1328
البداية والنهاية ( ابن كثير ) الجزء الثامن
وهذه ترجمة يزيد بن معاوية
ومن وجه آخر أن معاوية قال ليزيد: إن لي خليلاً من أهل المدينة فأكرمه.
قال: ومن هو؟
قال: عبد الله بن جعفر.
فلما وفد بعد موت معاوية على يزيد أضعف جائزته التي كان معاوية يعطيه إياها، وكانت جائزته على معاوية ستمائة ألف، فأعطاه يزيد ألف ألف.
فقال له: بأبي أنت وأمي، فأعطاه ألف ألف أخرى.
فقال له ابن جعفر: والله لا أجمع أبوي لأحد بعدك.
ولما خرج ابن جعفر من عند يزيد وقد أعطاه ألفي ألف، رأى على باب يزيد بخاتي مبركات قد قدم عليها هدية من خراسان، فرجع عبد الله بن جعفر إلى يزيد فسأله منها ثلاث بخاتي ليركب عليها إلى الحج والعمرة، وإذا وفد إلى الشام على يزيد.
فقال يزيد للحاجب: ما هذه البخاتي التي على الباب؟ - ولم يكن شعر بها -.
فقال: يا أمير المؤمنين هذه أربعمائة بختية جاءتنا من خراسان تحمل أنواع الألطاف - وكان عليها أنواع من الأموال كلها -.
فقال: اصرفها إلى أبي جعفر بما عليها.
فكان عبد الله بن جعفر يقول: أتلومونني على حسن الرأي في هذا؟ - يعني: يزيد -.
وقد كان يزيد فيه خصال محمودة من الكرم، والحلم، والفصاحة، والشعر، والشجاعة، وحسن الرأي في الملك.
وكان ذا جمال حسن المعاشرة، وكان فيه أيضاً إقبال على الشهوات وترك بعض الصلوات في بعض الأوقات، وإماتتها في غالب الأوقات.
وقد قال الإمام أحمد: حدثنا أبو عبد الرحمن، ثنا حيوة، حدثني بشير بن أبي عمرو الخولاني: أن الوليد بن قيس حدثه أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يكون خلفٌ من بعد ستين سنة أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً، ثم يكون خلف يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، ويقرأ القرآن ثلاثة مؤمن ومنافق وفاجر)).
(ج/ص: 8/253)
فقلت للوليد: ما هؤلاء الثلاثة؟
قال: المنافق كافر به، والفاجر يتأكل به، والمؤمن يؤمن به. تفرد به أحمد.
وقال الحافظ أبو يعلى: حدثنا زهير بن حرب، ثنا الفضل بن دكين، ثنا كامل أبو العلاء: سمعت أبا صالح سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تعوذوا بالله من سنة سبعين، ومن إمارة الصبيان)).
وروى الزبير بن بكار، عن عبد الرحمن بن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل أنه قال في يزيد بن معاوية:
لست منا وليس خالك منا * يا مضيع الصلوات للشهوات
قال: وزعم بعض الناس أن هذا الشعر لموسى بن يسار، ويعرف بموسى شهوات.
وروي عن عبد الله بن الزبير أنه سمع جارية له تغني بهذا البيت فضربها وقال قولي:
أنت منا وليس خالك منا * يا مضيع الصلوات للشهوات
وقال الحافظ أبو يعلى: حدثنا الحكم بن موسى، ثنا يحيى بن حمزة، عن هشام بن الغاز، عن مكحول، عن أبي عبيدة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يزال أمر أمتي قائماً بالقسط حتى يثلمه رجل من بني أمية يقال له يزيد)).
وهذا منقطع بين مكحول وأبي عبيدة بل معضل.
وقد رواه ابن عساكر من طريق صدقة بن عبد الله الدمشقي عن هشام بن الغاز، عن مكحول، عن أبي ثعلبة الخشني، عن أبي عبيدة.
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يزال أمر هذه الأمة قائماً بالقسط حتى يكون أول من يثلمه رجل من بني أمية يقال له يزيد)).
ثم قال: وهو منقطع أيضاً بين مكحول وأبي ثعلبة.
وقال أبو يعلى: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا معاوية بن هشام، عن سفيان، عن عوف، عن خالد بن أبي المهاجر، عن أبي العالية.
قال: كنا مع أبي ذر بالشام فقال أبو ذر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((أول من يغير سنتي رجل من بني أمية)).
(ج/ص: 8/254)
ورواه ابن خزيمة: عن بندار، عن عبد الوهاب بن عبد المجيد، عن عوف: حدثنا مهاجر بن أبي مخلد، حدثني أبو العالية، حدثني أبو مسلم، عن أبي ذر فذكر نحوه.
وفيه قصة وهي: أن أبا ذر كان في غزاة عليهم يزيد بن أبي سفيان فاغتصب يزيد من رجل جارية، فاستعان الرجل بأبي ذر على يزيد أن يردّها عليه، فأمره أبو ذر أن يردها عليه، فتلكأ فذكر أبو ذر له الحديث فردها.
وقال يزيد لأبي ذر: نشدتك بالله أهو أنا؟
قال: لا.
وكذا رواه البخاري في (التاريخ) وأبو يعلى عن محمد بن المثنى، عن عبد الوهاب.
ثم قال البخاري: والحديث معلول ولا نعرف أن أبا ذر قدم الشام زمن عمر بن الخطاب.
قال: وقد مات يزيد بن أبي سفيان زمن عمر فولى مكانه أخاه معاوية.
وقال عباس الدوري: سألت ابن معين: أسمع أبو العالية من أبي ذر؟
قال: لا إنما يروي عن أبي مسلم عنه.
قلت: فمن أبو مسلم هذا؟
قال: لا أدري.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق