إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 27 مارس 2015

1243 البداية والنهاية ( ابن كثير ) الجزء الثامن ذكر من توفي فيها من الأعيان‏:‏ عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما


1243
  
البداية والنهاية ( ابن كثير ) الجزء الثامن

 ذكر من توفي فيها من الأعيان‏:‏

 عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما

وهو أكبر ولد أبي بكر الصديق، قاله الزبير بن بكار، قال‏:‏ وكانت فيه دعابة، وأمه أم رومان، وأم عائشة فهو شقيقها، بارز يوم بدر، وأخذ مع المشركين، وأراد قتل أبيه أبي بكر، فتقدم إليه أبوه أبو بكر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏‏(‏أمتعنا بنفسك‏)‏‏)‏‏.‏

ثم أسلم عبد الرحمن بعد ذلك في الهدنة، وهاجر قبل الفتح، ورزقه رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر كل سنة أربعين وسقاً، وكان من سادات المسلمين، وهو الذي دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات وعائشة مسندته إلى صدرها، ومع عبد الرحمن سواك رطب فأخذه بصره، فأخذت عائشة ذلك السواك فقضمته وطيبته‏.‏

ثم دفعته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستن به أحسن استنان ثم قال‏:‏ ‏(‏‏(‏اللهم في الرفيق الأعلا‏)‏‏)‏، ثم قضى‏.‏

قالت‏:‏ فجمع الله بين ريقي وريقه، ومات بين سحري ونحري، في بيتي ويومي لم أظلم فيه أحداً‏.‏

وقد شهد عبد الرحمن فتح اليمامة وقتل يومئذ سبعة، وهو الذي قتل محكم بن الطفيل‏.‏

صديق مسيلمة على باطله، كان محكم واقفاً في ثلمة حائط فرماه عبد الرحمن فسقط محكم، فدخل المسلمون من الثلمة فخلصوا إلى مسيلمة فقتلوه‏.‏

وقد شهد فتح الشام، وكان معظماً بين أهل الإسلام ونفل ليلى بنت الجودي ملك عرب الشام، نفله إياها خالد بن الوليد عن أمر عمر بن الخطاب كما سنذكره مفصلاً‏.‏

وقد قال عبد الرزاق عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب قال‏:‏ حدثني عبد الرحمن بن أبي بكر - ولم يجرب عليه كذبة قط - ذكر عنه حكاية‏:‏ أنه لما جاءت بيعة يزيد بن معاوية إلى المدينة‏.‏

قال عبد الرحمن لمروان‏:‏ جعلتموها والله هرقلية وكسروية - يعني‏:‏ جعلتم ملك الملك لمن بعده من ولده -‏.‏

فقال له مروان‏:‏ اسكت فإنك أنت الذي أنزل الله فيك ‏{‏وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ‏}‏ ‏[‏الأحقاف‏:‏ 17‏]‏‏.‏

فقالت عائشة‏:‏ ما أنزل الله فينا شيئاً من القرآن، إلا أنه أنزل عذري، ويروى أنها بعثت إلى مروان تعتبه وتؤنبه وتخبره بخبر فيه ذم له ولأبيه لا يصح عنها‏.‏

قال الزبير بن بكار‏:‏ حدثني إبراهيم بن محمد بن عبد العزيز الزهري، عن أبيه، عن جده‏.‏

قال‏:‏ بعث معاوية إلى عبد الرحمن بن أبي بكر بمائة ألف درهم بعد أن أبى البيعة ليزيد بن معاوية، فردها عبد الرحمن وأبى أن يأخذها، وقال‏:‏ أبيع ديني بدنياي‏؟‏

وخرج إلى مكة فمات بها‏.‏

وقال أبو زرعة الدمشقي‏:‏ ثنا أبو مسهر، ثنا مالك قال‏:‏ توفي عبد الرحمن بن أبي بكر في نومة نامها‏.‏

ورواه أبو مصعب، عن مالك، عن يحيى بن سعيد فذكره وزاد‏:‏ فأعتقت عنه عائشة رقاباً‏.‏

ورواه الثوري‏:‏ عن يحيى بن سعيد، عن القاسم فذكره‏.‏

ولما توفي كانت وفاته بمكان يقال له الحبشي - على ستة أميال من مكة، وقيل‏:‏ اثني عشر ميلاً - فحمله الرجال على أعناقهم حتى دفن بأعلا مكة‏.‏

فلما قدمت عائشة مكة زارته وقالت‏:‏ أما والله لو شهدتك لم أبكِ عليك، ولو كنت عندك لم أنقلك من موضعك الذي مت فيه، ثم تمثلت بشعر متمم بن نويرة في أخيه مالك‏:‏ وكنا كند ماني جذيمة برهةً * من الدهر حتى قيل لن يتصدعا

فلما تفرقنا كأني ومالكٍ * لطول اجتماعٍ لم نبت ليلةً معا

رواه الترمذي وغيره‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 8/97‏)‏

وروى ابن سعد‏:‏ أن ابن عمر مرة رأى فسطاساً مضروباً على قبر عبد الرحمن - ضربته عائشة بعد ما ارتحلت - فأمر ابن عمر بنزعه وقال‏:‏ إنما يظله عمله‏.‏

وكانت وفاته في هذا العام في قول كثير من علماء التاريخ‏.‏

ويقال‏:‏ إن عبد الرحمن توفي سنة ثلاث وخمسين قاله الواقدي، وكاتبه محمد بن سعد وأبو عبيد وغير واحد‏.‏

وقيل‏:‏ سنة أربع وخمسين فالله أعلم‏.‏

قصته مع ليلى بنت الجودي ملك عرب الشام

قال الزبير بن بكار‏:‏ حدثني محمد بن الضحاك الحزامي، عن أبيه‏:‏ أن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما قدم الشام في تجارة - يعني‏:‏ في زمان جاهليته - فرأى امرأة يقال لها‏:‏ ليلى ابنة الجودي على طنفسة لها، وحولها ولائدها فأعجبته‏.‏

قال ابن عساكر‏:‏ رآها بأرض بصرى، فقال فيها‏:‏

تذكرت ليلى والسماوة دونها * فمال ابنة الجودي ليلى وماليا

وإني تعاطى قلبه حارثية * تؤمن بصرى أوتحل الحوابيا

وإني بلاقيها بلى ولعلها * إن الناس حجوا قابلاً أن توافيا

قال‏:‏ فلما بعث عمر بن الخطاب جيشه إلى الشام قال للأمير على الجيش‏:‏ إن ظفرت بليلى بنت الجودي عنوة فادفعها إلى عبد الرحمن بن أبي بكر، فظفر بها فدفعها إليه فأعجب بها وآثرها على نسائه حتى جعلن يشكونها إلى عائشة، فعاتبته عائشة على ذلك‏.‏

فقال‏:‏ والله كأني أرشف بأنيابها حب الرمان، فأصابها وجع سقط له فوها، فجفاها حتى شكته إلى عائشة، فقالت له عائشة‏:‏ يا عبد الرحمن، لقد أحببت ليلى فأفرطت، وأبغضتها فأفرطت، فإما أن تنصفها، وإما أن تجهزها إلى أهلها‏.‏

قال الزبيري‏:‏ وحدثني عبد الله بن نافع، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال‏.‏

إن عمر بن الخطاب نفل عبد الرحمن بن أبي بكر ليلى بنت الجودي حين فتح دمشق، وكانت ابنة ملك دمشق - يعني‏:‏ ابنة ملك العرب الذين حول دمشق - والله أعلم‏.‏



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق