4632
البداية والنهاية ( ابن كثير )
ثم دخلت سنة ست وثلاثين وسبعمائة
استهلت بيوم الجمعة والحكام هم المذكورون في التي قبلها.
وفي أول يوم منها ركب تنكز إلى قلعة جعبر ومعه الجيش والمناجنيق فغابوا شهراً وخمسة أيام وعادوا سالمين.
وفي ثامن صفر فتحت الخانقاه التي أنشأها سيف الدين قوصون الناصري خارج باب القرافة، وتولى مشيختها الشيخ شمس الدين الأصبهاني المتكلم.
وفي عاشر صفر خرج ابن جملة من السجن بالقلعة وجاءت الأخبار بموت ملك التتار أبي سعيد بن خربندا بن أرغون بن أبغا بن هولاكو بن تولى بن جنكيز خان، في يوم الخميس ثاني عشر ربيع الآخر بدار السلطنة بقراباغ، وهي منزلهم في الشتاء، ثم نقل إلى تربته بمدينته التي أنشأها قريباً من السلطانية مدينة أبيه، وقد كان من خيار ملوك التتار وأحسنهم طريقة وأثبتهم على السنة وأقومهم بها.
وقد عز أهل السنة بزمانه وذلت الرافضة، بخلاف دولة أبيه، ثم من بعده لم يقم للتتار قائمة، بل اختلفوا فتفرقوا شذر مذر إلى زماننا هذا، وكان القائم من بعده بالأمر ارتكاوون من ذرية أبغا، ولم يستمر له الأمر إلا قليلاً.
وفي يوم الأربعاء عاشر جمادى الأولى درّس بالناصرية الجوانية بدر الدين الأردبيلي عوضاً عن كمال الدين بن الشيرازي توفي، وحضر عنده القضاة.
وفيه: درّس بالظاهرية البرانية الشيخ الإمام المقري سيف الدين أبو بكر الحريري عوضاً عن بدر الدين الأردبيلي، تركها لما حصلت له الناصرية الجوانية، وبعده بيوم درس بالنجيبية كاتبه إسماعيل بن كثير عوضاً عن الشيخ جمال الدين ابن قاضي الزبداني تركها حين تعين له تدريس الظاهرية الجوانية.
وحضر عنده القضاة والأعيان كان درساً حافلاً أثنى عليه الحاضرون وتعجبوا من جمعه وترتيبه، وكان ذلك في تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28] وانساق الكلام إلى مسألة ربا الفضل.
وفي يوم الأحد رابع عشره ذكر الدرس بالظاهرية المذكورة ابن قاضي الزبداني عوضاً عن علاء الدين بن القلانسي توفي، وحضر عنده القضاة والأعيان، وكان يوماً مطيراً.
وفي أول جمادى الآخرة وقع غلاء شديد بديار مصر واشتد ذلك إلى شهر رمضان، وتوجه خلق كثير في رجب إلى مكة نحواً من ألفين وخمسمائة، منهم عز الدين بن جماعة، وفخر الدين النويري وحسن السلامي، وأبو الفتح السلامي، وخلق.
وفي رجب كملت عمارة جسر باب الفرج وعمل عليه باشورة ورسم باستمرار فتحه إلى بعد العشاء الآخرة كبقية سائر الأبواب، وكان قبل ذلك يغلق من المغرب. (ج/ص: 14/202)
وفي سلخ رجب أقيمت الجمعة بالجامع الذي أنشأه نجم الدين بن خيلخان تجاه باب كيسان من القبلة، وخطب فيه الشيخ الإمام العلامة شمس الدين ابن قيم الجوزية.
وفي ثاني شعبان باشر كتابة السر بدمشق القاضي علم الدين محمد بن قطب الدين أحمد بن مفضل، عوضاً عن كمال الدين ابن الأثير، عزل وراح إلى مصر.
وفي يوم الأربعاء رابع رمضان ذكر الدرس بالأمينية الشيخ بهاء الدين ابن إمام المشهد عوضاً عن علاء الدين بن القلانسي.
وفي العشرين منه خلع على الصدر نجم الدين بن أبي الطيب بنظر الخزانة مضافاً إلى ما بيده من وكالة بيت المال، بعد وفاة ابن القلانسي بشهور.
وخرج الركب الشامي يوم الاثنين ثامن شوال وأميره قطلودمر الخليلي.
وممن حج فيه: قاضي طرابلس محيي الدين بن جهبل، والفخر المصري، وابن قاضي الزبداني، وابن العز الحنفي، وابن غانم، والسخاوي، وابن قيم الجوزية، وناصر الدين بن البربوه الحنفي، وجاءت الأخبار بوقعة جرت بين التتار قتل فيها خلق كثير منهم، وانتصر على باشا وسلطانه الذي كان قد أقامه، وهو موسى كاوون على ارباكاوون وأصحابه، فقتل هو ووزيره ابن رشيد الدولة، وجرت خطوب كثيرة طويلة، وضربت البشائر بدمشق.
وفي ذي القعدة خلع على ناظر الجامع الشيخ عز الدين بن المنجا بسب إكماله البطائن في الرواق الشمالي والغربي والشرقي، ولم يكن قبل ذلك له بطائن.
وفي يوم الأربعاء سابع الحجة ذكر الدرس بالشبلية القاضي نجم الدين ابن قاضي القضاة عماد الدين الطرسوسي الحنفي، وهو ابن سبع عشرة سنة، وحضر عنده القضاة والأعيان، وشكروا من فضله ونباهته، وفرحوا لأبيه فيه.
وفيها: عزل ابن النقيب عن قضاء حلب ووليها ابن خطيب جبرين، وولي الحسبة بالقاهرة ضياء الدين يوسف بن أبي بكر بن محمد خطيب بيت الأبار، خلع عليه السلطان.
وفي ذي القعدة رسم السلطان باعتقال الخليفة المستكفي وأهله، وأن يمنعوا من الاجتماع، فآل أمرهم كما كان أيام الظاهر والمنصور. (ج/ص: 14/203)
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق