إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 29 مارس 2015

1280 البداية والنهاية ( ابن كثير ) الجزء الثامن


1280
  
البداية والنهاية ( ابن كثير ) الجزء الثامن

فلما سمع ما يقول الحسين قال لهم‏:‏ ألا تتقون الله‏؟‏ ألا تقبلون من هؤلاء ما يعرضون عليكم، والله لو سألتكم هذا الترك والديلم ما حلّ لكم أن تردوهم فأبوا إلا حكم ابن زياد‏؟‏ فضرب الحرّ وجه فرسه وانطلق إلى الحسين، فظنوا أنه إنما جاء ليقاتلهم، فلما دنا منهم قلب ترسه وسلم عليهم ثم كرّ على أصحاب ابن زياد فقتل منهم رجلين ثم قتل رحمه الله‏.‏

وذكر‏:‏ أن زهير بن القين البجلي لقي الحسين وكان حاجاً فأقبل معه، وخرج إليه ابن أبي مخرمة المرادي ورجلان آخران، وهما‏:‏ عمرو بن الحجاج، ومعن السلمي، وأقبل الحسين يكلم من بعث إليه ابن زياد وعليه جبة من برود‏.‏

فلما كلمهم انصرف فرماه رجل من بني تميم يقال له‏:‏ عمرو الطهوي بسهم بين كتفيه، فإني لأنظر إلى السهم بين كتفيه متعلقاً بجبته، فلما أبوا عليه رجع إلى مصافّه وإني لأنظر إليهم وهم قريب من مائة رجل، فيهم لصلب علي خمسة، ومن بني هاشم ستة عشر، ورجل من بني سُليم حليف لهم، ورجل من بني كنانة حليف لهم، وابن عم ابن زياد‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 8/185‏)‏

وقال حصين، حدثني سعد بن عبيدة قال‏:‏ إنا لمستنقعون الماء مع عمر بن سعد إذ أتاه رجل فسارّه فقال له‏:‏ قد بعث إليك ابن زياد جويرية بن بدر التميمي وأمره إن لم تقاتل القوم أن يضرب عنقك‏.‏

قال‏:‏ فوثب إلى فرسه فركبها ثم دعا بسلاحه فلبسه وأنه لعلى فرسه، ونهض بالناس إليهم فقاتلوهم فجيء برأس الحسين إلى ابن زياد فوضع بين يديه فجعل يقول بقضيبه في أنفه ويقول‏:‏ إن أبا عبد الله كان قد شمط‏.‏

قال‏:‏ وجيء بنسائه وبناته وأهله قال‏:‏ وكان أحسن شيء صنعه أن أمر لهم بمنزل في مكانٍ معتزلٍ وأجرى عليهم رزقاً، وأمر لهم بنفقة وكسوة‏.‏

قال‏:‏ وانطلق غلامان منهم من أولاد عبد الله بن جعفر - أو ابن أبي جعفر - فأتيا رجلاً من طيء فلجآ إليه مستجيران به، فضرب أعناقهما وجاء برأسيهما حتى وضعهما بين يدي ابن زياد‏.‏

قال‏:‏ فهمَّ ابن زياد بضرب عنقه وأمر بداره فهدمت‏.‏

قال‏:‏ وحدثني مولى لمعاوية بن أبي سفيان قال‏:‏ لما أتي يزيد برأس الحسين فوضع بين يديه رأيته يبكي ويقول‏:‏ لو كان بين ابن زياد وبينه رحم ما فعل هذا - يعني‏:‏ ابن زياد -‏.‏

قال الحصين‏:‏ ولما قتل الحسين لبثوا شهرين أو ثلاثة كأنما تلطخ الحوائط بالدماء ساعة تطلع الشمس حتى ترتفع‏.‏

قال أبو مخنف‏:‏ حدثني لوذان، حدثني عكرمة أن أحد عمومته سأل الحسين‏:‏ أين تريد‏؟‏

فحدثه، فقال له‏:‏ أنشدك الله لما انصرفت راجعاً، فوالله ما بين يديك من القوم أحد يذب عنك ولا يقاتل معك، وإنما والله أنت قادم على الأسنة والسيوف، فإن هؤلاء الذين بعثوا إليك لو كانوا كفوك مؤنة القتال ووطأوا لك الأشياء، ثم قدمت عليهم بعد ذلك كان ذلك رأياً، فأما على هذه الصفة فإني لا أرى لك أن تفعل‏.‏

فقال له الحسين‏:‏ إنه ليس بخفي عليّ ما قلت وما رأيت، ولكن الله لا يغلب على أمره، ثم ارتحل قاصداً الكوفة‏.‏

وقال خالد بن العاص‏:‏

رُبَّ مستنصح يغش ويردي * وظنينٍ بالغيب يلقى نصيحاً

وقد حج بالناس في هذه السنة عمرو بن سعيد بن العاص وكان عامل المدينة ومكة ليزيد، وقد عزل يزيد عن إمرة المدينة الوليد بن عتبة وولاها عمرو بن سعيد بن العاص في شهر رمضان منها والله سبحانه وتعالى أعلم‏.‏




 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق