إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 29 مارس 2015

1259 البداية والنهاية ( ابن كثير ) الجزء الثامن


1259
  
البداية والنهاية ( ابن كثير ) الجزء الثامن

وأمر الكاتب فكتب له عهده، وخرج به ابن جعفر إلى الدهقان فسجد له وحمل إليه ألف ألف درهم‏.‏

فقال له ابن جعفر‏:‏ اسجد لله واحمل مالك إلى منزلك، فإنا أهل بيت لا نبيع المعروف بالثمن‏.‏

فبلغ ذلك معاوية فقال‏:‏ لأن يكون يزيد قالها أحب إليّ من خراج العراق، أبت بنو هاشم إلا كرماً‏.‏

‏(‏ج/ص‏:‏ 8/147‏)‏

وقال غيره‏:‏ كان لعبد الله بن جعفر على معاوية في كل سنة ألف ألف، فاجتمع عليه في بعض الأوقات دين خمسمائة ألف، فألحّ عليه غرماؤه فاستنظرهم حتى يقدم على معاوية فيسأله أن يسلفه شيئاً من العطاء، فركب إليه فقال له‏:‏ ما أقدمك يا بن جعفر‏؟‏

فقال‏:‏ دين ألحّ علي غرماؤه‏.‏

فقال‏:‏ وكم هو‏؟‏

قال‏:‏ خمسمائة ألف‏.‏

فقضاها عنه وقال له‏:‏ إن الألف ألف ستأتيك في وقتها‏.‏

وقال ابن سعيد‏:‏ حدثنا موسى بن إسماعيل، ثنا ابن هلال، عن قتادة‏.‏

قال‏:‏ قال معاوية‏:‏ يا عجباً للحسن بن علي ‏!‏‏!‏ شرب شربة عسل يمانية بماء رومة فقضى نحبه، ثم قال لابن عباس‏:‏ لا يسؤك الله ولا يحزنك في الحسن بن علي‏.‏

فقال ابن عباس لمعاوية‏:‏ لا يحزنني الله ولا يسوءني ما أبقى الله أمير المؤمنين‏.‏

قال‏:‏ فأعطاه ألف ألف درهم وعروضاً وأشياء‏.‏

وقال‏:‏ خذها فاقسمها في أهلك‏.‏

وقال أبو الحسن المدايني‏:‏ عن سلمة بن محارب قال‏:‏ قيل لمعاوية‏:‏ أيكم كان أشرف، أنتم أو بنو هاشم‏؟‏

قال‏:‏ كنا أكثر أشرافاً وكانوا هم أشرف، فيهم واحد لم يكن في بني عبد مناف مثل هاشم، فلما هلك كنا أكثر عدداً وأكثر أشرافاً، وكان فيهم عبد المطلب لم يكن فينا مثله‏.‏

فلما مات صرنا أكثر عدداً وأكثر أشرافاً، ولم يكن فيهم واحد كواحدنا، فلم يكن إلا كقرار العين حتى قالوا‏:‏ منا نبي‏.‏

فجاء نبي لم يسمع الأولون والآخرون بمثله، محمد صلى الله عليه وسلم، فمن يدرك هذه الفضيلة وهذا الشرف‏؟‏‏.‏

وروى ابن أبي خيثمة‏:‏ عن موسى بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس‏:‏ أن عمرو بن العاص قصّ على معاوية مناماً رأى فيه أبا بكر، وعمر، وعثمان، وهم يحاسبون على ما وَلَّوه في أيامهم، ورأى معاوية وهو موكل به رجلان يحاسبانه على ما عمل في أيامه‏.‏

فقال له معاوية‏:‏ وما رأيت ثم دنانير مصر ‏؟‏‏.‏

وقال ابن دريد‏:‏ عن أبي حاتم، عن العتبي‏.‏

قال‏:‏ دخل عمرو على معاوية وقد ورد عليه كتاب فيه تعزية له في بعض الصحابة، فاسترجع معاوية فقال عمرو بن العاص‏:‏

تموت الصالحون وأنت حي * تخطاك المنايا لا تموت

فقال له معاوية‏:‏

أترجو أن أموت وأنت حي* فلست بميت حتى تموت

وقال ابن السماك‏:‏ قال معاوية‏:‏ كل الناس أستطيع أن أرضيه إلا حاسد نعمة فإنه لا يرضيه إلا زوالها‏.‏

وقال الزهري‏:‏ عن عبد الملك، عن أبي بحرية‏.‏

قال‏:‏ قال معاوية‏:‏ المروءة في أربع‏:‏ العفاف في الإسلام، واستصلاح المال، وحفظ الإخوان، وحفظ الجار‏.‏

وقال أبو بكر الهذلي‏:‏ كان معاوية يقول الشعر فلما ولي الخلافة قال له أهله‏:‏ قد بلغت الغاية فماذا تصنع بالشعر‏؟‏

فارتاح يوماً فقال‏:‏

صرمت سفاهتي وأرحت حلمي * وفيّ على تحملي اعتراض

على أني أجيب إذا دعتني * إلى حاجاتها الحدق المراض

‏(‏ج/ص‏:‏ 8/148‏)‏

وقال مغيرة‏:‏ عن الشعبي‏:‏ أول من خطب جالساً معاوية حين كثر شحمه وعظم بطنه‏.‏

وكذا روي عن مغيرة، عن إبراهيم أنه قال‏:‏ أول من خطب جالساً يوم الجمعة معاوية‏.‏

وقال أبو المليح عن ميمون‏:‏ أول من جلس على المنبر معاوية واستأذن الناس في الجلوس‏.‏

وقال قتادة‏:‏ عن سعيد بن المسيب‏:‏ أول من أذن وأقام يوم الفطر والنحر معاوية‏.‏

وقال أبو جعفر الباقر‏:‏ كانت أبواب مكة لا أغلاق لها، وأول من اتخذ الأبواب معاوية‏.‏

وقال أبو اليمان‏:‏ عن شعيب، عن الزهري‏:‏ مضت السُنَّة أن لا يرث الكافر المسلم، ولا المسلم الكافر، وأول من ورث المسلم من الكافر معاوية، وقضى بذلك بنو أمية بعده، حتى كان عمر بن عبد العزيز فراجع السنة، وأعاد هشام ما قضى به معاوية وبنو أمية من بعده‏.‏

وبه قال الزهري، ومضت السنة‏:‏ أن دية المعاهد كدية المسلم، وكان معاوية أول من قصرها إلى النصف، وأخذ النصف لنفسه‏.‏

وقال ابن وهب‏:‏ عن مالك، عن الزهري قال‏:‏ سألت سعيد بن المسيب عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي‏:‏ اسمع يا زهري، من مات محباً لأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وشهد للعشرة بالجنة، وترحم على معاوية، كان حقاً على الله أن لا يناقشه الحساب‏.‏

وقال سعيد بن يعقوب الطالقاني‏:‏ سمعت عبد الله بن المبارك يقول‏:‏ تراب في أنف معاوية أفضل من عمر بن عبد العزيز‏.‏

وقال محمد بن يحيى بن سعيد‏:‏ سئل ابن المبارك عن معاوية فقال‏:‏ ما أقول في رجل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع الله لمن حمده، فقال خلفه‏:‏ ربنا ولك الحمد‏.‏

فقيل له‏:‏ أيهما أفضل‏؟‏

هو أو عمر بن عبد العزيز‏؟‏

فقال‏:‏ لتراب في منخري معاوية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خير وأفضل من عمر بن عبد العزيز‏.‏

وقال غيره‏:‏ عن ابن المبارك، قال معاوية‏:‏ عندنا محنة فمن رأيناه ينظر إليه شزراً اتهمناه على القول - يعني‏:‏ الصحابة -‏.‏



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق