735
السيرة النبوية:عرض وقائع وتحليل أحداث ج 2
الفصل السادس عشر : غــزوة حنين والطـــائف (8هـ)
المبحث الثالث : دروس وعبر وفوائـــــــد
خامسًا: إسلام كعب بن زهير –الشاعر– والهيمنة الإعلامية على الجزيرة:
لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطائف، جاءه كعب بن زهير -الشاعر ابن الشاعر- وكان قد هجا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ضاقت به الأرض، وضاقت عليه نفسه, وحثه أخوه (بجير) على أن يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم تائبا مسلما، وحذره من سوء العاقبة إن لم يفعل ذلك، فقال قصيدته التي يمدح فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي اشتهرت بـ (قصيدة بانت سعاد), فقدم المدينة، وغدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صلى الصبح، ثم جلس إليه، ووضع يده في يده، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعرفه، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن كعب بن زهير جاء يستأمنك تائبًا مسلمًا، فهل أنت قابل منه؟ فوثب عليه رجل من الأنصار، فقال: يا رسول الله, دعني وعدو الله، أضرب عنقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعه عنك فقد جاء تائبًا نازعًا», وأنشد كعب قصيدته اللامية التي قال فيها:
متيم إثرها لم يفد مكبول
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول( )
إلا أغنُّ قرير العين مكحول( )
وما سعاد غداة الطرف إذ رحلوا
ومنها:
مهند من سيوف الله مسلول
إن الرسول لنور يستضاء به
ببطن مكة لما أسلموا: زولوا
في عصبة من قريش قال قائلهم
من نسج داود في الهيجا سرابيل( )
شُمُّ العرانين أبطال لبوسُهم
ويقال إنه لما أنشد رسول الله قصيدته أعطاه بردته، وهي التي صارت إلى الخلفاء( ). قال ابن كثير: هذا من الأمور المشهورة جدًّا، ولكن لم أر ذلك في شيء من هذه الكتب المشهورة بإسناد أرتضيه، فالله أعلم( ).
ويقال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال له بعد ذلك: «لولا ذكرت الأنصار بخير فإن الأنصار لذلك أهل!»( )، فقال:
في مقنب من صالحي الأنصار( )
من سره كرم الحياة فلا يزل
إن الخيار هم بنو الأخيار
ورثوا المكارم كابرًا عن كابر
كسوالف الهندي غير قصار( )
المكرهين السمهريَّ بأذرع
كالجمر غير كليلة الأبصار
والناظرين بأعين محمرَّة
للموت يوم تعانق وكرار
والبائعين نفوسَهم لنبيهم
بالمشرفي وبالقنا الخطار( )
والقائدين( ) الناس عن أديانهم
بدماء من علقوا من الكفار
يتطهرون يرونه نسكًا لهم
إلى أن قال:
فيهم لصدقني الذين أماري( )
لو يعلم الأقوام علمي كله
للطارقين( ) النازلين مقاري( )
قوم إذا خوت النجوم فإنهم
وبإسلام كعب بن زهير نستطيع القول إن الشعراء المعارضين للدعوة الإسلامية قد انتهى دورهم، فقد أسلم ضرار بن الخطاب وعبد الله بن الزبعرى، وأبو سفيان بن الحارث بن هشام، والعباس بن مرداس، وتحولوا إلى الصف الإسلامي, واستظلوا بلوائه عن قناعة وإيمان، ولم يكتف بعضهم بأن تكون كلمته في الدفاع عن الإسلام, بل كان سيفه إلى جانب كلمته، وهذا من بركات فتح مكة( ).
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق