إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 25 يونيو 2015

4739 البداية والنهاية ( ابن كثير ) سبب خروج بيدمر من القلعة وصفة ذلك



4739


البداية والنهاية ( ابن كثير )

 سبب خروج بيدمر من القلعة وصفة ذلك

لما كان يوم الأحد الثامن والعشرين منه أرسل قضاة القضاة ومعهم الشيخ شرف الدين ابن قاضي الجبل الحنبلي، والشيخ سراج الدين الهندي الحنفي، قاضي العسكر المصري للحنفية، إلى بيدمر ومن معه ليتكلموا معهم في الصلح لينزلوا على ما يشترطون قبل أن يشرعوا في الحصار والمجانيق التي قد استدعى بها من صفد وبعلبك‏.‏

واحضر من رجال النقاعين نحو من ستة آلاف رامٍ فلما اجتمع به القضاة ومن معهم وأخبروه عن السلطان وأعيان الأمراء بأنهم قد كتبوا له أماناً إن أناب إلى المصالحة، فطلب أن يكون بأهله ببيت المقدس، وطلب أن يعطى منجك كذا بناحية بلاد سيس ليسترزق هنالك‏.‏

وطلب استدمر أن يكون بشمقدارا للأمير سيف الدين يلبغا الخاصكي فرجع القضاة إلى السلطان ومعهم الأمير زين الدين جبريل الحاجب كان، فأخبروا السلطان والأمراء بذلك، فأجيبوا إليه، وخلع السلطان والأمراء على جبريل خلعاً فرجع في خدمة القضاة ومعهم الأمير استبغا بن الأيوبكري، فدخلوا القلعة وباتوا هنالك كلهم، وانتقل الأمير بيدمر بأهله وأثاثه إلى داره بالمطرزين‏.‏

‏(‏ج/ص‏:‏ 14/327‏)‏

فلما أصبح يوم الاثنين التاسع والعشرين منه خرج الأمراء الثلاثة من القلعة ومعهم جبريل، فدخل القضاة وسلموا القلعة بما فيها من الحواصل إلى الأمير استبغا بن الأيوبكري انتهى‏.‏

دخول السلطان محمد بن الملك أمير حاج بن الملك محمد ابن الملك قلاوون إلى دمشق في جيشه وأمرائه

لما كان صبيحة يوم الاثنين التاسع والعشرين من رمضان من هذه السنة رجع القضاة إلى الوطاق الشريف، وفي صحبتهم الأمراء الذين كانوا بالقلعة، وقد أعطوا الأمان من جهة السلطان ومن معهم وذويهم، فدخل القضاة وحُجب الأمراء المذكورون‏.‏

فخلع على القضاة الأربعة وانصرفوا راجعين مجبورين، وأما الأمراء المذكورون فإنهم أركبوا على خيل ضعيفة، وخلف كل واحد منهم وساقي أخذ بوسطه قبل، وفي يد كل واحد من الوساقية خنجر كبير مسلول لئلا يستنقذه منه أحد فيقتله بها، فدخل جهرة بين الناس ليروهم ذلتهم التي قد لبستهم، وقد أحدق الناس بالطريق من كل جانب‏.‏

فقام كثير من الناس، الله أعلم بعدتهم، إلا أنهم قد يقاربون المائة ألف أو يزيدون عليها، فرأى الناس منظراً فظيعاً، فدخل بهم الوساقية إلى الميدان الأخضر الذي فيه القصر، فاجلسوا هنالك وهم ستة نفر‏:‏ الثلاثة النواب وجبريل وابن استدمر وسادس، وظن كل منهم أن يفعل بهم فاقرة، فإنا لله وإنا إليه راجعون‏.‏

وأرسلت الجيوش داخلة إلى دمشق أطلاباً في تجمل عظيم، ولبس الحرب بنهر النصر وخيول وأسلحة ورماح، ثم دخل السلطان في آخر ذلك كله بعد العصر بزمن، وعليه من أنواع الملابس قباز بخاري، والقبة والطبر يحملهما على رأسه الأمير سيف الدين تومان تمر، الذي كان نائب طرابلس، والأمراء مشاة بين يديه، والبسط تحت قدمي فرسه، والبشائر تضرب خلفه فدخل القلعة المنصورة المنصورية لا البدرية‏.‏

ورأى ما قد أرصد بها من المجانيق والأسلحة، فاشتد حنقه على بيدمر وأصحابه كثيراً، ونزل الطارمة، وجلس على سرير المملكة ووقف الأمراء والنواب بين يديه، ورجع الحق إلى نصابه، وقد كان بين دخوله ودخول عمه الصالح صالح في أول يوم من رمضان، وهذا في التاسع والعشرين منه، وقد قيل إنه سلخه والله أعلم‏.‏

وشرع الناس في الزينة‏.‏

وفي صبيحة يوم الثلاثاء سلخ الشهر نقل الأمراء المغضوب عليهم الذين ضلّ سعيهم فيما كانوا أبرموه من ضمير سوء للمسلمين إلى القلعة فأنزلوا في أبراجها مهانين مفرقاً بينهم، بعد ما كانوا بها آمنين حاكمين، أصبحوا معتقلين مهانين خائفين، فجاروا بعد ما كانوا رؤساء، وأصبحوا بعد عزهم أذلاء‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 14/328‏)‏

ونقبت أصحاب هؤلاء ونودي عليهم في البلد، ووعد من دل على أحد منهم بمال جزيل، وولاية إمرة بحسب ذلك، ورسم في هذا اليوم على الرئيس أمين الدين ابن القلانسي كاتب السر، وطلب منه ألف ألف درهم، وسلم إلى الأمير زين الدين زبالة نائب القلعة، وقد أعيد إليها وأُعطي تقدمة ابن قراسنقر، وأمره أن يعاقبه إلى أن يزن هذا المبلغ‏.‏

وصلّى السلطان وأمراؤه بالميدان الأخضر صلاة العيد، ضرب له خام عظيم وصلى به خطيباً القاضي تاج الدين الساوي الشافعي، قاضي العسكر المنصورة للشافعية‏.‏

ودخل الأمراء مع السلطان للقلعة من باب المدرسة، ومد لهم سماطاً هائلاً أكلوا منه ثم رجعوا إلى دورهم وقصورهم، وحمل الطبر في هذا اليوم على رأس السلطان الأمير على نائب دمشق، وخلع عليه خلعة هائلة‏.‏

وفي هذا اليوم مسك الأمير تومان تمر الذي كان نائب طرابلس، ثم قدم على بيدمر، فكان معه، ثم قفل إلى المصريين واعتذر إليهم فعذروه فيما يبدو للناس‏.‏

ودخل وهو حامل الخبز على رأس السلطان يوم الدخول، ثم ولوه نيابة حمص، فصغروه وحقروه، ثم لما استمر ذاهباً إليها فكان عند القابون أرسلوا إليه فأمسكوه وردوه، وطلب منه المائة ألف التي كان قبضها من بيدمر، ثم ردوه إلى نيابة حمص‏.‏

وفي يوم الخميس اشتهر الخبر بأن طائفة من الجيش بمصر من طواشية وخاصكية ملكوا عليهم حسين الناصر، ثم اختلفوا فيما بينهم واقتتلوا، وأن الأمر قد انفصل ورد حسين للمحل الذي كان معتقلاً فيه، وأطفأ الله شر هذه الطائفة ولله الحمد‏.‏

وفي آخر هذا اليوم لبس القاضي ناصر الدين بن يعقوب خلعة كتابة السر الشريفية، والمدرستين، ومشيخة الشيوخ عوضاً عن الرئيس علاء الدين بن القلانسي، عزل وصودر، وراح الناس لتهنئته بالعود إلى وظيفته كما كان‏.‏

وفي صبيحة يوم الجمعة ثالث شوال مسك جماعة من الأمراء الشاميين منهم الحاجبان صلاح الدين وحسام الدين والمهمندار ابن أخي الحاجب الكبير، تمر، وناصر الدين بن الملك صلاح الدين بن الكامل، وابن حمزة والطرخاني واثنان أخوان وهما طيبغا زفر وبلجات، كلهم طبلخانات، وأخرجوا خير وتمر حاجب الحجاب، وكذلك الحجوبية أيضاً لقاربي أحد أمراء مصر‏.‏

‏(‏ج/ص‏:‏ 14/329‏)‏

وفي يوم الثلاثاء سابع شوال مسك ستة عشر أميراً من أمراء العرب بالقلعة المنصورة، منهم عمر بن موسى بن مهنا الملقب المصمع، الذي كان أمير العرب في وقت، ومعيقل بن فضل بن مهنا وآخرون، وذكروا أن سبب ذلك أن طائفة من آل فضل عرضوا للأمير سيف الدين الأحمدي الذي استاقوه على حلب، وأخذوا منه شيئاً من بعض الأمتعة، وكادت الحرب تقع بينهم‏.‏

وفي ليلة الخميس بعد المغرب حمل تسعة عشر أميراً من الأتراك والعرب على البريد مقيدين في الأغلال أيضاً إلى الديار المصرية، منهم بيدمر، ومنجك، واستدمر، وجبريل، وصلاح الدين الحاجب، وحسام الدين أيضاً، وبلجك وغيرهم‏.‏

ومعهم نحو من مائتي فارس ملبسين بالسلاح متوكلين بحفظهم، وساروا بهم نحو الديار المصرية، وأمروا جماعة من البطالين منهم أولاد لاقوش، وأطلق الرئيس أمين الدين بن القلانسي من المصادرة والترسيم بالقلعة، بعد ما وزن بعض ما طلب منه، وصار إلى منزله، وهنأه الناس‏.‏




 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق