إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 29 مارس 2015

1251 البداية والنهاية ( ابن كثير ) الجزء الثامن


1251
  
البداية والنهاية ( ابن كثير ) الجزء الثامن

ثم قال البخاري بعد ذلك‏:‏ ذكر هند بنت عتبة بن ربيعة‏:‏ حدثنا عبدان، ثنا عبد الله يونس، عن الزهري حدثني عروة أن عائشة قالت‏:‏ ‏(‏‏(‏جاءت هند بنت عتبة - امرأة أبي سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم - فقالت‏:‏ يا رسول الله ما كان على ظهر الأرض من أهل خباء أحب إليّ من أن يذلُّوا من أهل خبائك‏.‏

ثم ما أصبح اليوم على ظهر الأرض أهل خباء أحب إليّ أن يعزوا من أهل خبائك‏.‏

فقال‏:‏ ‏(‏‏(‏وأيضاً والذي نفسي بيده‏)‏‏)‏‏.‏

فقالت‏:‏ يا رسول الله إن أبا سفيان رجل مِسِّيك، فهل عليّ من حرج أن أطعم من الذي له عيالنا‏؟‏

قال‏:‏ ‏(‏‏(‏لا إلا بالمعروف‏)‏‏)‏‏.‏

فالمدحة في قوله‏:‏ ‏(‏‏(‏وأيضاً والذي نفسي بيده‏)‏‏)‏، وهو أنه كان يود أن هنداً وأهلها وكل كافر يذلوا في حال كفرهم، فلما أسلموا كان يحب أن يعزوا فأعزهم الله - يعني‏:‏ أهل خبائها -‏.‏

وقال الإمام أحمد‏:‏ حدثنا روح، ثنا أبو أمية، عمرو بن يحيى بن سعيد قال‏:‏ سمعت جدي يحدث‏:‏ أن معاوية أخذ الأداوة بعد أبي هريرة فتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم بها - وكان أبو هريرة قد اشتكى - فبينما هو يوضئ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ رفع رأسه إليه مرة أو مرتين وهو يتوضأ فقال‏:‏ ‏(‏‏(‏يا معاوية إن وليت أمراً فاتق الله واعدل‏)‏‏)‏‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 8/132‏)‏

قال معاوية‏:‏ فما زلت أظن أني سأبتلي بعملٍ لقول النبي صلى الله عليه وسلم حتى ابتليت‏.‏

تفرد به أحمد‏.‏

ورواه أبو بكر بن أبي الدنيا، عن أبي إسحاق الهمذاني، سعيد بن زنبور بن ثابت، عن عمرو بن يحيى بن سعيد‏.‏

ورواه ابن منده من حديث بشر بن الحكم، عن عمرو بن يحيى به‏.‏

وقال أبو يعلى‏:‏ حدثنا سويد بن سعيد، ثنا عمرو بن يحيى بن سعيد، عن جده عن معاوية قال‏:‏ اتبعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء، فلما توضأ نظر إليّ فقال‏:‏ ‏(‏‏(‏يا معاوية إن وليت أمراً فاتق واعدل‏)‏‏)‏‏.‏

فما زلت أظن أني مبتلى بعمل حتى وليت‏.‏

ورواه غالب القطان عن الحسن‏.‏

قال‏:‏ سمعت معاوية يخطب وهو يقول‏:‏ صببت يوماً على رسول الله صلى الله عليه وسلم وضوءه، فرفع رأسه إليّ فقال‏:‏ ‏(‏‏(‏أما إنك ستلي أمر أمتي بعدي، فإذا كان ذلك فاقبل من محسنهم وتجاوز عن مسيئهم‏)‏‏)‏‏.‏

وقال‏:‏ فما زلت أرجو حتى قمت مقامي هذا‏.‏

وروى البيهقي عن الحاكم بسنده إلى إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر، عن عبد الملك بن عمير‏.‏

قال قال معاوية‏:‏ والله ما حملني على الخلافة إلا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏‏(‏إن ملكت فأحسن‏)‏‏)‏‏.‏

قال البيهقي‏:‏ إسماعيل بن إبراهيم هذا ضعيف، إلا أن للحديث شواهد‏.‏

وروى ابن عساكر بإسناده عن نعيم بن حماد‏:‏ ثنا محمد بن حرب، عن أبي بكر بن أبي مريم، ثنا محمد بن زياد، عن عوف بن مالك الأشجعي قال‏:‏ بينما أنا راقد في كنيسة يوحنا - وهي يومئذٍ مسجد يصلى فيها - إذا انتبهت من نومي فإذا أنا بأسد يمشي بين يدي، فوثبت إلى سلاحي، فقال الأسد‏:‏ مه ‏!‏ إنما أرسلت إليك برسالة لتبلغها‏.‏

قلت‏:‏ ومن أرسلك‏؟‏

قال‏:‏ الله أرسلني إليك لتبلغ معاوية السلام وتعلمه أنه من أهل الجنة‏.‏

فقلت له‏:‏ ومن معاوية‏؟‏

قال‏:‏ معاوية بن أبي سفيان‏.‏

ورواه الطبراني عن أبي يزيد القراطيسي عن المعلى بن الوليد القعقاعي، عن محمد بن حبيب الخولاني، عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني، وفيه ضعف وهذا غريب جداً، ولعل الجميع مناماً، ويكون قوله إذا انتبهت من نومي مدرجاً لم يضبطه ابن أبي مريم، والله أعلم‏.‏

وقال محمد بن عائذ‏:‏ عن الوليد، عن ابن لهيعة، عن يونس، عن الزهري قال‏:‏ قدم عمر الجابية فنزع شرحبيل وأمر عمرو بن العاص بالمسير إلى مصر، ونفى الشام على أميرين أبي عبيدة ويزيد، ثم توفي أبو عبيدة فاستخلف عياض بن غنم، ثم توفي يزيد فأمر معاوية مكانه، ثم نعاه عمر لأبي سفيان، فقال لأبي سفيان‏:‏ احتسب يزيد بن أبي سفيان‏.‏

قال‏:‏ من أمرت مكانه‏؟‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 8/133‏)‏

قال‏:‏ معاوية‏.‏

فقال‏:‏ وصلت رحماً يا أمير المؤمنين، فكان معاوية على الشام وعمير بن سعد حتى قتل عمر رضي الله عنهم‏.‏

وقال محمد بن إسحاق‏:‏ مات أبو عبيدة في طاعون عمواس واستخلف معاذاً، فمات معاذ واستخلف يزيد بن أبي سفيان فمات، واستخلف أخاه معاوية فأقره عمر، وولى عمرو بن العاص فلسطين والأردن، ومعاوية دمشق وبعلبك والبلقاء، وولى سعد بن عامر بن جذيم حمص، ثم جمع الشام كلها لمعاوية بن أبي سفيان، ثم أمره عثمان بن عفان على الشام‏.‏

وقال إسماعيل بن أمية‏:‏ أفرد عمر معاوية بإمرة الشام، وجعل له في كل شهر ثمانين ديناراً‏.‏

والصواب أن الذي جمع لمعاوية الشام كلها عثمان بن عفان، وأما عمر فإنه إنما ولاه بعض أعمالها‏.‏

وقال بعضهم‏:‏ لما عزيت هند في يزيد بن أبي سفيان - ولم يكن منها - قيل لها‏:‏ إنه قد جعل معاوية أميراً مكانه، فقالت‏:‏ أو مثل معاوية يجعل خلفاً من أحد‏؟‏ فوالله لو أن العرب اجتمعت متوافرة ثم رُمي به فيها لخرج من أي أعراضها - نواحيها - شاء‏.‏

وقال آخرون‏:‏ ذكر معاوية عند عمر، فقال‏:‏ دعوا فتى قريش وابن سيدها، إنه لمن يضحك في الغضب ولا ينال منه إلا على الرضا، ومن لا يؤخذ من فوق رأسه إلا من تحت قدميه‏.‏

وقال ابن أبي الدنيا‏:‏ حدثني محمد بن قدامة الجوهري، حدثني عبد العزيز بن يحيى، عن شيخ له‏.‏

قال‏:‏ لما قدم عمر بن الخطاب الشام تلقاه معاوية في موكب عظيم، فلما دنا من عمر قال له‏:‏ أنت صاحب الموكب‏؟‏

قال‏:‏ نعم يا أمير المؤمنين‏.‏

قال‏:‏ هذا حالك مع ما بلغني من طول وقوف ذوي الحاجات ببابك‏؟‏

قال‏:‏ هو ما بلغك من ذلك‏.‏

قال‏:‏ ولم تفعل هذا‏؟‏ لقد هممت أن آمرك بالمشي حافياً إلى بلاد الحجاز‏.‏

قال‏:‏ يا أمير المؤمنين إنا بأرض جواسيس العدو فيها كثيرة، فيجب أن نظهر من عز السلطان ما يكون فيه عز للإسلام وأهله ويرهبهم به، فإن أمرتني فعلت، وإن نهيتني انتهيت‏.‏

فقال له عمر‏:‏ يا معاوية ما سألتك عن شيء إلا تركتني في مثل رواجب الضرس، لئن كان ما قلت حقاً إنه لرأي أريت، ولئن كان باطلاً إنه لخديعة أديت‏.‏

قال‏:‏ فمرني يا أمير المؤمنين بما شئت‏.‏

قال‏:‏ لا آمرك ولا أنهاك‏.‏

فقال رجل‏:‏ يا أمير المؤمنين ما أحسن ما صدر الفتى عما أوردته فيه‏؟‏ ‏!‏

فقال عمر‏:‏ لحسن موارده ومصادره جشمناه ما جشمناه‏.‏



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق