إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 2 مايو 2014

547 تاريخ الخلفاء الراشدين (4)سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ? شخصيته وعصره دراسة شاملة الفصل السابع: موقف أمير المؤمنين علي من الخوارج والشيعة المبحث الأول : الخوارج ثانيًا: ذكر الأحاديث التي تتضمن ذم الخوارج:


547

تاريخ الخلفاء الراشدين (4)سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ? شخصيته وعصره دراسة شاملة

الفصل السابع: موقف أمير المؤمنين علي من الخوارج والشيعة

المبحث الأول : الخوارج

ثانيًا: ذكر الأحاديث التي تتضمن ذم الخوارج:

وردت أحاديث كثيرة عن النبي × في ذم الخوارج المارقة, وصفوا فيها بأوصاف ذميمة شنيعة جعلتهم في أخبث المنازل, فمن الأحاديث التي وردت الإشارة فيها إلا ذمهم, ما رواه الشيخان في صحيحيهما من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: بينما نحن عند رسول الله × وهو يقسم قسمًا, إذ أتاه ذو الخويصرة هو رجل من تميم, فقال: يا رسول الله, اعدل, فقال: «ويلك, ومن يعدل إذا لم أعدل, قد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل», فقال عمر: يا رسول الله ائذن لي فيه فأضرب عنقه, فقال: «دعه فإن له أصحابًا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم, وصيامه مع صيامهم, يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم( ), يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية( ) ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء, ثم ينظر إلى رصافه( ), فما يوجد فيه شيء, ثم ينظر إلى نفسه, وهو قدحه فلا يوجد فيه شيء, وقد سبق الفرث والدم( ), آيتهم رجل أسود إحدى عضديه مثل ثدي المرأة, أو مثل البضعة( ) تدردر( ) ويخرجون على حين فرقة من الناس», قال أبو سعيد: فأشهد أني سمعت هذا الحديث من رسول الله ×, وأشهد أن علي بن أبي طالب قاتلهم وأنا معه, فأمر بذلك الرجل فالتمس فأتي به حتى نظر إليه على نعت النبي الذي نعته( ).

وروى الشيخان أيضًا من حديث أبي سلمة وعطاء بن يسار أنهما أتيا أبا سعيد الخدري فسألاه عن الحرورية هل سمعت النبي × يقول: «يخرج في هذه الأمة –ولم يقل منها- قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم, فيقرؤون القرآن لا يجاوز حلوقهم –أو حناجرهم- يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية, فينظر الرامي إلى سهمه إلى نصله, إلى رصافه فيتمارى في الفوقة( ) هل علقت بها من الدم شيء»( ), وروى البخاري من حديث أسيد بن عمرو قال: قلت لسهل بن حنيف: هل سمعت النبي × يقول في الخوارج شيئًا؟ قال سمعته يقول: وأهوى بيده قبل العراق: «يخرج منه قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم, يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية» ففي هذه الأحاديث الثلاثة ذم واضح لفرقة الخوارج, فقد وصفهم × بأنهم طائفة مارقة, وأنهم يتشددون في الدين في غير موضع التشدد, بل يمرقون منه بحيث يدخلون فيه ثم يخرجون منه سريعًا لم يتمسكوا منه بشيء, كما اشتمل الحديث الأول في هذه الأحاديث الثلاثة أنهم يقاتلون أهل الحق, وأن أهل الحق يقتلونهم, وأن فيهم رجلاً صفة يده كذا وكذا, وكل هذا وقع وحصل كما أخبر به ×, وفي قوله ×: «لا يجاوز تراقيهم» احتمالان:

1- يحتمل أنه لكونه لا تفقهه قلوبهم, ويحملونه على غير المراد به.
2- يحتمل أن يكون المراد أن تلاوتهم لا ترتفع إلى الله( ).

ومن صفاتهم الذميمة التي ذمهم بها الرسول ×: أنهم ليس لهم من الإيمان إلا مجرد النطق به, وأنهم أصحاب عقول رديئة وضعيفة, وأنهم عندما يقرؤون القرآن يظنون لشدة ما بلغوا إليه من سوء الفهم أنه لهم وهو عليهم, فقد روى البخاري رحمه الله من حديث علي رضي الله عنه أنه قال: إذا حدثتكم عن رسول الله × حديثًا, فوالله لإن أخر من السماء أحب إلي من أن أكذب عليه, وإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم فإن الحرب خدعة, وإني سمعت رسول  الله × يقول: «سيخرج قوم في آخر الزمان( ) أحداث الأسنان( ), سفهاء الأحلام( ) يقولون من خير قول البرية( ) لا يجاوز إيمانهم حناجرهم, يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية»( ).

وفي هذين الحديثين ذم الخوارج بأنهم ليس لهم من الإيمان إلا مجرد النطق, فقد دل الحديث الأول على أنهم يؤمنون بالنطق لا بالقلب( ). وأما هذا الحديث الذي هو حديث زيد بن وهب الجهني عن علي رضي الله عنه فقد أطلق الإيمان فيه على الصلاة, وكلا الحديثين دل على أن إيمانهم محصور في نطقهم وأنه لا يتجاوز حناجرهم, ولا تراقيهم, وهذا أبشع الذم وأقبحه لما وصف به( ).

ومن الصفات القبيحة التي ذمهم بها ×: أنهم يمرقون من الدين لا يوفقون للعودة إليه, وأنهم شر الخلق والخليقة, فقد روى مسلم رحمه الله من حديث أبي ذر رضي الله عنه, قال: «إن بعدي من أمتي - أو سيكون بعدي من أمتي- قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز حلاقيهم, يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية, ثم يعودون فيه, هم شر الخلق والخليقة»( ). وروى من حديث أبي سعيد أن النبي × ذكر قومًا يكونون في أمته يخرجون في فرقة من الناس سيماهم التحالق قال: «هم شر الخلق – أو من شر الخلق- يقتلهم أدنى الطائفتين إلى الحق».

ومن صفاتهم التي ذموا بها على لسان رسول الله ×: أنهم من أبغض الخلق إلى الله, فقد جاء في صحيح مسلم من حديث عبيد الله بن أبي رافع مولى رسول الله × أن الحرورية لما خرجت وهو مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه قالوا: لا حكم إلا لله, قال علي رضي الله عنه: كلمة حق أريد بها باطل( ), إن رسول الله × وصف ناسًا إني لأعرف صفتهم وهؤلاء يقولون الحق بألسنتهم لا يجوز هذا منهم –وأشار إلى حلقه- من أبغض خلق الله إليه منهم أسود إحدى يديه ظبي شاه( ), أو حلمة ثدي, فلما قتلهم علي رضي الله عنه, قال: انظروا فلم يجدوا شيئًا, فقال: ارجعوا فوالله ما كَذبت ولا كُذبت مرتين أو ثلاثًا, ثم وجدوه في خربة فأتوا به حتى وضعوه بين يديه, قال عبيد الله: وأنا حاضر ذلك من أمرهم وقول علي فيهم( ).

ومن صفاتهم القبيحة التي كانت ذمًا لهم على لسان رسول الله ×: أنهم حرموا من معرفة الحق والاهتداء إليه( ), فقد روى مسلم في صحيحه من حديث أسيد بن عمرو عن سهل بن حنيف عن النبي × قال: «يتيه قوم قبل المشرق محلقة رؤوسهم»( ), قال النووي: قوله ×: «يتيه قوم قبل المشرق», أي: يذهبون عن الصواب, وعن طريق الحق, قال: تاه إذا ذهب ولم يهتد لطريق الحق والله أعلم( ).

ومن الصفات المذمومة التي تلبسوا بها وأخبر النبي × أنها واقعة فيهم: أنهم يتدينون بقتل أهل الإسلام وترك عبدة الأوثان والصلبان( ), فقد روى الشيخان في صحيحيهما من حديث أبي سعيد الخدري قال: بعث علي رضي الله عنه وهو باليمن بذهبة في تربتها إلى رسول الله ×, فقسمها رسول الله × بين أربعة نفر... فجاء رجل كث اللحية مشرف الوجنتين( ), ناتئ الجبين( ), محلوق الرأس, فقال: اتق الله يا محمد, فقال رسول الله ×: «فمن يطع الله إن عصيته, أيأمنني على أهل الأرض ولا تأمنوني», قال: ثم أدبر الرجل, فاستأذن رجل من القوم في قتله يرون أنه خالد بن الوليد رضي الله عنه, فقال رسول الله ×: «إن من ضئضئ هذا قومًا يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم, يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان, يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية, لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد»( ).

وفي هذا معجزة بارهة للرسول × حيث وقع منهم ما أخبر به ×, فإنهم كانوا يسلون سيوفهم على أهل الإسلام بالقتل, وكانوا يغمدونها عن الكفار من اليهود والنصارى( ), كما سيأتي بيانه بإذن الله تعالى.

ومن الصفات القبيحة التي كانت ذمًا وعارًا مشينًا للخوارج: أن الرسول × حرض على قتلهم إن هم ظهروا, وأخبر × أنه لو أدركهم لأبادهم بالقتل إبادة عاد وثمود, وأخبر × بأن من قتلهم له أجر عند الله تعالى يوم القيامة, وقد شرف الله رابع الخلفاء الراشدين علي بن أبي طالب بمقاتلتهم وقتلهم, إذ أن ظهورهم كان في زمنه رضي الله عنه وأرضاه على وفق ما وصفهم به النبي × من العلامات الموجودة فيهم, فقد خرج رضي الله عنه إلى الخوارج بالجيش الذي كان هيأه للخروج إلى الشام, فأوقع بهم بالنهروان, ولم ينج منهم إلا دون العشرة, كما سيأتي بيانه, ولم يقاتلهم حتى سفكوا الدم الحرام, وأغاروا على أموال المسلمين فقاتلهم لدفع ظلمهم وبغيهم, ولما أظهروه من الشر من أعمالهم وأقوالهم وحسبنا هنا من الأحاديث الواردة في ذم الخوارج ما تقدم ذكره, إذ الأحاديث الواردة في ذمهم كثيرة قلما يخلو منها كتاب من كتب السنة المطهرة( ). وسيأتي الحديث في الصفحات القادمة بإذن الله تعالى عن بداية انحيازهم إلى حروراء, ومناظرة ابن عباس لهم, وحرص أمير المؤمنين علي على تبصيرهم وهدايتهم, وعن أسباب معركة النهروان والنتائج التي ترتبت عليها, وعن أصول الخوارج ومناقشة تلك الأصول, وهل الفكر الخارجي لا زالت أفكاره موجودة بين الناس؟ وما أسباب ذلك؟, وكيفية معالجتها؟.


يتبع
 يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق