إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 24 يونيو 2015

4705 البداية والنهاية ( ابن كثير ) ثم دخلت سنة أربع وخمسين وسبعمائة


4705

البداية والنهاية ( ابن كثير )

 ثم دخلت سنة أربع وخمسين وسبعمائة

استهلت هذه السنة وسلطان الإسلام بالديار المصرية والبلاد الشامية والمملكة الحلبية وما والاها والحرمين الشريفين الملك الصالح صلاح الدين صالح بن الملك الناصر محمد بن الملك المنصور قلاوون الصالحي، ونائبه بالديار المصرية الأمير سيف الدين قبلاي، والمشار إليهم في تدبير المملكة الأمراء سيف الدين شيخون، وسيف الدين طاز، وسيف الدين صرغتمش الناصري‏.‏

وقضاة القضاة وكاتب السر هناك هم المذكورون في السنة الماضية، ونائب حلب الأمير سيف الدين أرغون الكاملي، لأجل مقاتلة أولئك الأمراء الثلاثة بيبغا وأمير أحمد وبكلمش الذين فعلوا ما ذكرنا في رجب من السنة الماضية‏.‏

ثم لجأوا إلى بلاد البلبيسين في خفارة زلغادر التركماني، ثم إنه احتال عليهم من خوفه من صاحب مصر وأسلمهم إلى قبضة نائب حلب المذكور، ففرح المسلمون بذلك فرحاً شديداً، ولله الحمد والمنة، ونائب طرابلس الأمير سيف الدين أيتمش الذي كان نائب دمشق كما ذكرنا، تقلبت به الأحوال حتى استنيب في طرابلس حين كان السلطان بدمشق كما تقدم‏.‏

واستهلت هذه السنة وقد تواترت الأخبار بأن الأمراء الثلاثة بيبغا وبكلمش وأمير أحمد قد حصلوا في قبضة نائب حلب الأمير سيف الدين أرغون، وهم مسجونون بالقلعة بها، ينتظر ما يرسم به فيهم، وقد فرح المسلمون بذلك فرحاً شديداً‏.‏

وفي يوم السبت سابع عشر المحرم وصل إلى دمشق الأمير عز الدين مغلطاي الدويدار عائداً من البلاد الحلبية، وفي صحبته رأس بيبغا الباغي أمكن الله منه بعد وصول صاحبيه بكلمش الذي كان نائباً بطرابلس، وأمير أحمد الذي كان نائب حماه فقطعت رؤوسهما بحلب بين يدي نائبها سيف الدين أرغون الكاملي، وسيرت إلى مصر‏.‏

ولما وصل بيبغا بعدهما فعل به كفعلهما جهرة بعد العصر بسوق الخيل بين يدي نائب السلطنة والجيش برمته والعامة على الأحاجير يتفرجون ويفرحون بمصرعه، وسر المسلمون كلهم ولله الحمد والمنة‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 14/285‏)‏

وفي يوم الجمعة الثامن والعشرين من شهر ربيع الأول أقيمت جمعة جديدة بمحلة الشاغور بمسجد هناك يقال له مسجد المزار، وخطب فيه جمال الدين عبد الله بن الشيخ شمس الدين بن قيم الجوزية، ثم وقع في ذلك كلام فأفضى الحال أن أهل المحلة ذهبوا إلى سوق الخيل يوم موكبه، وحملوا سناجق خليفتين من جامعهم ومصاحف واشتملوا إلى نائب السلطنة وسألوا منه أن تستمر الخطبة عندهم، فأجابهم إلى ذلك في الساعة الراهنة، ثم وقع نزاع في جواز ذلك، ثم حكم القاضي الحنبلي لهم بالاستمرار، وجرت خطوب طويلة بعد ذلك‏.‏

وفي يوم الأحد سابع ربيع الآخر توفي الأمير الكبير سيف الدين ألجي بغا العادلي، ودفن بتربته التي كان أنشأها قديماً ظاهر باب الجابية، وهي مشهورة تعرف به، وكان له في الإمرة قريباً من ستين سنة، وقد كان أصابه في نوبة أرغون شاه وقضيته ضربة أصابت يده اليمنى، واستمر مع ذلك على إمرته وتقدمته محترماً معظماً إلى أن توفي رحمه الله تعالى عليه‏.‏




 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق