إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 28 مارس 2014

691 السيرة النبوية:عرض وقائع وتحليل أحداث ج 2 الفصل الرابع عشر: أهم الأحداث ما بين الحديبية وفتح مكة ثالثًا: الجيش يصل إلى معان واستشهاد الأمراء الثلاثة:


691

السيرة النبوية:عرض وقائع وتحليل أحداث ج 2

الفصل الرابع عشر: أهم الأحداث ما بين الحديبية وفتح مكة

ثالثًا: الجيش يصل إلى معان واستشهاد الأمراء الثلاثة:

لما وصل الجيش الإسلامي إلى معان من أرض الشام -وهي الآن محافظة من محافظات الأردن- بلغه أن النصارى الصليبيين من عرب وعجم قد حشدوا حشودًا ضخمة لقتالهم، إذ حشدت القبائل العربية مائة ألف صليبي من لخم وجذام وبهراء وبلى, وعينت لهم قائدًا هو مالك بن رافلة, وحشد هرقل مائة ألف نصراني صليبي من الروم فبلغ الجيش مائتي ألف مقاتل، مزودين بالسلاح الكافي يرفلون في الديباج لينبهر المسلمون بهم وبقوتهم( ), ولقد قام المسلمون في معان يومين يتشاورون في التصدي لهذا الحشد الضخم فقال بعضهم: نرسل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة نخبره بحشود العدو, فإن شاء أمدنا بالمدد، وإن شاء أمرنا بالقتال( ), وقال بعضهم لزيد بن حارثة قائد الجيش: وقد وطئت البلاد وأخفت أهلها، فانصرف فإنه لا يعدل العافية شيء( )، ولكن عبد الله بن رواحة حسم الموقف بقوله: (يا قوم، والله إن الذي تكرهون للذي خرجتم تطلبون؛ الشهادة! وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين: إما ظهور، وإما شهادة، فألهبت كلماته مشاعر المجاهدين، واندفع زيد بن حارثة بالناس إلى منطقة مؤتة جنوب الكرك يسير حيث آثر الاصطدام بالروم هناك، فكانت ملحمة سجل فيها القادة الثلاثة بطولة عظيمة انتهت باستشهادهم( )، فقد استبسل زيد بن حارثة وتوغل في صفوف الأعداء وهو يحمل راية رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى شاط في رماح القوم( ).
ثم أخذ الراية جعفر وانبرى يتصدى لجموع المشركين الصليبيين، فكثفوا حملاتهم عليه، وأحاطوا به إحاطة السوار بالمعصم، فلم تلن له قناة، ولم تهن له عزيمة، بل استمر في القتال, وزيادة في الإقدام ونزل عن فرسه وعقرها، وأخذ ينشد:
طيبة وباردًا شرابها
        يا حبذا الجنة واقترابها

كافرة بعيدة أنسابها
        والروم روم قد دنا عذابها

عليَّ إذا لاقيتها ضرابها( )

لقد أخذ ? اللواء بيده اليمنى فقطعت، فأخذه بشماله فقطعت, فاحتضنه بعضديه وانحنى عليه حتى استشهد وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة، ولقد أُثخن ? بالجراح إذ بلغ عدد جراحه تسعين بين طعنة برمح أو ضربة بسيف أو رمية بسهم, وليس من بينها جرح في ظهره بل كلها في صدره( ).
روى الإمام البخاري -رحمه الله- في صحيحه بإسناده إلى عبد الله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- قال: كنت في تلك الغزوة فالتمسنا جعفر بن أبي طالب فوجدناه في القتلى, ووجدنا ما في جسده بضعًا وتسعين من طعنة أو رمية( ).
ولقد عوض الله -تبارك وتعالى- جعفر بن أبي طالب ? وأكرمه على شجاعته وتضحيته بأن جعل له جناحين يطير بهما في الجنة حيث يشاء، فقد روى البخاري في صحيحه بإسناده إلى عامر قال: كان ابن عمر إذا حيا ابن جعفر قال: السلام عليك يا ابن ذي الجناحين( ).
وبعد استشهاد جعفر بن أبي طالب استلم الراية عبد الله بن رواحة الأنصاري ? وامتطى جواده، وهو يقول:
لتنزلن أو لتكرهنه
        أقسمت يا نفس لتنزلنه

ما لي أراك تكرهين الجنة
        إن أجلب( ) الناس وشدوا الرنة( )

هل أنت إلا نطفة في شنة
        قد طال ما قد كنت مطمئنة

هذا حمام الموت قد صليت
        يا نفس إلا تقتلي تموتي

إن تفعلي فعلهما هُديت( )
        وما تمنيت فقد أعطيت

ويذكر أن ابن عم لعبد الله بن رواحة قد قدم له قطعة من لحم وقال له: شد بهذا صلبك، فإنك لقيت في أيامك هذه ما لقيت، فأخذها من يده ثم انتهس منه نهسة، ثم سمع جلبة وزخامًا في جبهة القتال، فقال يخاطب نفسه: وأنت في الدنيا؟ ثم ألقى قطعة اللحم من يده وتقدم يقاتل العدو حتى استُشهد ?, وكان ذلك في آخر النهار( ).


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق