إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 24 يونيو 2015

4706 البداية والنهاية ( ابن كثير ) ذكر أمر غريب جداً


4706

البداية والنهاية ( ابن كثير )

 ذكر أمر غريب جداً

لما ذهبت لتهنئة الأمير ناصر الدين بن الأقوس بنيابة بعلبك وجدت هنالك شاباً فذكر لي من حضر أن هذا هو الذي كان أنثى ثم ظهر له ذكر، وقد كان أمره اشتهر ببلاد طرابلس، وشاع بين الناس بدمشق وغير ذلك، وتحدث الناس به‏.‏

فلما رأيته وعليه قبعة تركية استدعيته إليّ وسألته بحضرة من حضر، فقلت له‏:‏ كيف كان أمرك‏؟‏ فاستحيى وعلاه خجل يشبه النساء، فقال‏:‏ كنت امرأة مدة خمس عشرة سنة، وزوجوني بثلاثة أزواج لا يقدرون عليّ، وكلهم يطلق ثم اعترضني حال غريب فغارت ثدياي وصغرت، وجعل النوم يعتريني ليلاً ونهاراً‏.‏

ثم جعل يخرج من محل الفرج شيء قليل قليلاً، ويتزايد حتى برز شبه ذكر وأنثيان، فسألته أهو كبير أم صغير‏؟‏ فاستحيى ثم ذكر أنه صغير بقدر الأصبع، فسألته هل احتلم‏؟‏ فقال‏:‏ احتلم مرتين منذ حصل له ذلك‏.‏

وكان له قريباً من ستة أشهر إلى حين أخبرني، وذكر أنه يحسن صنعة النساء كلها من الغزل والتطريز والزركاش وغير ذلك، فقلت له ما كان اسمك وأنت على صفة النساء‏؟‏ فقال‏:‏ نفيسة، فقلت‏:‏ واليوم‏؟‏ فقال عبد الله، وذكر أنه لما حصل له هذا الحال كتمه عن أهله حتى عن أبيه، ثم عزموا على تزويجه على رابع فقال لأمه‏:‏ إن الأمر ما صفته كيت وكيت‏.‏

فلما اطلع أهله على ذلك أعلموا به نائب السلطنة هناك، وكتب بذلك محضراً واشتهر أمره، فقدم دمشق ووقف بين يدي نائب السلطنة بدمشق، فسأله فأخبره كما أخبرني، فأخذه الحاجب سيف الدين كحلن بن الأقوس عنده وألبسه ثياب الأجناد، وهو شاب حسن، على وجهه وسمته ومشيته وحديثه أنوثة النساء، فسبحان الفعال لما يشاء، فهذا أمر لم يقع مثله في العالم إلا قليلاً جداً‏.‏

‏(‏ج/ص‏:‏ 14/286‏)‏

وعندي أن ذكره كان غائراً في جوزة طير فأفرخا ثم لما بلغ ظهر قليلاً قليلاً، حتى تكامل ظهوره فتبينوا أنه كان ذكراً، وذكر لي أن ذكره برز مختوناً فسمى ختان القمر، فهذا يوجد كثيراً والله أعلم‏.‏

وفي يوم الثلاثاء خامس شهر رجب قدم الأمير عز الدين بقطية الدويدار من الديار الحلبية وخبر عما اتفق عليه العساكر الحلبية من ذهابهم مع نائبهم ونواب تلك الحصون وعساكر خلف بن زلغادر التركماني، الذي كان أعان بيبغا وذويه على خروجه على السلطان‏.‏

وقدم معه إلى دمشق وكان من أمره ما تقدم بسطه في السنة الماضية، وأنهم نهبوا أمواله وحواصله، وأسروا خلقاً من بنيه وذويه وحريمه، وأن الجيش أخذ شيئاً كثيراً من الأغنام والأبقار والرقيق والدواب والأمتعة وغير ذلك، وأنه لجأ إلى ابن أرطنا فاحتاط عليه واعتقله عنده، وراسل السلطان بأمره ففرح الناس براحة الجيش الحلبي وسلامته بعدما قاسوا شديداً وتعباً كثيراً‏.‏

وفي يوم الأربعاء ثالث عشره كان قدوم الأمراء الذين كانوا مسجونين بالإسكندرية من لدن عود السلطان إلى الديار المصرية، ممن كان اتهم بممالأة بيبغا أو خدمته، كالأمير سيف الدين ملك أجي، وعلاء الدين علي السيمقدار، وساطلمس الجلالي ومن معهم‏.‏

وفي أول شهر رمضان اتفق أن جماعة من المفتيين أفتوا بأحد قولي العلماء، وهما وجهان لأصحابنا الشافعية وهو جواز استعادة ما استهدم من الكنائس، فتعصب عليهم قاضي القضاة تقي الدين السبكي فقرعهم في ذلك ومنعهم من الإفتاء، وصنف في ذلك مصنفاً يتضمن المنع من ذلك سماه ‏(‏الدسائس في الكنائس‏)‏‏.‏

وفي خامس شهر رمضان قدم بالأمير أبو الغادر التركماني الذي كان مؤازراً لبيبغا في العام الماضي على تلك الأفاعيل القبيحة، وهو مضيق عليه، فأحضر بين يدي النائب ثم أودع القلعة المنصورة في هذا اليوم‏.‏




 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق