إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 29 مارس 2015

1284 البداية والنهاية ( ابن كثير ) الجزء الثامن


1284
  
البداية والنهاية ( ابن كثير ) الجزء الثامن

 وهذه صفة مقتله مأخوذة من كلام أئمة هذا الشأن لا كما يزعمه أهل التشيع من الكذب‏.‏

وجعل أصحاب عمر بن سعد يمنعون أصحاب الحسين من الماء، وعلى سرية منهم عمرو بن الحجاج، فدعا عليهم بالعطش فمات هذا الرجل من شدة العطش‏.‏

ثم إن الحسين طلب من عمر بن سعد أن يجتمع به بين العسكرين، فجاء كل واحد منهما في نحو من عشرين فارساً، فتكلما طويلاً حتى ذهب هزيع من الليل، ولم يدر أحد ما قالا، ولكن ظن بعض الناس أنه سأله أن يذهب معه إلى يزيد بن معاوية إلى الشام ويتركا العسكرين متواقفين‏.‏

فقال عمر‏:‏ إذاً يهدم ابن زياد داري‏.‏

فقال الحسين‏:‏ أنا أبنيها لك أحسن مما كانت‏.‏

قال‏:‏ إذاً يأخذ ضياعي‏.‏

قال‏:‏ أنا أعطيك خيراً منها من مالي بالحجاز‏.‏

قال‏:‏ فتكره عمر بن سعد من ذلك‏.‏

وقال بعضهم‏:‏ بل سأل منه إما أن يذهبا إلى يزيد، أو يتركه يرجع إلى الحجاز أو يذهب إلى بعض الثغور فيقاتل الترك‏.‏

فكتب عمر إلى عبيد الله بذلك، فقال‏:‏ نعم ‏!‏ قد قبلت، فقام الشمر بن ذي الجوشن فقال‏:‏ لا والله حتى ينزل على حكمك هو وأصحابه‏.‏

ثم قال‏:‏ والله لقد بلغني أن حسيناً وابن سعد يجلسان بين العسكرين فيتحدثان عامة الليل‏.‏

فقال له ابن زياد‏:‏ فنعم ما رأيت‏.‏

‏(‏ج/ص‏:‏ 8/190‏)‏

وقد روى أبو مخنف‏:‏ حدثني عبد الرحمن بن جندب، عن عقبة بن سمعان قال‏:‏ لقد صحبت الحسين من مكة إلى حين قتل، والله ما من كلمة قالها في موطن إلا وقد سمعتها، وأنه لم يسأل أن يذهب إلى يزيد فيضع يده إلى يده، ولا أن يذهب إلى ثغر من الثغور، ولكن طلب منهم أحد أمرين، إما أن يرجع من حيث جاء، وإما أن يدعوه يذهب في الأرض العريضة حتى ينظر ما يصير أمر الناس إليه‏.‏

ثم إن عبيد الله بعث شمر بن ذي الجوشن فقال‏:‏ اذهب فإن جاء حسين وأصحابه على حكمي وإلا فمر عمر بن سعد أن يقاتلهم، فإن تباطأ عن ذلك فاضرب عنقه، ثم أنت الأمير على الناس‏.‏

وكتب إلى عمر بن سعد يتهدده على توانيه في قتال الحسين، وأمره إن لم يجئ الحسين إليه أن يقاتله ومن معه، فإنهم مشاقون‏.‏

فاستأمن عبيد الله بن أبي المحل لبني عمته أم البنين بنت حزام من علي‏:‏ وهم‏:‏ العباس، وعبد الله، وجعفر، وعثمان‏.‏

فكتب لهم ابن زياد كتاب أمان وبعثه عبيد الله بن أبي المحل مع مولى له يقال له‏:‏ كرمان، فلما بلغهم ذلك قالوا‏:‏ أما أمان ابن سمية، فلا نريده، وإنا لنرجو أماناً خيراً من أمان ابن سمية‏.‏

ولما قدم شمر بن ذي الجوشن على عمر بن سعد بكتاب عبيد الله بن زياد، قال عمر‏:‏ أبعد الله دارك، وقبح ما جئت به، والله إني لأظنك الذي صرفته عن الذي عرضت عليه من الأمور الثلاثة التي طلبها الحسين‏.‏

فقال له شمر‏:‏ فأخبرني ما أنت صانع‏؟‏ أتقاتلهم أنت أو تاركي وإياهم‏؟‏

فقال له عمر‏:‏ لا ولا كرامة لك ‏!‏ أنا أتولى ذلك‏.‏

وجعله على الرجالة ونهضوا إليهم عشية يوم الخميس التاسع من المحرم، فقام شمر بن ذي الجوشن، فقال‏:‏ أين بنو أختنا‏؟‏

فقام إليه العباس، وعبد الله، وجعفر، وعثمان بنو علي بن أبي طالب، فقال‏:‏ أنتم آمنون‏.‏

فقالوا‏:‏ إن أمنتنا وابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلا فلا حاجة لنا بأمانك‏.‏

قال‏:‏ ثم نادى عمر بن سعد في الجيش‏:‏ يا خيل الله اركبي وابشري، فركبوا وزحفوا إليهم بعد صلاة العصر من يومئذ، هذا وحسين جالس أمام خيمته محتبياً بسيفه، ونعس فخفق برأسه وسمعت أخته الضجة فدنت منه فأيقظته، فرجع برأسه كما هو، وقال‏:‏ إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقال لي‏:‏ ‏(‏‏(‏إنك تروح إلينا‏)‏‏)‏ فلطمت وجهها وقالت‏:‏ يا ويلتنا‏.‏

فقال‏:‏ ليس لك الويل يا أختاه‏:‏ اسكتي رحمك الرحمن‏.‏

وقال له أخوة العباس بن علي‏:‏ يا أخي جاءك القوم‏.‏

فقال‏:‏ اذهب إليهم فسلهم ما بدا لهم، فذهب إليهم في نحو من عشرين فارساً فقال‏:‏ ما لكم‏؟‏

فقالوا‏:‏ جاء أمر الأمير إما أن تأتوا على حكمه، وإما أن نقاتلكم‏.‏

فقال‏:‏ مكانكم حتى أذهب إلى أبي عبد الله فأعلمه، فرجع ووقف أصحابه فجعلوا يتراجعون القول ويؤنب بعضهم بعضاً‏.‏

يقول أصحاب الحسين‏:‏ بئس القوم، أنتم تريدون قتل ذرّية نبيكم وخيار الناس في زمانهم‏؟‏

ثم رجع العباس بن علي من عند الحسين إليهم فقال لهم‏:‏ يقول لكم أبو عبد الله‏:‏ انصرفوا عشيتكم هذه حتى ينظر في أمره الليلة‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 8/191‏)‏

فقال عمر بن سعد لشمر بن ذي الجوشن‏:‏ ما تقول‏؟‏

فقال‏:‏ أنت الأمير والرأي رأيك‏.‏

فقال عمر بن الحجاج بن سلمة الزبيدي‏:‏ سبحان الله ‏!‏ والله لو سألكم ذلك رجل من الدليم لكان ينبغي إجابته‏.‏

وقال قيس بن الأشعث‏:‏ أجبهم إلى ما سألوك، فلعمري ليصبحنك بالقتال غدوة‏.‏

وهكذا جرى الأمر، فإن الحسين لما رجع العباس قال له‏:‏ ارجع فارددهم هذه العشية لعلنا نصلي لربنا هذه الليلة ونستغفره وندعوه، فقد علم الله مني إني أحب الصلاة له، وتلاوة كتابه، والاستغفار والدعاء‏.‏



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق