إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 25 يونيو 2015

4771 البداية والنهاية ( ابن كثير ) سفر نائب السلطنة إلى الديار المصرية


4771

البداية والنهاية ( ابن كثير )

 سفر نائب السلطنة إلى الديار المصرية

لما كانت ليلة الحادي والعشرين قدم طشتمر دويدار يلبغا على البريد، فنزل بدار السعادة، ثم ركب هو ونائب السلطنة بعد العشاء الأخيرة في المشاعل، والحجبة بين أيديهما والخلائق يدعون لنائبهم، واستمروا كذلك ذاهبين إلى الديار المصرية فأكرمه يلبغا وأنعم عليه وسأله أن يكون ببلاد حلب، فأجابه إلى ذلك وعاد فنزل بدار سنجر الإسماعيلي، وارتحل منها إلى حلب‏.‏

وقد اجتمعت به هنالك وتأسف الناس عليه، وناب في الغيبة الأمير سيف الدين زبالة، إلى أن قدم النائب المعز السيفي قشتمر عبد الغني على ما سيأتي‏.‏

وتوفي القاضي شمس الدين بن منصور الحنفي الذي كان نائب الحكم رحمه الله يوم السبت السادس والعشرين من المحرم، ودفن بالباب الصغير، وقد قارب الثمانين‏.‏

وفي هذا اليوم أو الذي بعده توفي القاضي شهاب الدين أحمد ابن الوزوازة ناظر الأوقاف بالصالحية‏.‏

وفي صبيحة يوم الجمعة ثالث صفر نودي في البلد أن لا يتخلف أحد من أجناد الحلقة عن السفر إلى بيروت، فاجتمع الناس لذلك فبادر الناس والجيش ملبسين إلى سطح المزة، وخرج ملك الأمراء أمير على كان نائب الشام من داره داخل باب الجابية في جماعته ملبسين في هيئة حسن وتجمل هائل‏.‏

وولده الأمير ناصر الدين محمد وطلبه معه، وقد جاء نائب الغيبة والحجبة إلى بين يديه إلى وطاقه وشاوروه في الأمر، فقال‏:‏ ليس لي ها هنا أمر، ولكن إذا حضر الحرب والقتال فلي هناك أمر، وخرج خلق من الناس متبرعين، وخطب قاضي القضاة تاج الدين الشافعي بالناس يوم الجمعة على العادة، وحرض الناس على الجهاد، وقد ألبس جماعة من غلمانه اللأمة والخوذ وهو على عزم المسير مع الناس إلى بيروت ولله الحمد والمنة‏.‏

ولما كان من آخر النهار رجع الناس إلى منازلهم وقد ورد الخبر بأن المراكب التي رُؤيت في البحر إنما هي مراكب تجار لا مراكب قتال، فطابت قلوب الناس، ولكن ظهر منهم استعداد عظيم ولله الحمد‏.‏

وفي ليلة الأحد خامس صفر قدم بالأمير سيف الدين شرشي الذي كان إلى آخر وقت نائب حلب محتاطاً عليه بعد العشاء الآخرة إلى دار السعادة بدمشق، فسير معزولاً عن حلب إلى طرابلس بطالاً، وبعث في سرجين صحبة الأمير علاء الدين بن صبح‏.‏

‏(‏ج/ص‏:‏ 14/367‏)‏

وبلغنا وفاة الشيخ جمال الدين بن نابتة حامل لواء شعراء زمانه بديار مصر بمرستان الملك المنصور قلاوون، وذلك يوم الثلاثاء سابع صفر من هذه السنة رحمه الله تعالى‏.‏

وفي ليلة ثامنه هرب أهل حبس السد من سجنهم وخرج أكثرهم فأرسل الولاة صبيحة يومئذ في أثرهم فمسك كثير ممن هرب فضربوهم أشد الضرب، وردوهم إلى شر المنقلب‏.‏

وفي يوم الأربعاء خامس عشره نودي بالبلدان أن لا يعامل الفرنج بالبنادقة والحبوبة والكيتلان واجتمعت في آخر هذا اليوم بالأمير زين الدين زبالة نائب الغيبة النازل بدار الذهب فأخبرني أن البريدي أخبره أن صاحب قبرص رأى في النجوم أن قبرص مأخوذة، فجهز مركبين من الأسرى الذي عنده من المسلمين إلى يلبغا‏.‏

ونادى في بلاده أن من كتم مسلماً صغيراً أو كبيراً قتل، وكان من عزمه أن لا لا يبقى أحداً من الأسارى إلا أرسله‏.‏

وفي آخر نهار الأربعاء خامس عشره قدم من الديار المصرية قاضي القضاة جمال الدين المسلاتي المالكي الذي كان قاضي المالكية فعزل في أواخر رمضان من العام الماضي، فحج ثم قصد الديار المصرية فدخلها لعله يستغيث فلم يصادفه قبول، فادّعى عليه بعض الحجاب وحصل له ما يسوءه، ثم خرج إلى الشام فجاء فنزل في التربة الكاملية شمالي الجامع‏.‏

ثم انتقل إلى منزل ابنته متمرضاً والطلابات والدعاوى والمصالحات عنه كثيرة جداً، فأحسن الله عاقبته‏.‏

وفي يوم الأحد بعد العصر دخل الأمير سيف الدين طيبغا الطويل من القدس الشريف إلى دمشق فنزل بالقصر الأبلق، ورحل بعد يومين أو ثلاثة إلى نيابة حماه حرسها الله بتقليد من الديار المصرية، وجاءت الأخبار بتولية الأمير سيف الدين منكلي بغا نيابة حلب عوضاً عن نيابة دمشق وأنه حصل له من التشريف والتكريم والتشاريف بديار مصر شيء كثير ومال جزيل وخيول وأقمشة وتحف يشق حصرها‏.‏

وأنه قد استقر بدمشق الأمير سيف الدين اقشتمر عبد الغني، الذي كان حاجب الحجاب بمصر، وعوض عنه في الحجوبية الأمير علاء الدين طبغا أستاذ دار يلبغا وخلع على الثلاثة في يوم واحد‏.‏

وفي يوم الأحد حادي عشر ربيع الأول اشتهر في البلد قضية الفرنج أيضاً بمدينة الإسكندرية وقدم بريدي من الديار المصرية بذلك، واحتيط على من كان بدمشق من الفرنج وسجنوا بالقلعة وأخذت حواصلهم، وأخبرني قاضي القضاة تاج الدين الشافعي يومئذ أن أصل ذلك أن سبعة مراكب من التجار من البنادقة من الفرنج قدموا إلى الإسكندرية فباعوا بها واشتروا‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 14/368‏)‏

وبلغ الخبر إلى الأمير الكبير يلبغا أن مركباً من هذه السبعة إلى صاحب قبرص، فأرسل إلى الفرنج يقول لهم‏:‏ أن يسلموا هذه المركب فامتنعوا من ذلك وبادروا إلى مراكبهم، فأرسل في آثارهم ستة وشواني مشحونة بالمقاتلة، فالتقوا هم والفرنج في البحر فقتل من الفريقين خلق ولكن من الفرنج أكثر وهربوا فارين بما معهم من البضائع‏.‏

فجاء الأمير علي الذي كان نائب دمشق أيضاً في جيش مبارك ومعه ولده ومماليكه في تجمل هائل، فرجع الأمير علي واستمر نائب السلطة حتى وقف على بيروت ونظر في أمرها، وعاد سريعاً‏.‏

وقد بلغني أن الفرنج جاؤوا طرابلس غزاة وأخذوا مركباً للمسلمين من المينا وحرقوه، والناس ينظرون ولا يستطيعون دفعهم ولا منعهم؛ وأن الفرنج كروا راجعين، وقد أسروا ثلاثة من المسلمين، فإنا لله وإنا إليه راجعون‏.‏ انتهى والله أعلم‏.‏




 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق