إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 2 مايو 2014

529 تاريخ الخلفاء الراشدين (4)سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ? شخصيته وعصره دراسة شاملة الفصل السادس : معركته الجمل وصفين وقضية التحكيم المبحث الثالث : التحكيم أولاً: سيرة أبى موسى الأشعري: 2- مكانة أبى موسى عند عمر بن الخطاب رضي الله عنهما:


529

تاريخ الخلفاء الراشدين (4)سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ? شخصيته وعصره دراسة شاملة

الفصل السادس : معركته الجمل وصفين وقضية التحكيم

المبحث الثالث : التحكيم

أولاً: سيرة أبى موسى الأشعري:

2- مكانة أبى موسى عند عمر بن الخطاب رضي الله عنهما:

كان أبو موسى من ضمن أعمدة الدولة في عهد عمر، وكان قائدًا للجيوش في فتح قم وقاثان( ), وموقعة تستر( ), كما كان من مؤسسي المدرسة البصرية في عهد الفاروق وكان يعد من أعلم الصحابة، وقد قدم البصرة، وعلّم بها( ), وقد تأثر بعمر بن الخطاب، رضي الله عنهما، وكان بينهما مراسلات – سنأتي عليها عند حديثنا عن مؤسسة الولاة والقضاة – وكان أبو موسى، رضي الله عنه، قد اشتهر بالعلم والعبادة والورع والحياء، وعزة النفس وعفتها، والزهد في الدنيا والثبات على الإسلام، ويعد أبو موسى، رضي الله عنه، من كبار علماء الصحابة وفقهائهم ومفتيهم، فقد ذكره الذهبي في تذكرة الحفاظ في الطبقة الأولى من الصحابة، رضي الله عنهم، كان عالمًا عاملاً صالحًا تاليًا لكتاب الله، إليه المنتهى في حسن الصوت بالقرآن، روى علمًا طيبًا مباركًا، أقرأ أهل البصرة وأفقههم، وقد كان رضي الله عنه كثير الملازمة للنبي ×، كما أنه تلقى من كبار الصحابة كعمر وعلى وأبىّ بن كعب وعبد الله بن مسعود، وتأثر أبو موسى على وجه الخصوص بعمر بن الخطاب كثيرًا، وكان عمر يتعهده بالوصايا والكتب في أثناء ولايته الطويلة على البصرة، كما أن أبا موسى كان يرجع إلى عمر في كل ما يعرض له من القضايا، حتى عده الشعبي واحدًا من أربعة قضاة، هم أشهر قضاة الأمة، فقال: قضاة الأمة: عمر، وعلى، وزيد بن ثابت، وأبو موسى( ), وكان أبو موسى عندما يأتي المدينة يحرص على مجالس عمر، رضي الله عنهما، وربما أمضى جزءًا كبيرًا معه، فعن أبى بكر بن أبى موسى أن أبا موسى رضي الله عنه أتى عمر بن الخطاب بعد العشاء فقال له عمر: ما جاء بك؟ قال: جئت أتحدث إليك، قال: هذه الساعة؟ قال: إنه فقه. فجلس عمر فتحدثا طويلاً، ثم إن أبا موسى قال: الصلاة يا أمير المؤمنين، قال: إنا في صلاة( ). وكما كان أبو موسى حريصًا على طلب العلم والتعليم كان حريصًا على نشر العلم وتعليم الناس وتفقيههم، وكان يحض الناس على التعلم والتعليم في خطبه، فعن أبى المهلب قال: سمعت أبا موسى على منبره وهو يقول: من علمه الله علمًا فليعلمه، ولا يقولن ما ليس له به علم، فيكون من المتكلفين، ويمرق من الدين( ), وقد جعل أبو موسى مسجد البصرة مركز نشاطه العلمي، وخصص جزءًا كبيرًا من وقته لمجالسه العلمية، ولم يكتف بذلك، بل كان لا يدع فرصة تمر دون أن يستفيد منها في تعليم الناس وتفقيههم، فإذا ما سلّم من الصلاة استقبل، رضي الله عنه، الناس، وأخذ يعلمهم ويضبط لهم قراءتهم للقرآن الكريم، قال ابن شوذب: كان أبو موسى إذا صلى الصبح استقبل الصفوف رجلاً رجلاً يقرئهم( ), واشتهر أبو موسى بين الصحابة بجمال صوته، وحسن قراءته، فكان الناس يجتمعون عليه حين يسمعونه يقرأ، وكان عمر، رضي الله عنه، إذا جلس عنده أبو موسى طلب منه أن يقرأ له ما يتيسر له من القرآن( ), وقد وفقه الله لتعليم المسلمين، وبذل رضي الله عنه كل ما يستطيع من جهد في تعليم القرآن ونشره بين الناس في كل البلاد التي نزل فيها، واستعان بصوته الجميل وقراءته الندية فاجتمع الناس عليه، وازدحم حوله طلاب العلم في مسجد البصرة، فقسمهم إلى مجموعات وحلق، فكان يطوف عليهم يسمعهم ويستمع منهم ويضبط لهم قراءتهم( ), فكان القرآن الكريم شغله الشاغل، رضي الله عنه، صرف له معظم أوقاته في حله وفي سفره، فعن أنس بن مالك قال: بعثني الأشعري إلى عمر، رضي الله عنه، فقال عمر: كيف تركت الأشعري؟ فقلت له: تركته يعلم الناس القرآن، فقال: أما إنه كيَّس( ), ولا تُسمعها إياه( ). حتى عندما كان يخرج إلى الجهاد كان يعلم ويفقِّه، فعن حطّاب بن عبد الله الرقاشى قال: كنا مع أبى موسى الأشعري رضي الله عنه في جيش على ساحل دجلة، إذ حضرت الصلاة، فنادى مناديه للظهر، فقام الناس للوضوء، فتوضأ ثم صلى بهم، ثم جلسوا حلقًا، فلما حضرت العصر نادى منادى العصر، فهبَّ الناس للوضوء أيضًا فأمر مناديه: لا وضوء إلا على من أحدث.

وأثمرت جهوده العلمية، رضي الله عنه، وقرت عينه برؤية عدد كبير حوله من حفاظ القرآن الكريم وعلمائه، زاد عددهم في البصرة وحدها على ثلاثمائة، ولما طلب عمر بن الخطاب من عماله أن يرفعوا إليه أسماء حفاظ القرآن لكي يكرمهم ويزيد عطاءهم، فكتب إليه أبو موسى أنه بلغ من قبلي ممن حمل القرآن ثلاثمائة وبضعة رجل( ), واهتم أبو موسى، رضي الله عنه، بتعليم السنة وروايتها، فروى عنه عدد من الصحابة وكبار التابعين. قال الذهبي – رحمه الله-: حدّث عنه بريدة بن الحصيب، وأبو إمامة الباهلى، وأبو سعيد الخدري، وأنس بن مالك، وطارق بن شهاب، وسعيد بن المسيب، والأسود بن يزيد، وأبو وائل شقيق بن سلمة، وأبو عثمان النهدي وخلق سواهم( ), وكان رضي الله عنه شديد التمسك بسنة النبي ×، دلَّ على ذلك مسيرته في الحياة وما أوصى به أولاده عند موته، ومع حرصه الشديد على السنة لم يكثر، رضي الله عنه، من رواية الأحاديث الشريفة كما هو حال كبار الصحابة، رضي الله عنهم، فقد كانوا يتهيبون من الرواية عن النبي ×، وكان من المقربين لأبى موسى في البصرة أنس بن مالك ويعتبر من خواصه، فعن ثابت عن أنس قال: كنا مع أبى موسى في مسير، والناس يتكلمون ويذكرون الدنيا، قال أبو موسى: يا أنس إن هؤلاء يكاد أحدهم يفري الأديم بلسانه فريًا، فتعال فلنذكر ربنا ساعة، ثم قال: ما ثبر الناس – ما بطأ بهم-؟ قلت: الدنيا والشيطان والشهوات، قال: لا، لكن عُجِّلت الدنيا وغُيِّبت الآخرة، أما والله لو عاينوها ما عدّلوا ولا بدّلوا( ). ولثقة أبي موسى بأنس فقد كان يكلفه أن يكون رسوله إلى أمير المؤمنين عمر، قال أنس: بعثني أبو موسى الأشعري من البصرة إلى عمر فسألني عن أحوال الناس، وبعد موقعة تستر أرسله أبو موسى إلى عمر بالأسرى والغنائم فقدم على عمر بصاحبها الهرمزان( ).



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق