إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 30 مارس 2015

1397 البداية والنهاية ( ابن كثير ) الجزء الثامن وهذه ترجمة أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير


1397
  
البداية والنهاية ( ابن كثير ) الجزء الثامن

 وهذه ترجمة أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير

وقال الزبير بن بكار‏:‏ حدثني أخي هارون بن أبي بكر، عن يحيى بن إبراهيم، عن سليمان بن محمد، عن يحيى بن عروة، عن عمه عن عبد الله بن عروة قال‏:‏ أفحمت ألسنة نابغة بني جعدة فدخل على عبد الله بن الزبير المسجد الحرام، فأنشد هذه الأبيات‏:‏

حكيت لنا الصديق لما وليتها * وعثمان وفاروق فارتاح معدم

وسويت بين الناس في الحق فاستووا * فعاد صباحاً حالك اللون مظلم

أتاك أبو ليلى يجوب به الدجا * دجبى الليل جواب الفلاة غشمشم

لتجير منه جائياً غدرت به * صروف الليالي والزمان المصمم

فقال له ابن الزبير‏:‏ هون عليك أبا ليلى، فإن الشعر أهون رسائلك عندنا، أما صفوه فما لنا فلآل الزبير، وأما عفوه فإن بني أسد يشغلها عنك وتيماً، ولكن لك في مال الله حقان‏:‏ حق لرؤيتك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وحق لشركتك أهل الإسلام في فيئهم‏.‏

ثم أخذ بيده فأدخله دار النعم فأعطاه قلائص سبعاً وجملاً وخيلاً، وأوقر له الركاب براً وتمراً وثياباً، فجعل النابغة يستعجل ويأكل الحب صرفاً‏.‏

فقال له ابن الزبير‏:‏ ويح أبي ليلى، لقد بلغ الجهد‏.‏

فقال النابغة‏:‏ أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏(‏‏(‏ما وليت قريش وعدلت، واسترحمت فرحمت وحدثت فصدقت، ووعدت خيراً فأنجزت، فأنا والنبيون فرط العاصفين‏)‏‏)‏‏.‏

وقال محمد بن مروان صاحب كتاب ‏(‏المجالسة‏)‏‏:‏ أخبرني خبيب بن نصير الأزدي، ثنا محمد بن دينار الضبي، ثنا هشام بن سليمان المخزومي، عن أبيه قال‏:‏ أذن معاوية للناس فدخلوا عليه فاحتفل المجلس وهو على سريره، فأجال بصره فيهم فقال‏:‏

أنشدوني لقدماء العرب ثلاثة أبيات جامعة من أجمع ما قالتها العرب‏.‏

ثم قال‏:‏ يا أبا خبيب‏.‏

فقال‏:‏ مهيم‏.‏

قال‏:‏ أنشد ذلك‏.‏

فقال‏:‏ نعم يا أمير المؤمنين بثلاثمائة ألف كل بيت بمائة ألف‏.‏

قال‏:‏ نعم إن ساوت‏.‏

قال‏:‏ أنت بالخيار، وأنت واف كاف، فأنشده للأفوه الأزدي‏:‏

بلوت الناس قرناً بعد قرنٍ * فلم أر غير ختالٍ وقال

فقال معاوية‏:‏ صدق‏.‏

ولم أر في الخطوب أشد وقعاً * وكيداً من معادات الرجال

فقال معاوية‏:‏ صدق‏.‏

وذقت مرارة الأشياء طراً * فما شيء أمرُّ من السؤال

فقال‏:‏ صدق‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 8/372‏)‏

ثم قال معاوية‏:‏ هيه يا خبيب‏.‏

قال‏:‏ إلى ههنا انتهى‏.‏

قال‏:‏ فدعا معاوية بثلاثين عبداً على عنق كل واحد منهم بدرة، وهي عشرة آلاف درهم، فمروا بين يدي ابن الزبير حتى انتهوا إلى داره‏.‏

وروى ابن أبي الدنيا‏:‏ عن أبي يزيد النميري، عن أبي عاصم النبيل، عن جويرية بن أسماء‏:‏ أن معاوية لما حج تلقته الناس وتخلف ابن الزبير ثم جاءه وقد حلق رأسه‏.‏

فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين ما أكبر حجرة رأسك ‏!‏‏!‏

فقال له‏:‏ اتق أن لا يخرج عليك منها حية فتقتلك، فلما أفاض معاوية طاف معه ابن الزبير وهو آخذ بيده ثم استدعاه إلى داره ومنازله بقعيقعان، فذهب معه إليها‏.‏

فلما خرجا قال‏:‏ يا أمير المؤمنين إن الناس يقولون جاء معه أمير المؤمنين إلى دوره ومنازله ففعل معه ماذا، لا والله لا أدعك حتى تعطيني مائة ألف‏.‏

فأعطاه، فجاء مروان فقال‏:‏ والله يا أمير المؤمنين ما رأيت مثلك، جاءك رجل قد سمى بيت مال الديوان وبيت الخلافة، وبيت كذا، وبيت كذا، فأعطيته مائة ألف‏.‏

فقال له‏:‏ ويلك كيف أصنع بابن الزبير‏؟‏

وقال ابن أبي الدنيا‏:‏ أخبرني عمر بن بكير، عن علي بن مجاهد بن عروة قال‏:‏ سأل ابن الزبير معاوية شيئاً فمنعه، فقال‏:‏ والله ما أجهل أن ألزم هذه البنية فلا أشتم لك عرضاً ولا أقصم لك حسباً، ولكني أسدل عمامتي من بين يدي ذراعاً، ومن خلفي ذراعاً في طريق أهل الشام، وأذكر سيرة أبي بكر الصديق وعمر فيقول الناس‏:‏ من هذا‏؟‏

فيقولون‏:‏ ابن حوارّي رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن بنت الصديق‏.‏

فقال معاوية‏:‏ حسبك بهذا شرفاً‏.‏

ثم قال‏:‏ هات حوائجك‏.‏

وقال الأصمعي‏:‏ ثنا غسان بن نصر، عن سعيد بن يزيد‏.‏

قال‏:‏ دخل ابن الزبير على معاوية فأمر ابناً له صغيراً فلطمه لطمة دوخ منها رأسه، فلما أفاق ابن الزبير قال للصبي‏:‏ ادن مني‏.‏

فدنا منه‏.‏

فقال له‏:‏ ألطم معاوية‏.‏

قال‏:‏ لا أفعل‏.‏

قال‏:‏ ولِمَ‏؟‏

قال‏:‏ لأنه أبي، فرفع ابن الزبير يده فلطم الصبي لطمة جعل يدور منها كما تدور الدوامة‏.‏

فقال معاوية‏:‏ تفعل هذا بغلام لم تجز عليه الأحكام‏؟‏

قال‏:‏ إنه والله قد عرف ما يضره مما ينفعه، فأحببت أن أحسن أدبه‏.‏

وقال أبو الحسن علي بن محمد المدائني‏:‏ عن عبد الله بن أبي بكر قال‏:‏ لحق ابن الزبير معاوية وهو سائر إلى الشام فوجده وهو ينعس على راحلته، فقال له‏:‏ أتنعس وأنا معك‏؟‏ أما تخاف مني أن أقتلك‏؟‏

فقال‏:‏ إنك لست من قتال الملوك، إنما يصيد كل طائر قدره‏.‏

قال‏:‏ لقد سرت تحت لواء أبي إلى علي بن أبي طالب، وهو من تعلمه‏.‏

فقال‏:‏ لا جرم قتلكم والله بشماله‏.‏

قال‏:‏ أما إن ذلك كان في نصرة عثمان، ثم لم يجز بها‏.‏

فقال‏:‏ إنما كان لبغض علي لا لنصرة عثمان‏.‏

فقال له ابن الزبير‏:‏ إنا قد أعطيناك عهداً فنحن وافون لك به ما عشت، فسيعلم من بعدك‏.‏

فقال‏:‏ أما والله ما أخافك إلا على نفسك، وكأني بك قد خبطت في الحبالة واستحكمت عليك الأنشوطة، فذكرتني وأنت فيها‏.‏

فقلت‏:‏ ليت أبا عبد الرحمن لها، ليتني والله لها، أما والله لها، أما والله لأحللتك رويداً ولأطلقتك سريعاً، ولبئس الولي أنت تلك الساعة‏.‏



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق