إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 29 مارس 2015

1294 البداية والنهاية ( ابن كثير ) الجزء الثامن


1294
  
البداية والنهاية ( ابن كثير ) الجزء الثامن

 وهذه صفة مقتله مأخوذة من كلام أئمة هذا الشأن لا كما يزعمه أهل التشيع من الكذب‏.‏

فلما بلغوا باب يزيد بن معاوية رفع محقر بن ثعلبة صوته فقال‏:‏ هذا محقر بن ثعلبة، أتى أمير المؤمنين باللئام الفجرة‏.‏

فأجابه يزيد بن معاوية‏:‏ ما ولدت أم محقر شر وألأم‏.‏

فلما دخلت الرؤوس والنساء على يزيد، دعا أشراف الشام فأجلسهم حوله، ثم دعا بعلي بن الحسين وصبيان الحسين ونسائه، فأدخلن عليه والناس ينظرون‏.‏

فقال لعلي بن الحسين‏:‏ يا علي أبوك قطع رحمي وجهل حقي ونازعني سلطاني، فصنع الله به ما قد رأيت‏.‏

فقال علي‏:‏ ‏{‏مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ‏}‏ ‏[‏الحديد‏:‏ 22‏]‏‏.‏

فقال يزيد لابنه خالد‏:‏ أجبه‏.‏

قال‏:‏ فما درى خالد ما يرد عليه‏.‏

فقال له يزيد‏:‏ قل‏:‏ ‏{‏وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ‏}‏ ‏[‏الشورى‏:‏ 30‏]‏ فسكت عنه ساعة، ثم دعا بالنساء والصبيان فرأى هيئة قبيحة‏.‏

فقال‏:‏ قبح الله ابن مرجانة، لو كانت بينهم وبينه قرابة ورحم ما فعل هذا بهم، ولا بعث بكم هكذا‏.‏

وروى أبو مخنف‏:‏ عن الحارث بن كعب، عن فاطمة بنت علي قالت‏:‏ لما أجلسنا بين يدي يزيد رق لنا وأمر لنا بشيء وألطفنا، ثم إن رجلاً من أهل الشام أحمر قام إلى يزيد فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين، هب لي هذه - يعنيني - وكنت جارية وضيئة، فارتعدت فزعة من قوله، وظننت أن ذلك جائز لهم، فأخذت بثياب أختي زينب - وكانت أكبر مني وأعقل، وكانت تعلم أن ذلك لا يجوز -‏.‏

فقالت‏:‏ لذلك الرجل كذبت والله ولؤمت، وما ذلك لك وله‏.‏

فغضب يزيد، فقال لها‏:‏ كذبتِ ‏!‏ والله إن ذلك لي، ولو شئت أن أفعله لفعلت‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 8/212‏)‏

قالت‏:‏ كلا ‏!‏ والله ما جعل الله ذلك لك إلا أن تخرج من ملتنا، وتدين بغير ديننا‏.‏

قالت‏:‏ فغضب يزيد واستطار‏.‏

ثم قال‏:‏ إياي تستقبلين بهذا‏؟‏ إنما خرج من الدين أبوك وأخوك‏.‏

فقالت زينب‏:‏ بدين الله ودين أبي ودين أخي وجدي اهتديت أنت وأبوك وجدك‏.‏

قال‏:‏ كذبتِ يا عدوة الله‏.‏

قالت‏:‏ أنت أمير المؤمنين مسلط تشتم ظالماً، وتقهر بسلطانك‏.‏

قالت‏:‏ فوالله لكأنه استحي فسكت، ثم قام ذلك الرجل فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين هب لي هذه‏.‏

فقال له يزيد‏:‏ اعزب وهب الله لك حتفاً قاضياً‏.‏

ثم أمر يزيد النعمان بن بشير أن يبعث معهم إلى المدينة رجلاً أميناً معه رجال وخيل، ويكون علي بن الحسين معهن‏.‏

ثم أنزل النساء عند حريمه في دار الخلافة فاستقبلهن نساء آل معاوية يبكين وينحن علي الحسين، ثم أقمن المناحة ثلاثة أيام، وكان يزيد لا يتغدى ولا يتعشى إلا ومعه علي بن الحسين وأخوه عمر بن الحسين‏.‏

فقال يزيد يوماً لعمر بن الحسين‏:‏ - وكان صغيراً جداً- أتقاتل هذا‏؟‏ يعني‏:‏ ابنه خالد بن يزيد - يريد ذلك ممازحته وملاعبته‏.‏

فقال‏:‏ أعطني سكيناً وأعطه سكيناً حتى نتقاتل، فأخذه يزيد فضمه إليه وقال‏:‏ شِنشنةٌ أعرفها من أخزم، هل تلد الحية إلا حية ‏؟‏‏.‏

ولما ودعهم يزيد قال لعلي بن الحسين‏:‏ قبح الله ابن سمية، أما والله لو أني صاحب أبيك ما سألني خصلة إلا أعطيته إياها، ولدفعت الحتف عنه بكل ما استطعت ولو بهلاك بعض ولدي، ولكن الله قضى ما رأيت‏.‏

ثم جهزه وأعطاه مالاً كثيراً وكساهم وأوصى بهم ذلك الرسول، وقال له‏:‏ كاتبني بكل حاجة تكون لك، فكان ذلك الرسول الذي أرسله معهن يسير عنهن بمعزل من الطريق، ويبعد عنهن بحيث يدركهن طرفه وهو في خدمتهم حتى وصلوا المدينة‏.‏

فقالت فاطمة بنت علي‏:‏ قلت لأختي زينب‏:‏ إن هذا الرجل أرسل معنا قد أحسن صحبتنا فهل لك أن نصله‏؟‏

فقالت‏:‏ والله ما معنا شيء نصله به إلا حلينا‏.‏

قالت وقلت لها‏:‏ نعطيه حلينا‏.‏

قالت‏:‏ فأخذت سواري ودملجي، وأخذت أختي سوارها ودملجها، وبعثنا به إليه واعتذرنا إليه وقلنا‏:‏ هذا جزاؤك بحسن صحبتك لنا‏.‏

فقال‏:‏ لو كان الذي صنعت معكم إنما هو للدنيا كان في هذا الذي أرسلتموه ما يرضيني وزيادة، ولكن والله ما فعلت ذلك إلا لله تعالى ولقرابتكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

وقيل‏:‏ إن يزيد لما رأى رأس الحسين قال‏:‏ أتدرون من أين أتى ابن فاطمة‏؟‏

وما الحامل له على ما فعل‏؟‏

وما الذي أوقعه فيما وقع فيه‏؟‏

قالوا‏:‏ لا ‏!‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 8/213‏)‏

قال‏:‏ يزعم أن أباه خير من أبي، وأمه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم خير من أمي، وجده رسول الله خير من جدي، وأنه خير مني وأحق بهذا الأمر مني‏.‏

فأما قوله‏:‏ أبوه خير من أبي فقد حاج أبي أباه إلى الله عز وجل، وعلم الناس أيهما حكم له‏.‏

وأما قوله‏:‏ أمه خير من أمي فلعمري إن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم خير من أمي‏.‏



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق