528
تاريخ الخلفاء الراشدين (4)سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ? شخصيته وعصره دراسة شاملة
الفصل السادس : معركته الجمل وصفين وقضية التحكيم
المبحث الثالث : التحكيم
أولاً: سيرة أبى موسى الأشعري:
1- أوسمه الشرف التي وضعها رسول الله × على صدر أبى موسى:
أ- لكم الهجرة مرتين، هاجرتم إلى النجاشي، وهاجرتم إلىَّ:
عن أبى موسى، قال: خرجنا من اليمن في بضع وخمسين من قومي ونحن ثلاثة إخوة: أنا، وأبو رُهْم، وأبو عامر، فأخرجتنا سفينتنا إلى النَّجاشي، وعند جعفر وأصحابه، فأقبلنا حين افتتحت خيبر، فقال رسول الله ×: «لكم الهجرة مرتين: هاجرتم إلى النجاشي وهاجرتم إلىَّ»( ), وعن أنس قال: قال رسول الله ×: «يقدم عليكم غدًا قوم هم أرق قلوبًا للإسلام منكم».
فقدم الأشعريون؛ فلما دنوا جعلوا يرتجزون:
غدًا نلقي الأحبة
محمدًا وحزبه
فلما قدموا تصافحوا، فكانوا أول من أحدث المصافحة( ).
ب- هم قومك يا أبا موسى:
عن عياض الأشعري قال: لما نزلت: +فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ" [المائدة:54]. قال رسول الله ×: «هم قومك يا أبا موسى»، وأومأ إليه( ).
جـ- اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه وأدخله يوم القيامة مدخلاً كريمًا:
عن أبى موسى قال: لما فرغ رسول الله × من حنين بعث أبا عامر الأشعري على جيش أوطاس، فلقي دريد بن الصمة فقتل دريد، وهزم الله أصحابه؛ فرمى رجل أبا عامر في ركبته بسهم فأثبته( ). فقلت: يا عم، من رماك؟ فأشار إليه. فقصدت له، فلحقته، فلما رآني، ولى ذاهبًا، فجعلت أقول له: ألا تستحي؟ ألست عربيًا؟ ألا تثبت؟ قال: فكفَّ، فالتقيت أنا وهو فاختلفنا ضربتين، فقتلته، ثم رجعت إلى أبى عامر، فقلت: قد قتل الله صاحبك، قال: فانزع هذا السهم. فنزعه فنزا منه الماء. فقال: يا ابن أخي، انطلق إلى رسول الله × فأقرئه منى السلام، وقل له يستغفر لي. واستخلفني أبو عامر على الناس، فكمث يسيرًا، ثم مات. فلما قدمنا، وأخبرت النبي ×، توضأ، ثم رفع يديه، ثم قال: اللهم اغفر لعبيد ابن أبى عامر. حتى رأيت بياض إبطيه، ثم قال: اللهم اجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك. فقلت: ولى يا رسول الله؟ فقال: اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه وأدخله يوم القيامة مدخلاً كريمًا( ).
د- إن هذا قد ردَّ البشري فاقبلا أنتما:
عن أبى موسى، قال: كنت عند رسول الله × بالجعرانة( ) فأتى أعرابي فقال: ألا تنجز لي ما وعدتني؟ قال: أبشر. قال: قد أكثرت من البشري. فأقبل رسول الله علىّ وعلى بلال. فقال: إنّ هذا قد ردَّ البشري فاقبلا أنتما.فقالا: قبلنا يا رسول الله، فدعا بقدح، فغسل يديه ووجهه فيه، ومجّ فيه، ثم قال: اشربا منه، وأفرغا على رءوسكما ونحوركما، ففعلا، فنادت أم سلمه من رواء الستر: أن فضلا لأمكما، فأفضلا لها منه( ).
هـ- لقد أُعطى مزمارًا من مزامير آل داود:
عن ابن بريدة عن أبيه قال: خرجت ليلة من المسجد، فإذا النبي × عند باب المسجد قائم، وإذا رجل يصلى، فقال لي: يا بريدة، أتراه يُرائي؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: بل هو مؤمن منيب، لقد أعطى مزمارًا من مزامير آل داود. فأتيته فإذا هو أبو موسى الأشعري؛ فأخبرته( ).
و- يا عبد الله بن قيس، ألا أدلك على كلمة من كنوز الجنة؟: عن أبى موسى الأشعري قال: كنا مع النبي × في سفر، وكان القوم يصعدون ثنية أو عقب، فإذا أصعد الرجل قال: لا إله إلا الله، والله أكبر – أحسبه قال: بأعلى صوته – ورسول الله × على بغلته يعترضها في الجبل، فقال: أيها الناس، إنكم لا تنادون أصمَّ ولا غائبًا، ثم قال: يا عبد الله بن قيس – أو يا أبا موسى – ألا أدلك على كلمة من كنوز الجنة؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: قل: لا حول ولا قوة إلا بالله( ).
ز- يسَّرا ولا تعسَّرا وتطاوعا ولا تُنفرا: استعمل رسول الله × أبا موسى على زبيد وعدن( ) وأرسله مع معاذ إلى اليمن، فعن أبى موسى أن النبي × لما بعثه ومعاذا إلى اليمن، قال لهما: يَسَّرا ولا تُعسَّرا وتطاوعا ولا تنفرا، فقال له أبو موسى: إن لنا بأرضنا شرابًا، يصنع مع العسل يقال له التبغ، ومن الشعير يقال له: المزر، قال: كل مسكر حرام، فقال لي معاذ: كيف تقرأ القرآن؟ قلت: أقرأه في صلاتي، وعلى راحلتي، وقائمًا وقاعدًا، أتفوقه تفوقًا، يعنى شيئًا بعد شيء، قال: فقال معاذ: لكني أنام ثم أقوم، فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي، قال: وكأن معاذًا فُضِّل عليه( ).
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق