538
تاريخ الخلفاء الراشدين (4)سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ? شخصيته وعصره دراسة شاملة
الفصل السادس : معركته الجمل وصفين وقضية التحكيم
المبحث الثالث : التحكيم
خامسًا: هل يمكن الاستفادة من حادثة التحكيم في فض النزاعات بين الدول الإسلامية؟
يمكن الاستفادة من حادثة التحكيم في فض النزاعات بين الدول الإسلامية وذلك بتحمل قادة البلاد الإسلامية جميعًا مسئولياتهم ومن ورائهم الأمة الإسلامية التي يحكمونها في الضغط الجاد الصادق, على الطرفين المتنازعين, لكي يوقفا بينهما القتال, ويلجآ إلى التحكيم الشرعي في الإسلام فيرسل هذا الطرف حكمًا من قبله, وذلك حكمًا آخر من قبله أيضًا, للفصل في النزاع القائم وذلك على ضوء ما يلي:
1- تحديد صلاحيات الحكمين في إصدار الأحكام التي لابد منها لحل المشكلات التي هي سبب النزاع.
2- جعل مصادر التشريع الإسلامي هي المرجع الوحيد لإصدار تلك الأحكام والحلول التي تفصل في مسائل النزاع.
3- أخذ العهد على كل طرف من طرفي النزاع, وأخذ العهد على جميع قادة البلاد الإسلامية بقبول ما يصدره الحكمان من أحكام وحلول مشروعة لإنهاء النزاع الراهن على أنها واجبة التنفيذ بحكم الإسلام, وأن الخروج عليها, أو الرضا بذلك الخروج يترتب عليه الإثم شرعًا.
4- إذا أصدر الحكمان ما اتفقا عليه من أحكام, وحلول, وانقاد لها الطرفان المتنازعان قضي الأمر, وكفى الله المؤمنين القتال.
5- إذا رفض أحد الطرفين, أو كلاهما الانقياد لقضاء الحكمين, اعتبر الطرف الرافض هو الطرف الباغي, سواء صدر الرفض من أحدهما, أو من كليهما, ووجب شرعًا على القوات الإسلامية في الأقطار الأخرى أن تضع نفسها تحت تصرف ما يصدره الحكمان من قرارات عسكرية, من أجل التدخل لحسم النزاع بالقوة, على وجه لا تترتب عليه أضرار ومخاطر هي أكبر من ضرر النزاع القائم.
6- ويكون من صلاحيات الحكمين بالاتفاق إصدار القرارات التي تخص كيفية تحريك القوات المسلحة في الأقطار الإسلامية الأخرى, من أجل حل النزاع القائم على ضوء ما سلف بيانه( ). ولعل اللجوء إلى مثل هذه الطريقة في حل المنازعات بين الأقطار, كفيل بسد الطريق على أية قوة خارجية تتدخل في نزاعات المسلمين بحجة أنَّ بعض أطراف النزاع دعاها إلى هذا التدخل.. ومن ثم تستغل هذه الفرصة, لكي تتآمر على المسلمين, فتعمل على تصعيد تلك النزاعات, وفرض الحل الذي يحلو لها, ويكون فيه مصلحتها فقط, وليعاني المسلمون, بعدئذ, من آثار ذلك الحل أسوأ مما كانوا يعانون من فتنة النزاع نفسها, فهذه المعاناة لا تهمها في شيء, لا , بل إن هذه المعاناة هي من جملة الاهتمامات التي فرضت من أجل تفجيرها ذلك الحل المشئوم؛ قلنا: لعل اللجوء إلى التحكيم, على نحو ما سلف بيانه, يسد الطريق في وجه تلك القوى الخارجية التي تبغي في صفوف المسلمين الفساد, هذا, وإن الصفة الإلزامية شرعًا للحل عن طريق التحكيم –الذي عرضناه- تستند إلى إجماع الصحابة, فقد أجمع الصحابة كلهم في عهد النزاع الذي نشب بين علي ومعاوية على اللجوء إلى التحكيم, والقبول به.. سواء في ذلك الصحابة الذين كانوا مع علي, والصحابة الذين كانوا مع معاوية, والصحابة الذين اعتزلوا الفريقين, كسعد بن أبي وقاص, وابن عمر, وغيرهما رضي الله عنهم أجمعين( ).
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق