إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 28 مارس 2014

676 السيرة النبوية:عرض وقائع وتحليل أحداث ج 2 الفصل الرابع عشر: أهم الأحداث ما بين الحديبية وفتح مكة المبحث الثاني : دعوة الملوك والأمـــــراء أولا: كان صلح الحديبية إيذانًا ببداية المد الإسلامي:


676

السيرة النبوية:عرض وقائع وتحليل أحداث ج 2

الفصل الرابع عشر: أهم الأحداث ما بين الحديبية وفتح مكة 

المبحث الثاني : دعوة الملوك والأمـــــراء

أولا: كان صلح الحديبية إيذانًا ببداية المد الإسلامي:


 فقد انساح هذا المد إلى أطراف الجزيرة العربية بل تجاوزها إلى ما وراء حدود الجزيرة العربية فمنذ (أن عقد الرسول صلى الله عليه وسلم صلح الحديبية مع قريش وما تلا ذلك من إخضاع يهود شمال الحجاز في خيبر ووادي القرى وتيماء وفدك إلى سيادة الإسلام، فإن الرسول لم يأل جهدا لنشر الإسلام خارج حدود الحجاز، وكذلك خارج حدود الجزيرة العربية, وقد عبر عليه الصلاة والسلام عن هذا المنهج قولاً وعملاً من خلال إرساله عددًا من الرسل والمبعوثين إلى أمراء الجزيرة العربية وإلى ملوك العالم المعاصر خارج الجزيرة العربية.
وتعد هذه الخطوة نقطة تحول هامة في تاريخ العرب والإسلام ليس لأن الرسول سوف يوحد عرب الجزيرة العربية تحت راية الإسلام فحسب، ولكن لأن هؤلاء العرب بعد أن اعتنقوا الإسلام وتمثلوا رسالة السماء أنيط بهم حمل الدعوة الإسلامية إلى البشرية كافة)( ).
ويشير المنهج النبوي في دعوة الزعماء والملوك إلى ما يجب أن تكون عليه وسائل الدعوة، فإلى جانب دعوة الأمراء والشعوب، اختار الرسول صلى الله عليه وسلم أسلوبًا جديدًا من أساليب الدعوة وهو مراسلة الملوك ورؤساء القبائل، وكان لأسلوب إرسال الرسائل إلى الملوك والأمراء أثر بارز في دخول بعضهم الإسلام وإظهار الود من البعض الآخر، كما كشفت هذه الرسائل مواقف بعض الملوك والأمراء من الدعوة الإسلامية ودولتها في المدينة؛ وبذلك حققت هذه الرسائل نتائج كثيرة, واستطاعت الدولة الإسلامية من خلال ردود الفعل المختلفة تجاه الرسائل أن تنتهج نهجًا سياسيًّا وعسكريًّا واضحًا ومتميزًا( ), وإليك أهم هذه الرسائل:
1- فقد وردت رواية صحيحة( ) تضمنت نص كتاب النبي صلى الله عليه وسلم الذي بعثه مع دحية الكلبي إلى هرقل عظيم الروم( ), وذلك في مدة هدنة الحديبية وهو كما يلي:
«بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله، إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى: أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت عليك إثم الأريسيين, ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إلى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) [آل عمران: 64]( )».
ولقد تسلم هرقل رسالة النبي صلى الله عليه وسلم ودقق في الأمر كما في الحديث الطويل المشهور بين أبي سفيان وهرقل المروي في الصحيحين حين سأله عن أحوال النبي، وقال بعد ذلك لأبي سفيان: (إن كان ما تقول فيه حقًّا فإنه نبي، وقد كنت أعلم أنه خارج، ولم أكن أظنه منكم، ولو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه) ( ).
2- أرسل النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب إلى كسرى ملك الإمبراطورية الفارسية، مع عبد الله بن حذافة السهمي، (أمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين( ) فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى، فلما قرأه مزقه, فدعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمَّزقوا كل ممزق)( )، ونص الرسالة كما أورده الطبري كالتالي:

«بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس، سلام على من اتبع الهدى، وآمن بالله ورسوله، وشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، إلى الناس كافة، لينذر من كان حيًّا، أسلِمْ تسلَمْ، فإن أبيت عليك إثم المجوس» ( ).

3- أما كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي ملك الحبشة فقد أرسله مع عمرو بن أمية الضمري وقد جاء في الكتاب:
«بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله، إلى النجاشي ملك الحبشة، أسلم أنت، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن وأشهد أن عيسى ابن مريم روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطيبة الحصينة, فحملت به، فخلقه من روحه ونفخه, كما خلق آدم بيده، وإني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له، والموالاة عن طاعته، وأن تتبعني وتؤمن بالذي جاءني فإني رسول الله، وإني أدعوك وجنودك إلى الله عز وجل وقد بلغت ونصحت فاقبلوا نصيحتي، والسلام على من اتبع الهدى»( ).
4- أما كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس حاكم مصر( ), وكذلك رد المقوقس إليه( ), فلم تثبت من طرق صحيحة، ولا يعني ذلك نفي إرسال الكتاب إليه، كما أن ذلك لا يعني الطعن بصحة النصوص من الناحية التاريخية, فربما تكون صحيحة من حيث الشكل والمضمون غير أنها لا يمكن أن يحتج بها في السياسة الشرعية( ). فلقد أورد محمد بن سعد في طبقاته( ) أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إلى المقوقس جريح بن مينا ملك الإسكندرية وعظيم القبط، كتابًا مع حاطب بن أبي بلتعة اللخمي، وأنه قال خيرًا وقارب الأمر، غير أنه لم يسلم وأهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم عدة هدايا كان بينها مارية القبطية، وأنه لما ورد جواب المقوقس إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ضن الخبيث بملكه، ولا بقاء لملكه»( ).
5- وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم شجاع بن وهب أخا بني أسد بن خزيمة، برسالة إلى المنذر بن الحارث بن أبي شمر الغساني صاحب دمشق( ), حين عودته والمسلمين من الحديبية، وقد تضمن نص الرسالة قوله: سلام على من اتبع الهدى، وآمن به، إني أدعوك إلى أن تؤمن بالله وحده لا شريك له يُبقى لك ملكك( ).
6- وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم سليط بن عمرو العامري بكتاب إلى هوذة بن علي الحنفي( ) عند مقدمه من الحديبية, وقد اشترط هوذة الحنفي على الرسول صلى الله عليه وسلم بعد قراءته رسالته إليه أن يجعل له بعض الأمر معه، فرفض النبي صلى الله عليه وسلم أن يقبل ذلك( ).
7- وأرسل صلى الله عليه وسلم أبا العلاء الحضرمي( ) بكتابه إلى المنذر بن ساوي العبدي أمير البحرين بعد انصرافه من الحديبية، ونقلت المصادر التاريخية أن المنذر قد استجاب لكتاب النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم وأسلم معه جميع العرب بالبحرين، فأما أهل البلاد من اليهود والمجوس فإنهم صالحوا العلاء والمنذر على الجزية من كل حالم دينار( ), ونقل أبو عبيد القاسم بن سلام نص كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى المنذر بن ساوي برواية عروة بن الزبير، وجاء فيه:
«سلام أنت، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد فإن من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا, فذلك المسلم الذي له ذمة الله، وذمة الرسول، فمن أحب ذلك من المجوس فإنه آمن ومن أبى فإن الجزية عليه»( ).
وفي ذي القعدة سنة 8هـ بعث النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص بكتابه إلى جيفر وعبد ابني الجلندي الأزديين بعمان( ), وقد جاء فيه: «من محمد النبي رسول الله لعباد الله الأسبذيين ملوك عمان، وأسد عمان، ومن كان منهم بالبحرين إنهم إن آمنوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطاعوا الله ورسوله وأعطوا حق النبي صلى الله عليه وسلم، ونسكوا نسك المؤمنين، فإنهم آمنون وأن لهم ما أسلموا عليه، غير أن مال بيت النار ثنيا لله ورسوله, وأن عشور التمر صدقة، ونصف عشور الحب، وأن للمسلمين نصرهم ونصحهم، وأن لهم على المسلمين مثل ذلك، وأن لهم أرحاءهم يطحنون بها ما شاءوا»( ).
وأوردت المصادر بعد ذلك عددًا كبيرًا من المرويات عن رسائل أخرى لم تثبت من الناحية الحديثية( ).


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق