إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 29 مارس 2015

1257 البداية والنهاية ( ابن كثير ) الجزء الثامن



1257

  
البداية والنهاية ( ابن كثير ) الجزء الثامن

وقال الأصمعي عن الثوري‏:‏ قال‏:‏ قال معاوية‏:‏ إني لأستحيي أن يكون ذنب أعظم من عفوي، أو جهل أكبر من حلمي، أو تكون عورة لا أواريها بستري‏.‏

وقال الشعبي والأصمعي‏:‏ عن أبيه قالا‏:‏ جرى بين رجل يقال له‏:‏ أبو الجهم وبين معاوية كلام فتكلم أبو جهم بكلام فيه غَمْرٌ لمعاوية، فأطرق معاوية‏.‏

ثم رفع رأسه فقال‏:‏ يا أبا الجهم إياك والسلطان فإنه يغضب غضب الصبيان، ويأخذ أخذ الأسد، وإن قليله يغلب كثير الناس‏.‏

ثم أمر معاوية لأبي الجهم بمالٍ‏.‏

فقال أبو جهم في ذلك يمدح معاوية‏:‏

نميل على جوانبه كأنا * نميل إذا نميل على أبينا

نقلبه لنخبر حالتيه * فنخبر منهما كرماً ولينا

وقال الأعمش‏:‏ طاف الحسن بن علي مع معاوية فكان معاوية يمشي بين يديه، فقال الحسن‏:‏ ما أشبه أليتيه بأليتي هند‏؟‏ ‏!‏

فالتفت إليه معاوية فقال‏:‏ أما إن ذلك كان يعجب أبا سفيان‏.‏

وقال ابن أخته عبد الرحمن بن أم الحكم لمعاوية‏:‏ أن فلاناً يشتمني‏.‏

فقال له‏:‏ طأطئ لها فتمر فتجاوزك‏.‏

وقال ابن الأعرابي‏:‏ قال رجل لمعاوية‏:‏ ما رأيت أنذل منك‏.‏

فقال معاوية‏:‏ بلى من واجه الرجال بمثل هذا‏.‏

وقال أبو عمرو بن العلاء‏:‏ قال معاوية‏:‏ ما يسرني بذل الكرم حمر النعم‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 8/145‏)‏

وقال‏:‏ ما يسر بي بذل الحلم عز النصر‏.‏

وقال بعضهم‏:‏ قال معاوية‏:‏ يا بني أمية فارقوا قريشاً بالحلم، فوالله لقد كنت ألقى الرجل في الجاهلية فيوسعني شتماً وأوسعه حلماً، فأرجع وهو لي صديق، إن استنجدته أنجدني، وأثور به فيثور معي، وما وضع الحلم عن شريف شرفه، ولا زاده إلا كرماً‏.‏

وقال‏:‏ آفة الحلم الذل‏.‏

وقال‏:‏ لا يبلغ الرجل مبلغ الرأي حتى يغلب حلمه جهله، وصبره شهوته، ولا يبلغ الرجل ذلك إلا بقوة الحلم‏.‏

وقال عبد الله بن الزبير‏:‏ لله در ابن هند، إن كنا لنفرقه وما الليث على براثنه بأجرأ منه، فيتفارق لنا، وإن كنا لنخدعه وما ابن ليلة من أهل الأرض بأدهى منة فيتخادع لنا، والله لوددت أنا متعنا به ما دام في هذا الجبل حجر - وأشار إلى أبي قبيس -‏.‏

وقال رجل لمعاوية‏:‏ من أسود الناس‏؟‏

فقال‏:‏ أسخاهم نفساً حين يسأل، وأحسنهم في المجالس خلقاً، وأحلمهم حين يستجهل‏.‏

وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى‏:‏ كان معاوية يتمثل بهذه الأبيات كثيراً‏:‏

فما قتل السفاهة مثل حلمٍ * يعود به على الجهل الحليم

فلا تسفه وإن ملِّئت غيظاً * على أحدٍ فإن الفحش لوم

ولا تقطع أخاً لك عند ذنبٍ * فإن الذنب يغفره الكريم

وقال القاضي الماوردي في ‏(‏الأحكام السلطانية‏)‏‏:‏ وحكي أن معاوية أتي بلصوص فقطعهم حتى بقي واحد من بينهم، فقال‏:‏

يميني أمير المؤمنين أعيذها * بعفوك أن تلقى مكاناً يشينها

يدي كانت الحسناء لو تمَّ سترها * ولا تعدم الحسناء عيباً يشيبها

فلا خير في الدنيا وكانت حبيبة * إذا ما شمالي فارقتها يمينها

فقال معاوية‏:‏ كيف أصنع بك‏؟‏

قد قطعنا أصحابك‏؟‏

فقالت أم السارق‏:‏ يا أمير المؤمنين ‏!‏ اجعلها في ذنوبك التي تتوب منها‏.‏

فخلى سبيله، فكان أول حد ترك في الإسلام‏.‏



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق