إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 2 مايو 2014

569 تاريخ الخلفاء الراشدين (4)سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ? شخصيته وعصره دراسة شاملة الفصل السابع: موقف أمير المؤمنين علي من الخوارج والشيعة المبحث الأول : الخوارج سابعًا: من أهم صفات الخوارج أهم مظاهر الغلو في العصر الحديث:


569

تاريخ الخلفاء الراشدين (4)سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ? شخصيته وعصره دراسة شاملة

الفصل السابع: موقف أمير المؤمنين علي من الخوارج والشيعة

المبحث الأول : الخوارج

سابعًا: من أهم صفات الخوارج

أهم مظاهر الغلو في العصر الحديث:

إن مظاهر الغلو في العصر الحديث كثيرة منها:

6- الشدة والعنف مع الآخرين:

من مظاهر الغلو حديثًا الشدة والعنف في التعامل مع الآخرين, واستخدامهما في غير محلهما, وكأن الأصل في التعامل مع الغير هو العنف والغلظة لا الرفق والرحمة, وهذه الشدة أصبحت هي الطابع الغالب على سلوك بعض الشباب, وقد تجاوز العنف حدود القول إلى العمل, فسفكت دماء بريئة بسببه ودمرت منشآت, ولقد تسبب هذا العنف في أضرار فادحة على أصحابه وعلى الأمة, وقد كانت هناك جملة أسباب رئيسية وراء استخدام بعض الشباب للعنف والشدة, والقسوة والغلظة, نستطيع أن نجملها فيما يلي:
- المحن: فكثير من هؤلاء الشباب تعرضوا لمحن شتى, أثرت في نفوسهم, وكان لذلك رد فعل شديد, فقابلوا العنف بالعنف, وغلب ذلك على طباعهم.

- الجهل بفقه الاحتساب: فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم الواجبات التي كلف الله بها هذه الأمة, وينبغي للقائم بها أن يكون فقيهًا فيها ليتمكن من تحقيق المصلحة واجتناب المفسدة بأيسر طريق, فهناك أمور ينبغي فقهها والعلم بها لمن يؤدي هذا الواجب منها: أن هذا الواجب قد يُؤدى تارة بالقلب, وتارة باللسان, وتارة باليد, والقلب واجب في كل حال, وبعض الناس قد يقع هنا في خطأ, فمنهم من يريد أن يأمر وينهى إما بلسانه وإما بيده مطلقًا, من غير فقه وحلم وصبر, ونظر فيما يصلح من ذلك وما لا يصلح, وما يقدر عليه وما لا يقدر, فيأتي بالأمر والنهي معتقدًا أنه مطيع في ذلك لله ولرسوله, وهو معتدٍ في حدوده( ), فلابد من العلم بالمعروف والمنكر والتمييز بينهما, ولابد من العلم بحال المأمور والمنهي, ومن الصلاح أن يأتي بالأمر والنهي بالصراط المستقيم, وهو أقرب الطرق إلى حصول المقصود, ولابد في ذلك من الرفق ولابد أيضًا أن يكون حليمًا صبورًا على الأذى, فإنه لابد أن يحصل له أذى, فإن لم يحلم ويصبر كان يفسد أكثر مما يصلح, فلابد من هذه الثلاثة: العلم والرفق, والصبر, والعلم قبل الأمر والنهي, والرفق معه, والصبر بعده, وإذا كان كل من الثلاثة مستصحبًا في هذه الأحوال. وقد ذكر القاضي أبو يعلى: لا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إلا من كان فقيهًا فيما يأمر به, فقيهًا فيما ينهى عنه( ), تلك بعض أمور من فقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, قد أدى الجهل بها وعدم مراعاتها إلى سلوك سبيل الشدة والعنف في الدعوة.

* ولقد استخدم بعض الشباب أسلوب الغلظة والقسوة في إرشاد الناس ومحاورتهم لهم, ودعوتهم لإقلاعهم عما يخالف الشرع, وظنوا أن طريق الشدة هي المجدية والرادعة, وغاب عنهم أن أسلوب الرفق هو الأصل ولا يترك إلا بعد أن تستنفد وسائله, لأنه هو المجدي النافع, المؤثر في النفس, أما الشدة فإنها تنفر في غالب الأحيان, وتحمل المخالف على الإصرار, ومن العجب أن هؤلاء لم يفرقوا بين المخالف عن علم, والجاهل الذي لا يدري, ولا بين الداعية للبدعة والضحية المضلل المخدوع, ولا بين المنكر المختلف فيه والمتفق عليه, ومن الأسباب الغليظة التي يسلكها بعض هؤلاء: الخشونة في معاملة الوالدين, فلا يقيم لهما حرمة, ولا يعاونهما ولا يخدمهما, لقد نسي هؤلاء أن الوالدين لهما خصوصيات عن سائر الناس لاسيما في دعوتهما وإرشادهما, ولا يعني ذلك التنازل عن الالتزام والتمسك بأمر من أمو الدين أو ارتكاب معصية إرضاء لهواهما.. كلا... كلا إنما نريد الأدب في المعاملة, واللين في القول وحسن العشرة, والصبر عليهما والشفقة والرحمة بهما, قال تعالى: +وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ? وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" [لقمان: 15،14].

ولقد رأينا بعض الشباب يتخاذل عن معاونة الناس الذين خلطوا عملاً صالحًا وآخر سيئًا, فهؤلاء في نظرهم لا يستحقون أي خدمة, ولا كلمة طيبة, ولا مساعدة نافعة, فهؤلاء الشباب لم يتضح عندهم مفهوم الولاء والبراء وحدود كل منهما, فيطغى عندهم البراء على الولاء, ونسوا أن الخدمات الاجتماعية وسيلة ناجحة من وسائل الدعوة, لأنها عملية, فهي أبلغ تأثيرًا في الناس من القول, نسوا أن خشونتهم في المعاملة وتخليهم عن المساعدة يعمق الهوة بينهم, ويذهب بهؤلاء الناس إلى صفوف المنحرفين أعداء الدين.

ومن مظاهر العنف البالغة ما يفعله بعض هؤلاء من مجاوزة الغلظة بالقول إلى القتل وسفك الدم, دم العلماء, أو الجنود الأبرياء, أو المواطنين العزل, وأخيرًا فلا تعجب إذا علمت بعد ذلك أن أصحاب العنف هؤلاء, كثيرًا ما انقلب بعضهم على بعض, وتطاولت الألسنة وأحيانًا الأيدي, وذلك ليس بغريب إذا رجع الإنسان قليلاً لدراسة أحوال الفرق التي تركت كتاب الله وسنة رسوله × ومنهج السلف الصالح, فقد تناحرت تلك الفرق فيما بينها, وضلل بعضها بعضًا وكفر بعضها بعضًا.

وهكذا مصير من ترك المنهج الذي جاء به خاتم الأنبياء صلوات الله عليه وسلامه, إن الإسلام موقفه صريح من العنف والشدة في الدعوة ومعاملة الناس, قال تعالى آمرًا موسى وأخاه هارون: +اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ? فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى" [طه: 44،43], تلك هي توجيهات ربنا عز وجل لموسى وهارون عليهما السلام عند دعوة فرعون الطاغية, القول اللين في بيان الحق لأنه أجدى وأقرب لقبول الذكرى وإحداث الخشية, وقال سبحانه: +وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ? وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ" [فصلت: 35،34].

إن الداعية قد يلقى في طريقه ما يغضبه ويضايقه, وهو لاقيه لا محالة, فلابد أن يوطن نفسه على الصبر, ويحصنها بكظم الغيظ, والعفو عن الناس +يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاَةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ" [لقمان:17].

وينبغي للداعية أن يتجنب أسلوب الإثارة والاستفزاز, فيبتعد عن السباب والشتم +وَلاَ تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ" [الأنعام:108].

ولقد كثرت النصوص النبوية التي تؤكد وتركز على الالتزام بقاعدة الرفق, والبعد عن الشدة والعنف, قال × «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه, ولا ينزع من شيء إلا شانه»( ).
والرفق: هوالأصل في الدعوة, ليس معنى ذلك إلغاء الشدة بالكلية, لا, فالشدة لها مواضعها بعد استنفاد وسائل الرفق والصبر, والموفق من وفقه الله لإنزال كل في منزلته, وعصمه من هواه( ).




***


يتبع


انتهى الفصل السابع من الكتاب وان شاء الله سنتواصل مع الكتاب التالى ان اطال الله فى عمرى

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق