532
تاريخ الخلفاء الراشدين (4)سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ? شخصيته وعصره دراسة شاملة
الفصل السادس : معركته الجمل وصفين وقضية التحكيم
المبحث الثالث : التحكيم
ثانيًا: سيرة عمرو بن العاص رضي الله عنه:
1- إسلامه:
نترك عمرو بن العاص, رضي الله عنه, يحدثنا عن إسلامه, فقد قال: لما انصرفنا مع الأحزاب من الخندق جمعت رجالاً من قريش, كانوا يرون رأيي ويسمعون مني, فقلت لهم: تعلمون والله أني أرى أمر محمد يعلو الأمور علوًا منكرًا, وإني رأيت أمرًا, فما ترون فيه؟ قالوا: وماذا رأيت؟ قال: رأيت أن نلحق بالنجاشي, فإنا أن نكون تحت يديه أحب إلينا أن نكون تحت يدي محمد, وإن ظهر قومنا فنحن من قد عرفوا, فلن يأتينا منهم إلا خيرًا, قالوا: إن هذا الرأي, قلت: فاجمعوا لنا ما نهديه له, وكان أحب ما يهدى إليه من أرضنا الأدم( ), فجمعنا له أدمًا كثيرًا ثم خرجنا حتى قدمنا عليه, فوالله إنا لعنده إذ جاءه عمرو بن أمية الضمري, وكان رسول الله × قد بعثه إليه في شأن جعفر وأصحابه, قال: فدخل عليه, ثم خرج من عنده, قال: فقلت لأصحابي: هذا عمرو بن أمية الضمري, لو دخلت على النجاشي, وسألته إياه فأعطانيه, فضربت عنقه, فإذا فعلت ذلك رأت قريش أني أجزأت عنها( ), حيث قتلت رسول محمد, قال: فدخلت عليه, فسجدت له كما كنت أصنع, فقال: مرحبًا صديقي, أهديت إلي من بلادك شيئًا؟ قال: نعم, أيها الملك, قد أهديت إليك أدمًا كثيرًا, قال: ثم قربته إليه فأعجبه واشتهاه, ثم قلت له: أيها الملك إني قد رأيت رجلاً خرج من عندك وهو رسول رجل عدو لنا, فأعطنيه لأقتله, فإنه قد أصاب من أشرافنا وخيارنا, قال: فغضب, ثم مد يده, فضرب بها أنفه ضربة ظننت أنه قد كسره, فلو انشقت لي الأرض لدخلت فيها فرقًا منه, ثم قلت له: أيها الملك, والله لو ظننت أنك تكره هذا ما سألتكه, قال: أتسألني أن أعطيك رسول رجل يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى لقتله؟ قال: قلت: أيها الملك, أكذلك هو؟ قال: ويحك يا عمرو أطعني واتبعه, فإنه والله لعلى الحق, وليظهرن على من خالفه كما ظهر موسى على فرعون وجنوده, قال: قلت: أفتبايعني له على الإسلام؟ قال: نعم, فبسط يده فبايعته على الإسلام, ثم خرجت إلى أصحابي, وقد حال رأيي عما كان عليه, وكتمت على أصحابي إسلامي, ثم خرجت عامدًا إلى رسول الله لأسلم, فلقيت خالد بن الوليد, وذلك قبيل الفتح, وهو مقبل من مكة, فقلت: أين يا أبا سليمان؟ قال: والله لقد استقام المنسم( ), وإن الرجل لنبي, أذهب والله فأسلم, فحتى متى؟ قال: قلت: والله ما جئت إلا لأسلم. قال: فقدمنا المدينة على رسول الله ×, فتقدم خالد بن الوليد فأسلم وبايع, ثم دنوت, فقلت: يا رسول الله ×, إني أبايعك على أن يُغفر لي ما تقدم من ذنبي, ولا أذكر ما تأخر, قال: فقال رسول الله ×: «يا عمرو بايع, فإن الإسلام يجُبُّ ما كان قبله, وإن الهجرة تجب ما كان قبلها», قال: فبايعته ثم انصرفت( ). وفي رواية قال:... فلما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النبي × فقلت: ابسط يمينك فلأبايعك, فبسط يمينه, قال: فقبضت يدي, قال: «ما لك يا عمرو؟» قال: قلت: أردت أن أشترط. قال: «تشترط بماذا؟» قلت: أن يغفر لي. قال: «أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله, وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها, وأن الحج يهدم ما كان قبله؟» ( ).
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق