إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 30 مارس 2015

1396 البداية والنهاية ( ابن كثير ) الجزء الثامن وهذه ترجمة أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير


1396
  
البداية والنهاية ( ابن كثير ) الجزء الثامن

 وهذه ترجمة أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير

وقد ذكرنا أنه شهد مع ابن أبي سرح قتال البربر وكانوا في عشرين ومائة ألف، والمسلمون عشرون ألفاً، فأحاطوا بهم من كل جانب، فما زال عبد الله بن الزبير يحتال حتى ركب في ثلاثين فارساً‏.‏

وسار نحو ملك البربر وهو منفرد وراء الجيش، وجواريه يظللنه بريش النعام، فساق حتى انتهى إليه والناس يظنون أنه ذاهب برسالة إلى الملك، فلما فهمه الملك ولى مدبراً فلحقه عبد الله فقتله واحتز رأسه وجعله في رأس رمح، وكبر وكبر المسلمون، وحملوا على البربر فهزموهم بين أيديهم فقتلوا منهم خلقاً كثيراً، وغنموا أموالاً وغنائم كثيرة جداً‏.‏

وبعث ابن أبي سرح بالبشارة مع ابن الزبير فقص على عثمان الخبر وكيف جرى، فقال له عثمان‏:‏ إن استطعت أن تؤدي هذا للناس فوق المنبر‏.‏

قال‏:‏ نعم ‏!‏

فصعد ابن الزبير فوق المنبر فخطب الناس وذكر لهم كيفية ما جرى‏.‏

قال عبد الله‏:‏ فالتفت فإذا أبي الزبير في جملة من حضر، فلما تبينت وجهه كاد أن يرتج عليّ في الكلام من هيبته في قلبي، فرمزني بعينه وأشار إليّ ليحضني، فمضيت في الخطبة كما كنت، فلما نزلت قال‏:‏ والله لكأني اسمع خطبة أبي بكر الصديق حين سمعت خطبتك يا بني‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 8/370‏)‏

وقال أحمد بن أبي الحواري‏:‏ سمعت أبا سليمان الداراني يقول‏:‏ خرج ابن الزبير في ليلة مقمرة على راحلة له فنزل في تبوك، فالتفت فإذا على الراحلة شيخ أبيض الرأس واللحية فشد عليه ابن الزبير فتنحى عنها، فركب ابن الزبير راحلته ومضى‏.‏

قال فناداه‏:‏ والله يا ابن الزبير لو دخل قلبك الليلة مني شعرة لخبلتك‏.‏

قال‏:‏ ومنك أنت يا لعين يدخل قلبي شيء‏؟‏

وقد روى لهذه الحكاية شواهد من وجوه أخرى جيدة‏.‏

وروى عبد الله بن المبارك‏:‏ عن إسحاق بن يحيى، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، قال‏:‏ أقبل عبد الله بن الزبير من العمرة في ركب من قريش، فلما كانوا عند اليناصب أبصروا رجلاً عند شجرة، فتقدمهم ابن الزبير، فلما انتهى إليه سلم عليه فلم يعبأ به ورد رداً ضعيفاً، ونزل ابن الزبير فلم يتحرك له الرجل‏.‏

فقال له ابن الزبير‏:‏ تنح عن الظل، فانحاز متكارهاً‏.‏

قال ابن الزبير‏:‏ فجلست وأخذت بيده وقلت‏:‏ من أنت‏؟‏

فقال‏:‏ رجل من الجن‏.‏

فما عدا أن قالها حتى قامت كل شعرة مني فاجتذبته وقلت‏:‏ أنت رجل من الجن، وتبدو إلي هكذا‏؟‏

وإذا له سفلة وانكسر ونهرته وقلت‏:‏ إليّ تتبدا وأنت من أهل الأرض، فذهب هارباً‏.‏

وجاء أصحابي فقالوا‏:‏ أين الرجل الذي كان عندك‏؟‏

فقلت‏:‏ إنه كان من الجن فهرب‏.‏

قال‏:‏ فما منهم رجل إلا سقط إلى الأرض عن راحلته، فأخذت كل رجل منهم فشددته على راحلته حتى أتيت بهم الحج وما يعقلون‏.‏

وقال سفيان بن عيينه قال ابن الزبير‏:‏ دخلت المسجد ذات ليلة فإذا نسوة يطفن في بالبيت فأعجبنني، فلما قضين طوافهن خرجن فخرجت في إثرهن لأعلم أين منزلهن، فخرجن من مكة حتى أتين العقبة ثم انحدرن حتى أتين فجا فدخلن خربة، فدخلت في إثرهن‏.‏

فإذا مشيخة جلوس فقالوا‏:‏ ما جاء بك يا ابن الزبير‏؟‏

فقلت‏:‏ اشتهي رطباً، وما بمكة يومئذٍ من رطبة، فأتوني برطب فأكلت ثم قالوا‏:‏ احمل ما بقي معك، فجئت به المنزل فوضعته في سفط وجعلت السفط في صندوق، ثم وضعت رأسي لأنام، فبينما أنا بين النائم واليقظان إذ سمعت جلبة في البيت‏.‏

فقال بعضهم لبعض‏:‏ أين وضعه‏؟‏

قالوا‏:‏ في الصندوق، ففتحوه فإذا هو في السفط داخله، فهمّوا بفتحه‏.‏

فقال بعضهم‏:‏ إنه ذكر اسم الله عليه، فأخذوا السفط بما فيه فذهبوا به‏.‏

قال‏:‏ فلم آسف على شيء أسفي كيف لم أثب عليهم وهم في البيت‏.‏

وقد كان عبد الله بن الزبير ممن حاجف عن عثمان يوم الدار، وجرح يومئذٍ بضع عشرة جراحة، وكان على الراجلة يوم الجمل وجرح يومئذ تسع عشرة جراحة أيضاً‏.‏

وقد تبارز يومئذٍ هو ومالك بن الحارث بن الأشتر، فاتحدا فصرع الأشتر ابن الزبير فلم يتمكن من القيام عنه، بل احتضنه ابن الزبير وجعل ينادي‏:‏ اقتلوني ومالكاً، واقتلوا مالكاً معي، فأرسلهما مثلاً‏.‏

ثم تفرقا ولم يقدر عليه الأشتر‏.‏

وقد قيل‏:‏ إنه جرح يومئذ بضع وأربعون جراحة، ولم يوجد إلا بين القتلى وبه رمق، وقد أعطت عائشة لمن بشرها أنه لم يقتل عشرة آلاف درهم، وسجدت لله شكراً، وكانت تحبه حباً شديداً، لأنه ابن أختها، وكان عزيزاً عليها‏.‏

وقد روي عن عروة‏:‏ أن عائشة لم تكن تحب أحداً بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر مثل حبها ابن الزبير‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 8/371‏)‏

قال‏:‏ وما رأيت أبي وعائشة يدعوان لأحد من الخلق مثل دعائهما لابن الزبير‏.‏



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق