إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 30 مايو 2014

232 عمر بن عبد العزيز ( معالم التجديد والاصلاح الراشدى ) على منهاج النبوة الفصل الثالث : السياسة الداخلية لمعاوية رضي الله عنه المبحث الأول : الإحسان إلى كبار الشخصيات من شيوخ الصحابة وأبنائهم سابعاً : مقتل حجر بن عدي رضي الله عنه:


232

عمر بن عبد العزيز ( معالم التجديد والاصلاح الراشدى ) على منهاج النبوة

الفصل الثالث : السياسة الداخلية لمعاوية رضي الله عنه

المبحث الأول : الإحسان إلى كبار الشخصيات من شيوخ الصحابة وأبنائهم

سابعاً : مقتل حجر بن عدي رضي الله عنه:

1 ـ قضاء معاوية رضي الله عنه في حجر رضي الله عنه وأصحابه:

نظراً لخطورة قضية حجر بن عدي وحساسيتها، فقد وافق زياد بن أبيه على شرط حجر بن عدي عند استسلامه، وهذا الشرط هو إحالة قضية حجر ومن معه إلى معاوية ليحكم فيها ، وقبل الحديث عن حكم معاوية في حجر وأصحابه، ينبغي التذكير بالتهم الموجهة إليهم، وهذه التهم كما وردت عن أبي مخنف هي:... إن حجراً جمع إليه الجموع، وأظهر شتم الخليفة، ودعا إلى حرب أمير المؤمنين وزعم أن هذا الأمر لا يصلح إلا في آل أبي طالب، ووثب بالمصر، وأخرج عامل أمير المؤمنين، وأظهر عذر أبي تراب ، والترحم عليه، والبراءة من عدوه وأهل حربه، وأن هؤلاء النفر الذين معه هم رؤوس أصحابه، وعلى مثل رأيه وأمره ، أما قضاء معاوية رضي الله عنه في حجر رضي الله عنه، وأصحابه فإنه لم يقتلهم على الفور، ولم يطلب منهم البراءة من علي رضي الله عنه كما تزعم بعض الروايات ، بل استخار الله سبحانه وتعالى فيهم، واستشار أهل مشورته، ثم كان حكمه فيهم أن قتل بعضهم، واستحي بعضهم، والحجة في ذلك ما يرويه صالح بن أحمد بن حنبل ، بإسناد حسن قال حدثني أبي ، قال حدثنا أبو المغيرة ، قال: حدثنا ابن عياش ، قال: حدثني شرحبيل بن مسلم ، قال: لما بُعث بحجر بن عدي بن الأدبر وأصحابه من العراق إلى معاوية بن أبي سفيان، استشار الناس في قتلهم، فمنهم المشير، ومنهم الساكت، فدخل معاوية منزله، فلما صلى الظهر قام في الناس خطيباً، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم جلس على منبره، فقام المنادي، فنادى: أين عمرو بن الأسود العنسي ، فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ألا أنا بحصن من الله حصين لم نؤمر بتركه وقولك يا أمير المؤمنين في أهل العراق ألا وأنت الراعي ونحن الرعية ألا وأنت أعلمنا بدائهم وأقدرنا على دوائهم وإنما علينا أن نقول ((سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)) (البقرة ، الآية : 285) فقال معاوية: أما عمرو بن الأسود فقد تبرأ إلينا من دمائهم ورمى بها ما بين عيني معاوية. ثم قام المنادي فنادى: أين أبو المسلم الخولاني، فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فلا والله ما أبغضناك منذ أحببناك، ولا عصيناك منذ أطعناك، ولا فارقناك منذ جامعناك، ولا نكثنا بيعتنا منذ بايعناك، على عواتقنا إن أمرتنا أطعناك، وإن دعوتنا أجبناك، وإن سبقناك نظرناك، ثم جلس. ثم قام المنادي فقال: أين عبد الله بن مِخْمَر الشرعبي ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: وقولك يا أمير المؤمنين في هذه العصابة من أهل العراق، إن تعاقبهم فقد أصبت، وإن تعفو فقد أحسنت، فقام المنادي فنادى: أين عبد الله بن أسد القسري فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أمير المؤمنين، رعيتك، ووليتك، وأهل طاعتك، إن تعاقبهم فقد جنوا أنفسهم العقوبة، وإن تعفو فإن العفو أقرب للتقوى يا أمير المؤمنين ولا تطع فينا من كان غشوماً ظلوماً، بالليل نؤوماً، عن عمل الآخرة سؤوماً .

    يا أمير المؤمنين، إن الدنيا قد انقشعت أوتادها، ومالت بها عمادها، وأحبها أصحابها، واقترب منها ميعادها، ثم جلس فقلت  لشرحبيل: فكيف صنع؟ قال: قتل بعضاً واستحي بعضاً وكان فيمن قتل حجر بن عدي بن الأدبر ، وكان حجر رضي الله عنه قبل قتله قال: يا قوم دعوني أصلي ركعتين، فتركوه فتوضأ، وصلَّى ركعتين، فطوَّل، فقيل له: طوَّلت، أجزعت؟ فقال: ما صليت صلاة أخفّ منها، ولئن جزعت لقد رأيت سيفاً مشهوراً، وكفناً منشوراً، وقبراً محفوراً، وكانت عشائرهم قد جاؤوهم بالأكفان، وحفروا لهم القبور.

    ويقال: بل معاوية الذي فعل ذلك. وقال حجر: اللهم إنا نستعديك على أمتنا، فإن أهل العراق شهدوا علينا وإن أهل الشام قتلونا. فقيل له: مُدَّ عنقك. فقال: إنَّ ذاك لدم ما كنت لأُعين عليه ، وجاء في رواية: لما أتي معاوية بحجر، قال: السلام عليك يا أمير المؤمنين: قال: أو أمير المؤمنين أنا؟ اضربوا عنقه فصلَّى ركعتين، وقال لأهله: لا تطلقوا عني حديداً، ولا تغسلوا عني دماً، فإني ملاقٍ معاوية على الجادَّة . وقد علق ابن العربي على مقتل حجر بن عدي رضي الله عنه فقال:.. وأراد أن يقيم الخلق للفتنة، فجعله معاوية ممن سعى في الأرض فساداً ، وقد اعتمد معاوية رضي الله عنه في قضائه على قوله صلى الله عليه وسلم: من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يَشُقَّ عصاكم ، أو يفرق جماعتكم فاقتلوه ، وقوله صلى الله عليه وسلم: إنه ستكون هنات ، وهنات، فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة، وهي جميع، فاضربوه بالسيف كائناً من كان . ومما يجدر التذكير به في هذا المقام أن معاوية رضي الله عنه لم يكن ليقضي بقتل حجر بن عدي رضي الله عنه لو أن حجراً اقتصر في معارضته إلى الأقوال فقط ولم ينتقل على الأفعال ولنا في خبر المسور بن مخرمه وغيره مما مرّ معنا دلالة على ذلك

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق