إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 24 يونيو 2015

4733 البداية والنهاية ( ابن كثير ) دخول نائب السلطنة الأمير سيف الدين بيدمر إلى دمشق


4733

البداية والنهاية ( ابن كثير )

دخول نائب السلطنة الأمير سيف الدين بيدمر إلى دمشق

وذلك صبيحة يوم السبت التاسع عشر من شعبان، أقبل بجيشه من ناحية حلب وقد بات بوطأة برزة ليلة السبت، وتلقاه الناس إلى حماة ودونها، وجرت له وقعة مع العرب كما ذكرنا، فلما كان هذا اليوم دخل في أبهة عظيمة، وتجمل حافل، فقبّل العتبة على العادة، ومشى إلى دار السعادة‏.‏

ثم أقبلت جنائبه في لبوس هائلة باهرة، وعدد كثير وعدد ثمينة، وفرح المسلمون به لشهامته وصرامته وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، والله تعالى يؤيده ويسدده‏.‏

وفي يوم الجمعة ثاني شهر رمضان خطبت الحنابلة بجامع القبيبات وعزل عنه القاضي شهاب الدين قاضي العسكر الحنبلي، بمرسوم نائب السلطان لأنه كان يعرف أنه كان مختصراً بالحنابلة منذ عُين إلى هذا الحين‏.‏

وفي يوم الجمعة السادس عشر منه قتل عثمان بن محمد المعروف بابن دبادب الدقاق بالحديد على ما شهد عليه به جماعة لا يمكن تواطؤهم على الكذب، أنه كان يكثر من شتم الرسول صلى الله عليه وسلم، فرفع إلى الحاكم المالكي وادعى عليه فأظهر التجابن، ثم استقر أمره على أن قتل قبحه الله وأبعده ولا رحمه‏.‏

وفي يوم الاثنين السادس والعشرين منه قتل محمد المدعو زبالة الذي بهتار لابن معبد على ما صدر منه من سب النبي صلى الله عليه وسلم، ودعواه أشياء كفرية، وذكر عنه أنه كان يكثر الصلاة والصيام، ومع هذا يصدر منه أحوال بشعة في حق أبي بكر وعمر وعائشة أم المؤمنين، وفي حق النبي صلى الله عليه وسلم، فضربت عنقه أيضاً في هذا اليوم في سوق الخيل ولله الحمد والمنة‏.‏

‏(‏ج/ص‏:‏ 14/313‏)‏

وفي ثالث عشر شوال خرج المحمل السلطاني وأميره الأمير ناصر الدين بن قراسنقر وقاضي الحجيج الشيخ شمس الدين محمد بن سند المحدث، أحد المفتيين‏.‏

وفي أواخر شهر شوال أخذ رجل يقال له حسن، كان خياطاً بمحلة الشاغور، ومن شأنه أن ينتصر لفرعون لعنه الله، ويزعم أنه مات على الإسلام ويحتج بأنه في سورة يونس حين أدركه الغرق قال‏:‏ ‏{‏آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ‏}‏ ‏[‏يونس‏:‏ 90‏]‏ ولا يفهم معنى قوله‏:‏ ‏{‏آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ‏}‏ ‏[‏يونس‏:‏ 91‏]‏ ولا معنى قوله‏:‏ ‏{‏فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى‏}‏ ‏[‏النازعات‏:‏ 25‏]‏ ولا معنى قوله‏:‏ ‏{‏فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلاً‏}‏ ‏[‏المزمل‏:‏ 16‏]‏ إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث الكثيرة الدالة على أن فرعون أكفر الكافرين كما هو مجمع عليه بين اليهود والنصارى والمسلمين‏.‏

وفي صبيحة يوم الجمعة سادس القعدة قدم البريد بطلب نائب السلطنة إلى الديار المصرية في تكريم وتعظيم، على عادة تنكز، فتوجه النائب إلى الديار المصرية وقد استصحب معه تحفاً سنية وهدايا معظمة تصلح للإيوان الشريف‏.‏

في صبيحة السبت رابع عشره، خرج ومعه القضاة والأعيان من الحجبة والأمراء لتوديعه‏.‏

وفي أوائل ذي الحجة ورد كتاب من نائب السلطنة بخطه إلى قاضي القضاة تاج الدين الشافعي يستدعيه إلى القدس الشريف، وزيارة قبر الخليل، ويذكر فيه ما عامله به السلطان من الإحسان والإكرام والاحترام والإطلاق والأنعام من الخيل والتحف والمال والغلات، فتوجه نحوه قاضي القضاة يوم الجمعة بعد الصلاة رابعه على ستة من خيل البريد، ومعه تحف وما يناسب من الهدايا، وعاد عشية يوم الجمعة ثامن عشره إلى بستانه‏.‏

ووقع في هذا الشهر والذي قبله سيول كثيرة جداً في أماكن متعددة، من ذلك ما شاهدنا آثاره في مدينة بعلبك، أتلف شيئاً كثيراً من الأشجار، واخترق أماكن كثيرة متعددة عندهم، وبقي آثار سيحه على أماكن كثيرة‏.‏

من ذلك سيل وقع بأرض جعلوص أتلف شيئاً كثيراً جداً، وغرق فيه قاضي تلك الناحية، ومع بعض الأخيار، كانوا وقوفاً على أكمة فدهمهم أمر عظيم، ولم يستطيعوا دفعه ولا منعه، فهلكوا‏.‏

ومن ذلك سيل وقع بناحية حسة جمال فهلك به شيء كثير من الأشجار والأغنام والأعناب وغيرها‏.‏

ومن ذلك سيل بأرض حلب هلك به خلق كثير من التركمان وغيرهم، رجالاً ونساء وأطفالاً وغنماً وإبلاً‏.‏

قرأته من كتاب من شاهد ذلك عياناً، وذكر أنه سقط عليهم برد وزنت الواحدة منه فبلغت زنتها سبعمائة درهم وفيه ما هو أكبر من ذلك وأصغر، انتهى‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 14/314‏)‏

الأمر بإلزام القلندرية بترك حلق لحاهم وحواجبهم وشواربهم وذلك محرم بالإجماع حسب ما حكاه ابن حازم وإنما ذكره بعض الفقهاء بالكراهية‏.‏

ورد كتاب من السلطان أيده الله إلى دمشق في يوم الثلاثاء خامس عشر ذي الحجة، بإلزامهم بزي المسلمين وترك زي الأعاجم والمجوس، فلا يمكن أحد منهم من الدخول إلى بلاد السلطان حتى يترك هذا الزي المبتدع، واللباس المستشنع، ومن لا يلتزم بذلك يعزر شرعاً، ويقلع قراره قلعاً، وكان اللائق أن يؤمروا بترك أكل الحشيشة الخسيسة، وإقامة الحد عليهم بأكلها وسكرها، كما أفتى بذلك بعض الفقهاء‏.‏

والمقصود أنهم نودي عليهم بذلك في جميع أرجاء البلد ونواحيه في صبيحة يوم الأربعاء ولله الحمد والمنة‏.‏

وبلغنا في هذا الشهر وفاة الشيخ الصالح الشيخ أحمد بن موسى الزرعي بمدينة جبراص يوم الثلاثاء خامس ذي الحجة، وكان من المبتلين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والقيام في مصالح الناس عند السلطان والدولة، وله وجاهة عند الخاص والعام، رحمه الله‏.‏

والأمير سيف الدين كحلن بن الأقوس، الذي كان حاجباً بدمشق وأميراً، ثم عزل عن ذلك كله، ونفاه السلطان إلى طرابلس فمات هناك‏.‏

وقدم نائب السلطنة الأمير سيف الدين بيدمر عائداً من الديار المصرية، وقد لقي من السلطان إكراماً وإحساناً زائداً، فاجتاز في طريقه بالقدس الشريف فأقام به يوم عرفة والنحر، ثم سلك على طريق غابة أرصوف يصطاد بها فأصابه وعك منعه عن ذلك، فأسرع السير فدخل دمشق من صبيحة يوم الاثنين الحادي والعشرين منه في أبهة هائلة، ورياسة طائلة، وتزايد وخرج العامة للتفرج عليه والنظر إليه في مجيئه هذا، فدخل وعليه قباء معظم ومطرز، وبين يديه ما جرت به العادة من الحوفية والشاليشية وغيرهم، ومن نيته الإحسان إلى الرعية والنظر في أحوال الأوقاف وإصلاحها على طريقة تنكز رحمه الله، انتهى والله أعلم‏.‏




 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق