1296
البداية والنهاية ( ابن كثير ) الجزء الثامن
وهذه صفة مقتله مأخوذة من كلام أئمة هذا الشأن لا كما يزعمه أهل التشيع من الكذب.
فقاتله فقتل أصحاب الحسين كلهم، وفيهم بضعة عشر شاباً من أهل بيته، وجاءه سهم فأصاب ابناً له في حجره فجعل يمسح الدم ويقول: اللهم احكم بيننا وبين قوم دعونا لينصرونا فقتلونا.
ثم أمر بحبرة فشقها ثم لبسها وخرج بسيفه فقاتل حتى قتل، قتله رجل من مذحج وحز رأسه، فانطلق به إلى ابن زياد وقال في ذلك:
أوقر ركابي فضةً وذهباً * فقد قتلت الملك المحجبا
قتلت خير الناس أماً وأبا * وخيرهم إذ ينسبون نسبا
(ج/ص: 8/215)
قال: فأوفده إلى يزيد بن معاوية فوضع رأسه بين يديه، وعنده أبو برزة الأسلمي، فجعل يزيد ينكت بالقضيب على فيه ويقول:
يفلقن هاماً من رجالٍ أعزةٍ * علينا وهم كانوا أعقَّ وأظلما
فقال أبو برزة: ارفع قضيبك، فوالله لربما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واضعاً فيه على فيه يلثمه.
قال: وأرسل عمر بن سعد بحرمه وعياله إلى ابن زياد، ولم يكن بقي من آل الحسين إلا غلام، وكان مريضاً مع النساء، فأمر به ابن زياد ليقتل فطرحت زينب نفسها عليه وقالت: والله لا يقتل حتى تقتلوني.
فرقّ لها وكف عنه، قال: فأرسلهم إلى يزيد فجمع يزيد من كان بحضرته من أهل الشام، ثم دخلوا عليه فهنوه بالفتح، فقام رجل منهم أحمر أزرق - ونظر إلى وصيفة من بناته - فقال: يا أمير المؤمنين، هب لي هذه.
فقالت زينب: لا ولا كرامة لك ولا له، إلا أن تخرجا من دين الله.
قال: فأعادها الأزرق، فقال له يزيد: كف عن هذا.
ثم أدخلهم على عياله، ثم حملهم إلى المدينة، فلما دخلوها خرجت امرأة من بني عبد المطلب ناشرة شعرها واضعة كُمها على رأسها تتلقاهم وهي تبكي وتقول:
ماذا تقولون إن قال النبي لكم * ماذا فعلتم وأنتم آخر الأمم
بعترتي وبأهلي بعد مفتقدي * منهم أسارى ومنهم ضرجوا بدم
ما كان هذا جزائي إذ نصحت لكم * أن تخلفوني بسوءٍ في ذوي رحم
وقد روى أبو مخنف: عن سليمان بن أبي راشد، عن عبد الرحمن بن عبيد أبي الكنود: أن بنت عقيل هي التي قالت هذا الشعر.
وهكذا حكى الزبير بن بكار: أن زينب الصغرى بنت عقيل بن أبي طالب هي التي قالت ذلك حين دخل آل الحسين المدينة النبوية.
وروى أبو بكر بن الأنباري بإسناده: أن زينب بنت علي بن أبي طالب من فاطمة - وهي زوج عبد الله بن جعفر أم بنيه - رفعت سجف خفائها يوم كربلاء يوم قتل الحسين، وقالت هذه الأبيات فالله أعلم.
وقال هشام بن الكلبي: حدثني بعض أصحابنا، عن عمرو بن المقدام قال: حدثني عمر بن عكرمة قال: أصبحنا صبيحة قتل الحسين بالمدينة فإذا مولاة لنا تحدثنا قالت: سمعت البارحة منادياً ينادي وهو يقول:
(ج/ص: 8/216)
أيها القاتلون ظلماً حسيناً * أبشروا بالعذاب والتنكيل
كل أهل السماء يدعو عليكم* من نبيٍ ومالكٍ وقبيل
لقد لعنتم على لسان بن داود * وموسى وحامل الإنجيل
قال ابن هشام: حدثني عمرو بن حيزوم الكلبي، عن أمه قالت: سمعت هذا الصوت، وقال الليث وأبو نعيم: يوم السبت.
ومما أنشده الحاكم أبو عبد الله النيسابوري وغيره لبعض المتقدمين في مقتل الحسين:
جاؤوا برأسك يا ابن بنت محمدٍ * متزملاً بدمائه تزميلا
وكأن بك يا ابن بنت محمدٍ * قتلوا جهاراً عامدين رسولا
قتلوك عطشاناً ولم يتدبروا * في قتلك القرآن والتنزيلا
ويكبرون بأن قتلت وإنما * وقتلوا بك التكبير والتهليلا
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق