671
السيرة النبوية:عرض وقائع وتحليل أحداث ج 2
الفصل الرابع عشر: أهم الأحداث ما بين الحديبية وفتح مكة
المبحث الأول :غــــــــزوة خيــبـر
سادسًا: تقسيم الغنائم:
1- كانت غزوة خيبر من أكثر غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم غنيمة، من حيث الأراضي والنخيل والثياب والأطعمة وغير ذلك، ومن خلال وصف كتب السيرة نلاحظ أن الغنائم تتكون من:
أ- الطعام: فقد غنم المسلمون كثيرًا من الأطعمة من حصون خيبر، فقد وجدوا فيها الشحم والزيت والعسل والسمن، وغير ذلك, فأباح رسول الله صلى الله عليه وسلم الأكل من تلك الأطعمة، ولم يخمسها( ).
ب- الثياب والأثاث والإبل والبقر والغنم، لقد أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسها ووضعه فيما وضعه الله فيه، ووزع أربعة أخماسها على المحاربين.
ج- السبي: لقد سبى رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرًا من نساء اليهود، ووزع السبي على المسلمين، فهو غنيمة ويأخذ حكم الغنيمة.
د- أما الأراضي والنخيل فقد قسمها النبي إلى ستة وثلاثين سهمًا، وجمع كل سهم مائة سهم، فكانت ثلاثة آلاف وستمائة سهم، فكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمسلمين النصف من ذلك، وهو ألف وثمانمائة سهم، ووزع النصف الآخر، وهو ألف وثمانمائة سهم لنوائبه، وما ينزل به من أمور المسلمين( ).
هـ- وكان من بين ما غنم المسلمون من يهود خيبر عدة صحف من التوراة فطلب اليهود ردَّها، فأمر بتسليمها إليهم، ولم يصنع صلى الله عليه وسلم ما صنع الرومان حينما فتحوا أورشليم وأحرقوا الكتب المقدسة، وداسوها بأرجلهم، ولا ما صنع النصارى في حروب اضطهاد اليهود في الأندلس حين أحرقوا كذلك صحف التوراة( ).
وقد أبقى رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود خيبر فيها على أن يعملوا في زراعتها وينفقوا عليها من أموالهم, ولهم نصف ثمارها، على أن للمسلمين حق إخراجهم منها متى أرادوا، وكان اليهود قد بادروا بعرض ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: نحن أعلم بالأرض منكم فوافق على ذلك بعد أن هم بإخراجهم منها( ).
وقد اشترط عليهم أن يجليهم عنها متى شاء، وهنا تظهر براعة سياسة جديدة في عقد الشروط، فإن بقاء اليهود في الأرض يفلحونها يوفر للمسلمين الجنود المجاهدين في سبيل الله، ومن جهة أخرى فإن اليهود هم أصحاب الأرض وهم أدرى بفلاحتها من غيرهم، فبقاؤهم فيها يعطي ثمرة أكثر وأجود وبخاصة أنهم لن يأخذوا أجرًا، ولكنهم سيأخذون نصف ما يخرج من الأرض قل أو كثر.
وقد ضمن الرسول -بشرط إجلائهم متى شاء المسلمون- إخضاعهم وكسر شوكتهم؛ لأنهم يعلمون إذا فعلوا شيئًا يضر بالمسلمين سيطردونهم منها، ولا يعودون إليها أبدًا.
وقد حدث ذلك فعلا في عهد سيدنا عمر بن الخطاب ? حيث اعتدوا على عبد الله ابن عمر ففدعوا يديه من المرفقين، وكانوا قبل ذلك في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم اعتدوا على عبد الله بن سهل فقتلوه, فلما تحقق عمر من غدرهم وخيانتهم أمر بإجلائهم( ). وحاول يهود خيبر أن يخفوا الفضة والذهب وغيبوا مسكًا( ) لحيي بن أخطب، وكان قد قتل مع بني قريظة، وكان احتمله معه يوم بني النضير حين أجليت النضير، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم سعية عم حيي بن أخطب: أين مسك حيي بن أخطب؟ قال: أذهبته الحروب والنفقات( ).
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: العهد قريب والمال أكثر من ذلك، فدفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الزبير بن العوام، فمسه بعذاب، وقد كان حيي قبل ذلك دخل خربة، فقال عمه: قد رأيت حييًا يطوف في خربة هاهنا, فذهبوا فطافوا، فوجدوا المسك في الخربة( ). وبعد الاتفاق الذي تم بين رسول الله صلى الله عليه وسلم ويهود خيبر على إصلاح الأرض جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة يأتيهم كل عام فيخرصها عليهم ثم يضمنهم الشطر، فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شدة خرصه( ), وأرادوا أن يرشوه فقال: يا أعداء الله تطعموني السحت؟ والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إليَّ، ولأنتم أبغض الناس إليَّ من عدتكم من القردة والخنازير، ولا يحملني بغضي إياكم وحبي إياه على أن لا أعدل عليكم. فقالوا: بهذا قامت السماوات والأرض( ).
لقد أصبحت خيبر ملكًا للمسلمين وصارت موردًا مهمًّا لهم, قال ابن عمر ?: ما شبعنا حتى فتحت خيبر( )، وقد تحسن الوضع الاقتصادي بعد خيبر, ورد المهاجرون المنائح التي أعطاهم إياها الأنصار( ) من النخل.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق