالهم بوضوح: كما جاء في سورة التوبة أيضا؛ فهم الذين قالوا تثبيطا للمسلمين: ( فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللهِ وَكَرِهُوا أَن يُّجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَالُوا لاَ تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ ) [التوبة: 81] وهم الذين يلمزون المطوعين في الصدقات ويؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم في القول والفعل( )... إلخ. هذه معالم المنهج النبوي في التعامل مع حركة النفاق في المجتمع الإسلامي في العام التاسع الهجري.



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق