764
السيرة النبوية:عرض وقائع وتحليل أحداث ج 2
الفصل السابع عشر: غزوة تبوك (9هـ), وهي غزوة العسرة
المبحث الخامس : دروس وعبر وفوائــــــد
ثانيًا: ممارسة الشورى في هذه الغزوة:
مارس رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الغزوة الشورى وقبـِل مشورة الصدِّيق والفاروق في بعض النوازل التي حدثت في الغزوة ومن هذه النوازل:
أ- قبول مشورة أبي بكر الصديق في الدعاء حين تعرض الجيش لعطش شديد:
قال عمر بن الخطاب: خرجنا إلى تبوك في قيظ شديد فنزلنا منزلا وأصابنا فيه عطش حتى ظننا أن رقابنا ستنقطع, حتى إن الرجل لينحر بعيره فيعتصر فرثه فيشربه، ثم يجعل ما بقى على كبده، فقال أبو بكر الصديق: يا رسول الله, إن الله قد عودك في الدعاء خيرا، فادع الله، قال: «أتحب ذلك؟» قال: نعم، فرفع يديه فلم يردهما حتى حالت السماء فأظلت ثم سكبت فملأوا ما معهم، ثم ذهبنا ننظر فلم نجدها جاوزت العسكر( ).
ب- قبول مشورة عمر بن الخطاب في ترك نحر الإبل حين أصابت الجيش مجاعة:
أصابت جيش العسرة مجاعة أثناء سيرهم إلى تبوك, فاستأذنوا النبي صلى الله عليه وسلم في نحر إبلهم حتى يسدوا جوعتهم، فلما أذن لهم النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك جاءه عمر t فأبدى مشورته في هذه المسألة, وهي أن الجند إن فعلوا ذلك نفدت رواحلهم وهم أحوج ما يكونون إليها في هذا الطريق الطويل، ثم ذكر t حلا لهذه المعضلة وهو: جمع أزواد القوم ثم الدعاء لهم بالبركة فيها، فعمل صلى الله عليه وسلم بهذه المشورة حتى صدر القوم عن بقية من هذا الطعام بعد أن ملأوا أوعيتهم منه وأكلوا حتى شبعوا.
ج- قبول مشورة عمر t في ترك اجتياز حدود الشام والعودة إلى المدينة:
عندما وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى منطقة تبوك وجد أن الروم فروا خوفًا من جيش المسلمين، فاستشار أصحابه في اجتياز حدود الشام, فأشار عليه عمر بن الخطاب t بأن يرجع بالجيش إلى المدينة وعلل رأيه بقوله: إن للروم جموعا كثيرة وليس بها أحد من أهل الإسلام، ولقد كانت مشورة مباركة؛ فإن القتال داخل بلاد الرومان يعد أمرًا صعبًا، إذ إنه يتطلب تكتيكًا خاصًا لأن الحرب في الصحراء تختلف في طبيعتها عن الحرب في المدن, بالإضافة إلى أن عدد الرومان في الشام يقرب من مائتين وخمسين ألفـًا، ولا شك في أن تجمع هذا العدد الكبير في تحصنه داخل المدن يعرض جيش المسلمين للخطر( ).
إن ممارسة الشورى في حياة الأمة في كل شئونها السياسية والعسكرية والاجتماعية... إلخ منهج تربوي كريم سار عليه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في حياته.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق